مواد كيميائية في الاستخدامات الشخصية

بقدر ما قدمت التكنولوجيا الحديثة للإنسان العصري فوائد جمة بقدر ما أضرته وتسبّبت له في الكثير من الأمراض الخطرة، التي يزداد شيوعها الآن؛ فعبقرية الإنسان التي ساعدته على اكتشاف المواد الكيميائية وتطويعها لصالحه في الاستخدامات الشخصية، لم تكن تدري أنها  قنابل موقوتة في منزله؛ حيث كشفت دراسة طبية حديثة أنَّ بعض المواد المضافة إلي الكثير من أنواع غسول اليد السائل المختلفة وغيرها، والتي تُعدّ من المنتجات المستخدمة في المنزل، تتسبب في الإصابة بمرض السرطان.

ومن الشائع تواجد مادة التريكلوسان المضادة للميكروبات في مكونات الصابون، والشامبو، ومعجون الأسنان وغيرها من المواد المنزلية، وعلى الرغم من  استخدامها بكثرة، صنفها الباحثون ضمن المواد المسبِّبة في عواقب وخيمة وخطيرة بعد التعرض لها لفترات طويلة.

وتعتبر مادة التريكلوسان واحدة من بين سبعة مكونات يتم اكتشاف أثرها  في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية.

غير أنَّ الباحثين شددوا على أنَّ النتائج التي خلصوا إليها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالبشر، بفضل العمليات التي لاحظوها أثناء إجراء الدراسة, ويتم فحص مادة التريكلوسان  من قِبل  إدارة الأغذية والعقاقير في الولايات المتحدة الأميركية؛ نتيجة للعديد من التقارير التي صدرت وتشير إلى أنَّ هذه المواد تسهم في الإخلال بعمل الهرمونات وتقلص العضلات.

وعبّر الخبراء عن مخاوفهم نظرًا إلى انتشار استخدام المادة السالف ذكرها في العديد من مستحضرات النظافة والمستحضرات المنزلية.

وأجريت عدة دراسات في الولايات المتحدة ووجدت آثارًا لتلك المادة في نحو  97% من عينات الألبان  المأخوذة من النساء المرضعات وغيرها من عينات البول لنحو 75% من الأشخاص.

وعلى مدار أربعة عقود كاملة من الأبحاث، لم تصل إدارة الأغذية والعقاقير في الولايات المتحدة إلي أي دليل على أنَّ التريكلوسان أحد المكونات النشطة في الصابون، وغسول الأيدي، والمناديل المبللة المضادة للبكتيريا، تؤثر على الصحة تأثيرًا إيجابيًا.

وتكمن المعضلة الرئيسية في استخدام الصابون المضاد للبكتريا في كون تلك المواد تستهدف القضاء على البكتيريا أكثر من القضاء على الفيروسات، التي تتسبب في الإصابة بالعدد الأكبر من الأمراض مثل: نزلات البرد والأنفلونزا، وبالتالي اتضح أنَّ الطريقة المثلى للقضاء على البكتيريا هو غسل اليدين بالصابون العادي؛ حيث أنَّ نوع الصابون المضاد للبكتريا يؤدي إلى أزمات صحية.

من ناحيته، أشار الطبيب في كلية سان دييغو للطب، جامعة كاليفورنيا، روبرت تركي  إلى أنَّ "التعرض لمثل هذه المواد الكيميائية يشكل خطرًا فعليًا على الصحة؛ فمادة التريكلوسان على وجه الخصوص والتي تتزايد معدلات الكشف عن آثارها في العينات البيئية، فضلاً عن شيوع استخدامها على نحو متزايد في المنتجات الاستهلاكية، من الممكن لمنافعها وفوائدها المعتدلة أنَّ تنخفض، وبدلاُ من ذلك  من المحتمل أنَّ تزيد من احتمالات  الإصابة بتسمم الكبد عند البشر، مثلما حدث بعد تعرض الفئران لها ولاسيما حال مزجها مع مكونات ذات نشاطات مماثلة".

ووجد الدكتور تركي وزملاؤه أنَّ التريكلوسان تتسبب في خلل وظائف الكبد لدى  الفئران التي تتعرض لها لمدة ستة أشهر متواصلة، أي ما يعادل تقريبا 18 عامًا لدى الإنسان، وبالتالي أصبحوا أكثر عرضة لأورام الكبد الناجمة عن المواد الكيميائية.