الأطفال تدق ناقوس الخطر بشأن انتشار"الهيروين الرقمي للصغار"

كشف تحقيق نشره جهاز الرقابة "أوف كوم"، أنّ الأطفال البريطانيين الذين يمسكون بهواتفهم الذكية والتابلت والتليفزيونات لمدة 5 ساعات يوميًا أو أكثر مدمنون، وقد أشارت الأبحاث السابقة إلى أن ثلث الأطفال البريطانيين  تحت سن 5 سنوات لديهم هواتف ذكية وتابلت ويبدو الأمر أنه هاجس من الآباء والأمهات الذين يعتقدون أن امتلاك مثل هذه الأدوات يساعد على تنمية الطفل لكن على العكس وسط قلق متزايد بين الخبراء الطبيين.

 

وأطلقت الجمعية الأميركية لطب الأطفال، هذا الشهر مبادئ توجيهية مفصلة تربط وقت الشاشة بمخاطر تعرض الطفل لزيادة في الوزن مدى حياته واضطرابات في النوم ومشاكل في النمو وكلما زاد الوقت الذي يمضيه الآباء أمام الشاشات يفعل الأطفال الأمر نفسه، وهناك مجموعة من الأدلة تشير إلى أن هذا يكون له تأثير مدمر على صحة العقل والجسم، وتوصي الهيئات الصحية الآن في الولايات المتحدة بأنه لا يجب السماح للأطفال دون الثانية التعرض للشاشات أما الأطفال دون الخامسة فيسمح لهم بساعة واحدة فقط على مدار اليوم والأطفال دون سن 18 سنة يسمح لهم التعرض للشاشات بحد أقصى ساعتين ولا توجد مثل هذه المبادئ التوجيهية في بريطانيا، لذا إلى أي مدى يجب أن تكون قلقًا؟.

وأجرت صحيفة "ميل أون صنداي" حديثًا مع كبار الباحثين والآباء للمساعدة في تقرير ما إذا كان هذا هو الوقت المناسب لك ولأولادك لأن تغلقوا شاشاتكم قبل فوات الأوان...
وذكر الدكتور نيكولاس كارداراس -طبيب نفسي رائد في الولايات المتحدة ومتخصص في الإدمان ومستشار طبي في ديونز إيست هامبتون والتي تعد واحدة من أفضل وحدات إعادة التأهيل في العالم، كما أنه مؤلف الكتاب الذي نشر مؤخرًا تحت عنوان "جلو كيدز" حول كيفية أن إدمان الأطفال للشاشات هو اختطاف لأطفالنا- أن "وقت الشاشة هو الهيروين الرقمي للأطفال خاصة لمن هم دون العاشرة، ويتهمني البعض بإثارة الذعر من خلال مقارنة المواد المسببة للإدمان  مثل التبغ والمواد المخدرة لكنني عالجت مرضى يعانون من مشاكل جوهرية يمكنني أن أقول لكم إنه من الأصعب هو علاج شخص يعاني من إدمان رقمي فهو على عكس المواد المخدرة غير المشروعة فالشاشات موجودة في كل مكان، والأمر لا يتعلق فقط بالأطفال، فمتوسط الأعمار المدمنة لألعاب الفيديو هو 35 عامًا لكن الأطفال معرضون للخطر بشكل كبير من الشاشات لأن القشرة قبل الجبهية – مركز شخصيتنا- لا يكتمل نموها حتى وقت مبكر من سن 20".

وأظهر بحث نشره علماء في جامعة إنديانا أن المراهقين الذين لا يلعبون ألعاب الفيديو باستمرار ويلعبونه مرتين في الأسبوع ففي هذا الوقت القصير تظهر صور مختلفة للمخ قبل وبعد اللعب تظهر تغيرات في القشرة الأمامية تعكس إدمان المواد المخدرة، وإنني أحث الآباء على عدم الوقوع ضحية لجليس الأطفال الإلكتروني، ولدي توأم بالغ من العمر 9 أعوام ولا أسمح لهم بالاقتراب من شاشات مثل الآيباد، وانظروا إلى ستيف جوبز الذي منح أولاده طفولة فقيرة في الجانب التكنولوجي واسألوا أنفسكم لماذا".

وأشار الدكتور دونكان أستلي -عالم الأعصاب في وحدة الإدراك والعلوم الدماغية ومجلس البحوث الطبية في جامعة كامبرديج- إلى أنه "لا توجد هناك أدلة دامغة بأن استخدام الشاشات في حد ذاته له تأثير إيجابي أو سلبي كبير على الدماغ هذا لأنه من الصعب للغاية الدراسة في وسيلة رقابة مشددة حيث هناك الكثير من العناصر الأخرى التي سيكون لها تأثير متعلق بالمدة التي يقضيها الطفل أمام الشاشة وهذا قد يتضمن انضباط الوالدين ومستوى تعليمهم فعلى سبيل المثال الأمر مشابه بأن تكون مزيجًا بين هذه الأشياء التي تؤثرعلى نمو الدماغ، وهذا يحدث أيضًا بسبب أن قضاء الوقت أمام الشاشات قد يؤثر على الدماغ وهذا لا يعني شيئًا سيئًا. وتكشف الأبحاث أن ألعاب الفيديو على سبيل المثال يكون لها تأثير جيد على التركيز ومهارات الذاكرة، ولم أر أي بحث بشأن إدمان الأطفال للآيباد، ويمكن أن يصبح الأشخاص مدمنين لأي شيء إذا تعرضوا له بشكل كافي، ولأننا نعرف جميعًا أن الآيباد من الممكن أن يكون مفيدًا لأدمغة الأطفال الصغار ويستخدم علماء آخرون هذه الأجهزة لإنشاء تطبيقات للأطفال المصابين بالتوحد".

وفسرت سو بالمر -متخصصة أدبية وهي مدير مدرسة سابقًا ومؤلفة كتاب "الطفولة المسمومة" حول كيفية أن الحياة الحديثة تدمر أطفالنا- أن "الأطفال يحصلون اليوم على فرص أقل في يومنا هذا للمرور بتجارب  اللعب الحقيقي، وفي استفتاء أجري من قبل متاجر التجزئة على الإنترنت (Ao.com) كشف أن الأطفال يقضون متوسط ساعات يصل إلى 17 ساعة أسبوعيًا أمام الشاشات أي حوالي ضعف الوقت الذي يقضونه للعاب خارج المنزل، وهذا يثير القلق بشكل بالغ فالأطفال بحاجة إلى تجربة حقيقية وعالم حقيقي لفهم ذلك لا ليروه أمامهم على الشاشات، ونعرف من الأبحاث أن اللعب الحقيقي يطور الحياة في البداية وحل مشاكل المهارات وله الكثير من الصفات الإيجابية مثل المثابرة والمرونة العاطفية كما أنه مهم للمهارات الاجتماعية، ومن خلال لعب الأطفال معًا فإنهم يتعلمون أن يبقوا بجانب الآخرين وأن يكتشفوا كيف يشغلون عقولهم ويطورون التعاطف، وخلال السنوات السبع الأولى للطفل فهي تكون حيوية بشكل خاص للتعلم والتنمية فعلى  سبيل المثال على الأطفال في هذه المرحلة العمرية أن يتقنوا التنسيق البدني للحركات الكبيرة والصغيرة مثل تركيز عيونهم في المواقف  المختلفة، وقد تضاعف معدل قصر النظر بين الشباب في بريطانيا على مدار الـ50 سنة الماضية وهذا ارتبط كثيرًا بظهور الشاشات وأنا أعتقد أن هذه المأساة يجب أن تعالج على وجه السرعة".