الشارقة ـــ صوت الإمارات
"أثبت مرضى فصام ومعاقون ذهنياً أن الإرادة أقوى من المرض والإعاقة، وأنهم قادرون على خدمة مجتمعهم وترك بصمة خاصة لهم في تقديم الأعمال التطوعية لإسعاد الآخرين من الأصحاء، ما لاقى قبولاً كبيراً من مختلف شرائح المجتمع"، حسب مديرة إدارة دار واحات الرشد التابعة لدائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، أمينة الرفاعي، التي أشارت إلى أن "هذا يأتي ضمن خطة (العلاج بالعمل) لمساعدة هؤلاء المرضى على الاندماج في المجتمع".
العمل التطوعي لمنتسبي "واحات الرشد" يعد مؤقتاً إلى حين حصولهم على وظيفة دائمة تشعرهم بأنهم أفراد منتجون. وتحرص دار واحات الرشد على إشراك المنتسبين في برامج تطوعية عدة بلغت خلال العام الماضي 18 عملاً تطوعياً شارك فيها عدد من منتسبي الدار، معظمهم من المصابين بمرض الفصام، وحالات قليلة منهم مصابون بإعاقات ذهنية أو تأخر عقلي بسيط، وتراوح أعمارهم بين 18 و59 عاماً.
وبلغ عدد منتسبي الدار الذين شاركوا في الأعمال التطوعية العام الماضي 12 منتسباً (سبعة ذكور وخمس إناث)، وسهلت الدار لهم سبل المشاركة، إذ لم تضع لهم شروطاً سوى أن يكون المنتسب مستقراً نفسياً وصحياً، ولديه الرغبة في العمل التطوعي.
ووفق الرفاعي، فإن "ثمانية أشخاص من المشاركين مصابون بمرض الفصام، الذي لا تقل مدة الوصول إلى مرحلة الاستقرار الصحي فيه عن ثلاثة أشهر، أما علاجه فقد يستمر مدى الحياة، وفق طبيعة كل حالة، ومدى استجابتها للعلاج، إذ يخضع المريض لخطط علاجية تشارك فيها أسرته إلى جانب المختصين النفسيين والاجتماعيين في الدار".
ومن الأعمال التطوعية التي شارك فيها منتسبو الدار توزيع وجبات صائم خلال شهر رمضان في مساجد الإمارة، والمشاركة في برنامج "رمضان أمان"، وتوزيع إفطار الصائم على السائقين، وتوزيع المصاحف في المصليات وعلى السائقين في يوم زايد للعمل الإنساني، إضافة إلى تنظيف الشاطئ بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، وتوزيع المشروبات الباردة والوجبات الخفيفة على العمال في مقار عملهم، وتنظيف المساجد خلال شهر رمضان، وكذلك تنظيم فعاليات ومناسبات في يوم المعاق العالمي بنادي الثقة للمعاقين، إلى جانب مشاركات تطوعية أخرى.
وشاركوا ــ والكلام مازال على لسان الرفاعي ـ في معرض الكتاب، إذ تولوا عملية تنظيم وتسعير الكتب، وفعاليات قرية التراث بمهرجان دبي للتسوق، والاحتفال باليوم العالمي للعصا البيضاء، وقد أسهمت جهات عدة بالإمارة في إنجاح مشاركات منتسبي الدار في الأعمال التطوعية وفي دعمهم وتشجيعهم، من هذه الجهات مركز التطوع بدائرة الخدمات الاجتماعية، ومركز الإحسان الخيري، ونادي الثقة للمعاقين، ومدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، إضافة إلى متاحف الشارقة.
وحسب الرفاعي، فإن "مشاركة ذوي الإعاقة في الأعمال التطوعية المجتمعية تعد جزءاً من (العلاج بالعمل) الذي يكمن مفهومه في إمكانية ذوي الإعاقة للعمل والقيام بالأنشطة والمهارات المتعلقة بالعمل، بهدف تحسين تطور الشخص وزيادة استعداده للاستقلالية ومنع العجز الناتج عن الإعاقة، كما يركز على الكيفية التي يقضي بها الأفراد أوقاتهم كي ينجزوا الأدوار المنوطة بهم في الحياة ضمن بيئات متعددة، إذ يكمن دور خدمات العلاج في العمل في تحسين أداء الفرد والتغلب على جوانب القصور أو العجز الناتج عن الإصابة، كما يعمل (العلاج بالعمل) أيضاً على تحسين قدرة الفرد على أداء الواجبات والأعمال باستقلالية، ويحد من اعتماده على الآخرين".
ويسهم هذا النوع من العلاج في شغل أوقات فراغ المريض ويشعره بأنه فرد منتج بالمجتمع، فالعمل يخلق أثراً إيجابياً في الحالة الصحية بشكل عام، فيما يسهم العمل التطوعي الذي يؤديه منتسبو الدار في تطور الحالة الصحية لديهم، وفي دعم خطة دمجهم في المجتمع، وتفاعلهم مع غيرهم، ويرفع أيضاً معدل التواصل الاجتماعي الذي يؤدي إلى استقرار حالاتهم على المستويين الصحي والنفسي، إذ يُلاحظ عليهم بعد انتهائهم من المشاركة في أي عمل تطوعي الحماس والرغبة.
واعتبرت أن "العمل التطوعي لمنتسبي الدار يعد عملاً مؤقتاً إلى حين حصولهم على عمل دائم ووظيفة تشعرهم بأنهم أفراد منتجون، وجعلهم مؤهلين للدمج في المجتمع والالتحاق بحرفة أو وظيفة تشعرهم بدورهم الفاعل في الحياة".
وشددت على "ضرورة المساهمة في استمرار اتباع الخطة العلاجية، خصوصاً لمرضى الفصام، فبعض المرضى بعد تلقيه العلاج واستقرار حالته وتمكنه من الدمج الأسري، يسعى الأهل إلى وقف علاجه بالأدوية، ظناً منهم أنه لم يعد محتاجاً إليه، ما يسبب له انتكاسة حادة تفقده السيطرة على تصرفاته، وقد تصبح حالته أسوأ".