يموت كل عام 74 ألف شخص في بريطانيا بسبب مرض الشريان التاجي

يصف أحد المرضى  ويدعى دايفيد هارست تجربته مع انسداد الشرايين قائلا ان صحته كانت جيدة، فوالده توفي بنوبة قلبية بعمر 72 ولكنه لم يفكر أبدا انه كان في خطر، وظل يمارس التمارين الرياضية ويمشى ويذهب الى الصالة الرياضية ويركب الدراجة في الحدائق العامة بعد أن تقاعد أي قبل عشر سنوات.
وبدأ يشعر بعدم الراحة في صدره عند ممارسة التمارين الرياضية في خريف العام الماضي، وكان يعتقد انه ناجم عن عسر الهضم حتى قرر أن يزور الطبيب الذي أمر بإجراء رسم للقلب لتسجيل النشاط الكهربائي له، ولم يظهر التخطيط أي مشاكل، ولكن بالنظر الى ما حدث ما والده فقد حوله طبيبه الى اجراء اختبارات أخرى في عيادة الالم الصدري في المستشفى المحلي، وأجروا له هناك الأشعة السينية للأوعية الدموية للقلب مما بين ان واحدا من شرايينه على الجانب الايسر مغلقة بنسبة 96% مما يحد من تدفق الدم الى القلب، وأخبره الأطباء وقتها ان احتمالية معاناته من سكتة قلبية كان وشيكا، وانه انتبه الى العلامات المبكرة لفشل القلب، ولأن شرايينه الاخرى لم تكن مغلقة فقط علم أن هذه مشكلة وراثية، مما دفعه وزوجته جاكلين الى الشعور بصدمة كبيرة أسككتهما.


وكشف الاطباء انه بحاجة الى اجراء جراحة لاستعادة تدفق الدم الى القلب، وفي اليوم التالي التقى بجراح القلب المتخصص في مستشفى كينغز كوليدغ الدكتور رانجيت ديشباندي وقال انه سيجري عملية جراحية في القلب للشريان لإعادة توجيه الدم حول الانسداد.
وأجريت العملية التي استمرت في شباط/فبراير لمدة ساعتين، واكتشف المريض انهم استخدموا في عمليته تكنولوجيا ثلاثية الأبعاد جديدة، استخدم من خلالها الجراح كاميرا خاصة سمحت له بان يرى الانسداد الشرياني في القلب على شاشة ثلاثية الأبعاد بينما هو يرتدي نظارة ثلاثية الأبعاد.
واستطاع الجراح من خلال هذه التقنية رؤية القلب والشرايين المتضررة بشكل أكثر وضوحا وبدقة أكبر، وبالتالي أصبحت العملية أسهل وتأخذ وقتا أقل، مما يؤدي الى تعافي المريض بسرعة، وسرعان ما غادر ديفيد المستشفى مع القليل من الالم، وفي البادية اعطى عشر أنواع مختلفة من الادوية قللت الى أربعة فيما بعض من بينها الاسبرين لترقيق الدم وستاتين لخفض الكوليستول، ويتوقع أن يعود للياقته الكاملة عن قريب.
ويعمل جراح القلب رانجيت ديشباندي في مستشفي كلية سالفورد كينغ، ويقول أنه كل عام يموت في بريطانيا 74 ألف مريض بسبب مرض الشريان التاجي، بسبب تراكم الكولسترول والكالسيوم في الشرايين حتى تصبح ضيقة جدا مما يمنع الدم من الوصول الى عضلة القلب، ويمكن أن يؤدي ذلك الى ذبحة صدرية أن نوبة قلبية، وعادة ما تصلح المشكلة من خلال انابيب صغيرة تسمى دعامات توضع في الشرايين لفتحها، وفي حالة الانسداد الكبير فان الأطباء يخذون شريان من الذراع أو الساق لزراعته، ويجري حوالي 17 ألف شخص في بريطانيا كل عام هذه العملية، وبالرغم من أنها عملية فعالة الا أنها خطيرة جدا فهي تنطوي على فتح في الصدر، مما يسبب للمرضى الكثير من الالم وفترة نقاهة تصل الى سنة أشهر.
وبدأ الجراحون قبل بضع سنوات باستخدام التكنولوجيا الجديدة لاحداث ثقب صغير في الصدر يدخلون فيه كاميرا كي يروا شرايين الانسان، ومع تقنية ثلاثية الابعاد استطاع الأطباء تجاوز الرؤية المحدودة للتقنية ثنائية الأبعاد التي يمكن ان تنطوي على نسبة من الخطأ.



وكانت العملية الجراحة المفتوحة تستغرق بين ست ساعات الى أربع ساعات، ولكن تكنولوجيا الكاميرا ثلاثية الأبعاد سمحت للأطباء بأن يروا القلب وكأنهم يرونه بالأعين المجردة بدون مخاطر أو ألم اضافي مصاحب لقطع عظام الصدر.
ويوضح الطبيب العملية " ندخل أنبوب في صدر المريض عليه نوعان من الكاميرا بزاوية قائمة على بضعهما والتي تركب صورة فوق الاخر، وتنقل الصورة الى شاشة ثلاثية الأبعاد في غرفة العلميات، فيما نحن نرتدي نظارات ثلاثية الأبعاد لرؤيتها بشكل صحيح، هذه اصدارات متطورة مثل الأفلام ثلاثية الأبعاد، فأشعر تقريبا وكأني أمسك القلب بيدي من خلال امالة الأنبوب أو تدويره للحصول على صورة أفضل من جميع الزوايا."
وتقلل هذه التكنولوجيا وقت العملية الى النصف على الأقل، وتؤدي الى شفاء سريع للمريض يصل الى أسبوعين، مقارنة مع ستة الى ثمانية اسابيع باستخدام نفس التقنية مع كاميرا ثنائية الأبعاد، ويعزل الاطباء في لبداية رئة المريض من خلال أنبوب للتنفس ويخضعونه للتخدير العام ثم يدرجون الانبوب عبر شق قطر 5 ملم في مسافة بين أضلاعه الصدرية، وبعدها يصنعون فتحتين أخرتين للملقط وجهاز القطع، حتى يصلوا الى الشريان الداخلي ليقطعوه ويضموه الى الشريان المتضرر، ويغلقوا بعدها كل الشقوق.


واستخدمت التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد لمدة سنتين في بعض عمليات المرارة والبروستاتا ولكن هذه هي المرة الأولى التي تستخدم في عملية جراحية لشرايين القلب، وستساعد على الحد من طول العملية، ويمكن استخدمها في المستقبل في عمليات القلب المختلفة مثل اصلاح الصمامات وسد ثقوب القلب.
وتنطوي العملية على نسبة مخاطرة طفيفة أقل من 1% من السكتة الدماغية أو النوبة القلبية أو فشل الكلي أو الرئية والتي تؤدي الى الوفاة، وليس هناك أخطار للنزيف، ويشير جراح القلب الاستشاري في مستشفي رويال برومبتون في لندن جون بيبر " يجب أن يكون الجراحون حذرون في التعامل مع الشريان التاجي الأيسر، فان اجريت العملية بشكل صحيح فإنها تخدم لمدة 20 عاما، ولكن اذا لم تجرى بشكل صحيح فإنها تترك الكثير من المشاكل بما في ذلك النوبات القلبية، وتسهل التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد العملية وتجعلها دقيقة أكثر وبدون أي مخاطر اضافية"، وتكلف العملية 9 الاف جنيه استرليني في القطاع العام وحالي 15 ألف جنيه في القطاع الخاص.