ابتكار حقنة تتيح للقلوب المعطوبة التعافي من تلقاء نفسها

ذكر باحثون بريطانيون أنهم يعكفون على ابتكار حقنة تتيح للقلوب المعطوبة التعافي من تلقاء نفسها، موضحين أنّ هذه الحقنة يمكن أن تُعطى للمريض في عربة الإسعاف.

ويؤكد الباحثون من "إمبريال كوليدج" في لندن أنّ إعطاء ضحايا النوبات القلبية حقنة خلايا جذعية من شأنه أن يضلل القلب بحيث يجعله يشفي نفسه بنفسه، وبذلك يمكن إنقاذ حياة عشرات الآلاف من البشر، بخلاف التكنيكات الأخرى التي يُجرى اختبارها على مرضى القلب في المملكة المتحدة حاليًا، فإنّ الخلايا التي يعتزم الباحثون استخدامها تؤخذ من قلب المريض نفسه . وهذا ابتكار يعتقد الباحثون أنه يزيد فرص نجاح هذا التكنيك العلاجي الجديد.

وأوضح العلماء، أنهم اقتربوا من إنهاء إجراءات إجازة اختبار الحقنة على المرضى، وإذا نجحت التجارب على ضحايا النوبات القلبية، سيتمكن المسعفون والممرضون من إعطاء الحقنة للمريض بعد دقائق معدودة من تعرضه لنوبة قلبية وقبل وصول المريض إلى المستشفى.

وهذه الحقنة هي واحدة من طرق علاجية متعددة تدرسها مؤسسة القلب البريطانية باعتبارها جزءًا من مشروعها المسمى "ترميم القلوب المعطوبة"، والذي يتكلف ملايين الجنيهات، لتحسين طرق العناية في مرضى النوبات القلبية.

والهدف من هذا المشروع هو تقليل متاعب الفشل القلبي، وهي الحالة التي يضعف فيها القلب بسبب تعرضه للنوبة، أو سلسلة من النوبات، القلبية ويناضل لضخ الدم في الجسم.

ويعاني ملايين الناس حول العالم من الفشل القلبي الذي يجعل مهام حياتهم اليومية الاعتيادية مثل الأكل واللبس، وحتى مجرد النهوض من الفراش، مُرهقة وتسبب لهم متاعب في التنفس.

وتراوح علاجات الفشل والنوبات القلبية من العقاقير وحتى زراعة قلب اصطناعي، بيد أنّ الإحصاءات تشير إلى وفاة 40% من المصابين بالنوبات القلبية في غضون عام من تشخيص إصابتهم بها.

ويؤكد الأطباء أنّ المصابين بالفشل القلبي يتسمون بمعدلات نجاة تقل عن معدلات النجاة من كثير من السرطانات، ويسعى الأطباء في كل أرجاء العالم لتجريب استخدام الخلايا الجذعية التي تملك المقدرة على التحول لأنواع متعددة من الأنسجة، لتدعيم القلوب العليلة بيد أنّ الأغلبية منهم ركزت على خلايا تؤخذ من نخاع العظم، ولذلك ظل التطور في هذا المجال محدودًا.

ويعتقد فريق الباحثين في "إمبريال كوليدج" في لندن أنّ الخلايا الجذعية التي تؤخذ من القلب ستكون فرص نجاحها أفضل كثيرًا، وهذه الخلايا نادرة جدًا، إذ تبلغ نسبتها 300 في كل مليون خلية قلب طبيعية، وهذا يعني نقصا في القوة، أو الطاقة، اللازمة لإصلاح التلف الناجم من النوبة القلبية، بيد أنّ العلماء توصلوا إلى طريقة لاستخلاص هذه الخلايا من قلب المريض نفسه، ومن ثم إنمائها بأعداد كبيرة في المعمل، وحقنها مرة أخرى في القلب، وبمجرد وصولها للقلب، ترمم الحقنة النسيج المُنهك والمتداعي.

وبيّن العلماء أنّ التجارب التي أجريت على الفئران، أظهرت أنّ الخلايا الجذعية المأخوذة من قلوبها حفزت نمو نسيج وأوعية دموية جديدة.

وذكر العلماء أنّ النسخة البشرية من الحقنة تم تجريبها على الخنازير أيضًا، ويعتقد أنّ الباحثين أصبحوا الآن على مسافة عام أو عامين من التقدم لأخذ إذن من السلطات لاختبار هذا العلاج على المرضى، وفي حالة الحصول على إذن الاختبار، ستكون هذه التجربة الأولى من نوعها في بريطانيا.

وتؤكد داعمة المشروع إيثر رانتزن، التي قاوم زوجها الراحل ديزموند ويلكوكس مرض الفشل القلبي عدة أعوام، قائلة "إذا تعلمت القلوب كيف تشفي نفسها، سيتمكن الذين يلازمون أسرتهم، والأسرى في منازلهم ممن لا يستطيعون صعود الدرج أو الانخراط في أي نشاط بدني، من استعادة صحتهم وستتحسن حياتهم الأسرية كثيرًا، كما يسعى العلماء أيضًا إلى إيجاد طرق لمنع موت الخلايا خلال النوبة القلبية.

وتمول مؤسسة "ترميم القلوب" تجارب بحثية أخرى تشمل عقارًا يمكن تقديمه سلفًا للأشخاص المهددين بالنوبات القلبية، بالإضافة إلى رقع خلايا يمكنها تدعيم القلب.

ويصرح المدير الطبي لمؤسسة "ترميم القلوب" البروفيسور بيتر فيسبرغ بالرغم من إننا تمكنا من منع النوبات القلبية، ومعالجة من يتعرضون لنوبة قلبية عند حدوثها، إلا أننا لم نتمكن من منع التلف الذي يحدث عند حدوث النوبة القلبية.

وأوضح قائلًا "أنّ السبب الذي يجعلنا نصدر كل هذا الضجيج الآن، هو تطور العلم، وبلوغه مرحلة قد تمكن فيها من ابتكار خلايا قلبية جديدة لترميم القلب، مُشيرًا إلى أنّ هذا التطور كان يعد منذ 10 أعوام، مجرد خيال علمي.