لندن - كاتيا حداد
حصد مرض "سرطان القناة الصفراوية" النادر، المزيد من أرواح المحاربين السابقين الأميركين، ويمكن أن يرجع ذلك لفترة مشاركتهم في حرب فيتنام. وتسبب "الديدان المثقوبة الكبدية" هذا المرض الصامت، وهي ديدان تتواجد في السمك النيئ أو ناقص الطهي المنتشر في أرجاء قارة آسيا. ويناضل المحاربون القدامى لدى "إدارة شؤون المحاربين القدامى" لاعتراف بأن مرضهم ذا صلة بفترة خدمتهم العسكرية في فيتنام، ليحصلوا على تعويضات مناسبة، لكن أغلب محاولاتهم قوبلت بالرفض.
ويمكن دخول "الديدان المثقوبة الكبدية" جسم الإنسان، عن طريق تناول سمك المياه العذبة، سواء كان نيئ أو نص مطهي، وأن هذا النوع من الديدان يستوطن في أجزاء كبيرة من جنوب قارة آسيا بما في ذلك "فيتنام"، ويوجد بشكل رئيسي في الصين وكوريا الجنوبية. ويقدر عدد ضحايا تلك الديدان بنحو 25 مليون فرد. ومن المخيف أن السائحين للمناطق تلك معرضون أيضًا بخطر الإصابة بهذا المرض. "فالديدان المثقوبة الكبدية" تموت إذا تجمدت، وتبقى على قيد الحياة بفعل عمليتي "التخمير أو التحليل".
ويعدّ "سرطان الأوعية الصفراوية" نوعًا نادرًا، يصيب القناة الصفراوية في الجسم. وتعتبر "الديدان المثقوبة الكبدية" أحد عوامل الخطورة الشديدة المسببة للمرض، إضافة إلى فيروس B وC الكبديين، والتليف الكبدي، وحصوات القناة الصفراوية. وبعد دخول "الديدان المثقوبة الكبدية" جسم الإنسان، يمكن بعدها أن تعيش داخل القناة الصفراوية أكثر من 25 عامًا مسببة بعض الالتهابات والندبات، التي يمكن أن تؤدي بعد ذلك للإصابة بالسرطان. وهذا النوع من السرطان صعب علاجه، وتوفت العديد من الحالات بهذا المرض بعد أشهر قليلة من تشخيصه. فلا يلاحظ عادة على المريض من بداية المرض حتى مراحله المتقدمة، أي أعراض كاصفرار العينين – اليرقان - مثلًا.
ويعتبر "سرطان الأوعية الصفراوية" غير مألوفًا لأنه يمكن الوقاية منه في بعض الأحيان. فيمكن أن يقضي الدواء العادي على "الديدان المثقوبة الكبدية"، في مراحله الأولى، لكن هذا لا يجدي نفعًا بعد موت الديدان، وظهور الندوب في القناة الصفراوية. فالتدخل الجراحي ممكن في بعض الحالات، لكن تقدر نسبة البقاء على قيد الحياة في الخمس سنين الماضية بنحو 30 % فقط، وهذا ما قال به الدكتور جورج جوريز، المتخصص في أمراض الجهاز الهضمي. والمدهش أن البلاد المتضررة من هذا المرض كفيتنام ولاوس، لم تقم بإجراء أبحاث مكثفة لتحديد مدى الضرر. ويحتل شمال تايلاند النسبة الأعلى في العالم، بالإصابة بهذا المرض بنحو 84 حالة جديدة للمرض من بين 100 ألف شخص، وهذا يرجع إلى أكل طبق السمك النيئ الشعبي في تلك المناطق. وهذا المرض نادرًا في الولايات المتحدة الأميركية، وتقدر نسبة المصابين به كل عام بنحو 1.7 من بين كل 100 ألف شخص.
والجنود الذين شاركوا في حرب فيتنام، تناولوا السمك النيئ أو النصف نيئ، بعد أن نفدت مؤنهم أثناء الحرب، ويمكن أن يكون أصابهم مرض "الديدان المثقوبة الكبدية"، حيث ترك هذا المرض بدون علاج لتظهر بعد ذلك بعقود أعراض المرض عليهم. فبسبب أن هذا المرض نادر في الولايات المتحدة كانت التوعية به سيئة، فقد لا يعرف العديد من المحاربين القدامى وجه الصلة بين هذا المرض وخدمتهم العسكرية في فيتنام.
وفكل حالة من المحاربين القدامى تم إخضاعها للفحص الطبي كل على حدة، من قبل "إدارة شؤون المحاربين القدامى"، والآن الكرة في ملعب المحاربين القدامى، لأن يثبتوا لهم أن مرضهم بسرطان "القناة الصفراوية"، كان جراء خدمتهم العسكرية في فيتنام. وتقول "إدارة شؤون المحاربين القدامى" إن أقل من 700 حالة مشخصة بمرض "سرطان الأوعية الصفراوية"، تأكد إصابة بالمرض من خلال نظام الفحص الطبي لديهم في 15 سنة الماضية. وقدم عدد منهم مقدر بنحو 307 فقط ادعاءات، مطالبين بتعويضهم عن تلك الفترة التي قضوها في فيتنام، وهذا لأنهم لم يحذروا بخطورة علاقة تواجدهم هناك بهذا المرض. فعلى الرغم من اعتراف "إدارة شؤون المحاربين القدامى" بالعلاقة بين الإصابة بهذا المرض وقضاء المحاربين القدامى خدمتهم العسكرية في فيتنام، إلا أن غالبة الادعاءات - بنحو 3 حالات ادعاءات من 4 حالات- يتم رفضها.