تطوّر اختبار الدم بالتكنولوجيا الذكية لمرضى السرطان

معروف أن سرطان الرئة من أسوأ السرطانات على الإطلاق، فالمصاب به لا يكتشف إصابته إلا بعد فوات الأوان، كما أن تشخيصه يحتاج إلى أشهر عدة، وهو مرتفع التكلفة ومعقد، فآلات التشخيص مثل أجهزة التصوير المقطعي والماموجرام تكلف ملايين الدولارات، وتقدم في النهاية نتيجة تقريبية وغير دقيقة.

وكشفت دراسة حديثة أن اختبار الدم بالتكنولوجيا الذكية التي طورها العلماء لا يمكنه فقط اكتشاف المرض بسهولة بل يمكنه معرفة ما إذا كان سيعود مرة أخرى بعد عام من ظهوره على المسح، وذلك عن طريق عينة من الدم والتي تظهر ما إذا كان من المرجح أن تعود الأورام بعد الجراحة مما يسمح للأطباء للتغيير الجذري في طريقة علاج المرض.
وهي واحدة من التقنيات التي يعتقد الخبراء أنها سوف تحدث ثورة في علاج السرطان، والتي تحتوي على اختبارات حساسة تلتقط الحمض النووي الذي يصاب بالورم، مما يسمح للأطباء حساب شدته وفرصة عودته مرة أخرى بعد الجراحة.

وكشف خبراء في معهد فرانسيس كريك في لندن، أن الكروموسومات غير المستقرة داخل خلايا سرطان الرئة تزيد بشكل كبير من خطر عودة الأورام بعد الجراحة. وأظهرت الأبحاث المنشورة الليلة الماضية في مجلة نيو إنجلاند ومجلة الطب والطبيعة، وهما من أكثر المجلات المرموقة في العالم، أنها يمكن لهذه التقنية الكشف عن الانتكاس قبل الاختبار المعياري.

ووجد الباحثون أن المرضى الذين تحتوي أجسامهم على الكروموسومات غير المستقرة تزيد خطر الإصابة لديهم بعودة المرض، أربعة أضعاف المرضى العاديين، وحدد الاختبار عودة المرض مرة أخرى بدقة أكثر من 90%  قبل عام من تأكيد عمليات الفحص التقليدية للانتكاس.

ويأمل الخبراء في أن يسمح الاختبار للمرضى بتخطي جولات مرهقة من العلاج الكيماوي، أو تحذير الأطباء من استخدام علاجات أكثر مكافحة. إن الدراسات الجديدة التي تسمى اختبار "TRACERx" هي أول من ينظر إلى تطور السرطان في الوقت الراهن وبتفصيل كبير. وقال العلماء، والذين تمولهم مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، إن تشخيص المرضى يكشف إما انتكاس المرض مرة أخرى أو علاجه بعد الجراحة، ويمكنهم من تتبع وتحليل كيفية تطورمرضهم.

وقال رئيس الدراسة البروفيسور تشارلز سوانتون: "دراسة TRACERx هي أكبر أبحاث عن السرطان في المملكة المتحدة خاصة في سرطان الرئة، وللمرة الأولى كشفنا رؤى جديدة في كيفية تطور الأورام والتهرب من العلاج، وهو السبب الرئيسي لموت السرطان".

وأضاف: "نحن نعتقد بأن هذه البيانات التي كشفت عنها TRACERx سيتم الحصول عليها من قبل فرق البحث في جميع أنحاء العالم، مما يساعدنا على الإجابة عن مزيد من الأسئلة حول علم سرطان الرئة".أجرى الفريق دراستين، في كل منهما 100 مريض مصاب بسرطان الرئة، ووجدوا أن الكروموسومات غير المستقرة هي القوة الدافعة وراء التنوع الجيني داخل الأورام.

كما كشفوا أن الأورام الوراثية هي أكثر عرضة للتطور والانتشار، وأن تصبح مقاومة للعلاج المخدر، مما يجعل سرطان المريض أصعب استجابة للعلاج. وقالت الدكتورة مريم جمال حنجاني، من كلية لندن الجامعية إن "تحديد العلاقة بين التنوع داخل الأورام وبقاء المريض على قيد الحياة هو أحد الأهداف الأساسية لـTRACERx، لذا فإن العثور على أدلة على ذلك في وقت مبكر من الدراسة مشجع جدا".

وأضافت: "تسمح لنا أيضا بتحديد أسباب الإصابة بسرطان الرئة، وتوفر لنا نظرة ثاقبة للعمليات البيولوجية التي تشكل تطور المرض". وتقوم فرق بحثية أخرى في بريطانيا ودول أخرى بتجارب مماثلة لاختبارات سرطان الثدي وسرطان البروستاتا وسرطان الدم. وقال الدكتور كريستوفر أبوش، من كلية لندن الجامعية: "يمكن لهذه التقنية أن تقدم للمرضى في المستقبل العلاجات الشخصية التي تستهدف أجزاء من السرطان المسؤولة عن الانتكاس بعد الجراحة، وباستخدام الحمض النووي للورم يمكننا التعرف على علاج المرضى حتى لو لم تكن لديهم علامات واضحة من المرض، وأيضا مراقبة عمل العلاج بشكل جيد، وهذا يمثل أملا جديدا لمكافحة انتكاس سرطان الرئة بعد الجراحة، والذي يحدث إلى نسبة كبيرة من المرضى".

وقالت باولا تشادويك، المديرة التنفيذية لمؤسسة "روى كاستل" لسرطان الرئة، إن هذا يعد تطورا كبيرا في اختبارات سرطان الرئة، ويعد أكبر فرصة للكشف عن تكرار حدوث المرض بعد الجراحة وقبل فترة طويلة من إجراء الاختبار التقليدي، مما يعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة في أسرع وقت، وإعطاء فرص أكبر للعلاج بشكل فعال. وأضافت أن "هذا العمل الرائد يؤدي في النهاية إلى أساليب تشخيص جديدة وعلاجات جديدة، مما يعطي أملا جديدا لمرضى سرطان الرئة".