العقيد خالد السميطي

كشف خبراء أدلة جنائية في شرطتي دبي وأبوظبي عن ضبط "مخدرات مغشوشة" بحوزة مدمنين، تبين من خلال فحصها أنها لا تحتوي على أية مواد مخدرة، وأنهم تعرضوا للاحتيال عند شرائها.
وأوضحوا أنه عند فحص عقاقير مخدرة مثل "كبتاجون" تبين أنها عبارة عن "باندول" أو حبوب تحوي "باراسيتامول" التي تدخل عادة في تركيبة أدوية البرد، وخالية كلياً من مادة الإمفيتامينات المحظورة، مشيرين إلى ضبط كمية من الهيروين مع أحد الأشخاص وبفحصها تبين أنها مجرد مكملات غذائية ومسحوق عادي ليس له علاقة بالهيروين المخدر.
وأضافوا على هامش ملتقى "حماية" الذي نظمته شرطة دبي أخيراً، أن هذه العينات دليل قاطع على خطورة الخلطات التي تدخل في تصنيع المخدرات، إذ بإمكان مصنّعيها إضافة مواد سامة تسبب مضاعفات خطرة للمتعاطين وقد تصل إلى الوفاة، لافتين إلى حصول متهمين على أحكام بالبراءة بعد ثبوت خلوّ الكميات التي عثرت بحوزتهم من المواد الفعالة في المخدرات لكنهم أصيبوا بصدمة عند اكتشاف ذلك.
وذكر مدير الشؤون الفنية الخبير الكيميائي بالإدارة العامة للأدلة الجنائية في شرطة دبي، العقيد خالد السميطي، إن مصنّعي المواد المخدرة يدركون جيداً أن زبونهم لا يمكنه الشكوى باعتباره متورطاً في تصرف غير قانوني؛ لذا يلجأون أحياناً إلى الغش في المواد التي يبيعونها.
وذكر قصة شخص ضبط بحوزته كيلوغرامين من الهيروين وأحيلت الكمية إلى المختبر الجنائي لفحصها، وتبين أنها عبارة عن بودرة تتكون من مكملات غذائية ومنكهات سكرية وكافيين، وأصيب الرجل بصدمة بالغة حين أدرك أنه تعرض للغش على الرغم من حصوله على البراءة.
وأشار السميطي، إلى أن هذه الحالات لا تتكرر كثيراً لكنها تعكس طبيعة المخاطر الناتجة عن الخلطات التي تدخل في تركيبة المخدرات، فمصنّعوها يحاولون قدر الإمكان زيادة وزنها على حساب نسبة تركيز المادة الفعالة، ويظهر ذلك في تصنيع الهيروين، إذ يصنع من الكيلوغرام النقي كمية كبيرة بعد إضافة مواد أخرى إليه.
وتابع: "لا نعرف حتى الآن طبيعة المواد المخلوطة بالمخدرات، لأن أجهزة الفحص مبرمجة لكشف المادة المخدرة فقط، ومن الوارد صدق ما يتردد حول احتوائها على مواد معدنية سامة وجماجم وعظام مطحونة، وغيرها من المواد المجهولة".
وأوضح خبير الأدلة الجنائية في شرطة أبوظبي ومكتب الأمم المتحدة، النقيب سليمان عبدالله النقبي، إن الإدارة العامة للأدلة الجنائية في شرطة أبوظبي فحصت خلال العام الجاري عينات عقاقير ضبطت بحوزة أشخاص، وتبين أنها عبارة عن باندول في صورة "كبتاجون".
وأضاف أن متعاطي المخدرات لا يمكنه اللجوء إلى حماية المستهلك للشكوى من الاحتيال، وهذا ما يستغله مصنّعو ومروّجو هذه المواد، ويصاب معظم المتعاطين بالصدمة حين يكتشفون ذلك، على الرغم من حصولهم على البراءة.
وأشار النقبي، إلى أن الإدارة عكفت على دراسة سلوكيات تجار المخدرات واكتشفت تنافساً بينهم في إضافة مواد لها تأثير مركز على الجهاز العصبي، بل جنح بعضهم إلى إضافة منشطات جنسية، لتلبية احتياجات المتعاطي.
وأوضح أن الدراسة تناولت كذلك سلوكيات المتعاطين وتحديد ما أطلق عليها مواسم التعاطي، وهي الفترات التي تشهد ارتفاعاً في تعاطي مخدرات بعينها على حساب أخرى، أو لجوء فئة دون غيرها إلى تعاطي مواد معينة، مثل سائقي الشاحنات الذين يقبلون على الإمفيتامينات المنشطة نظراً لقيادتهم فترات طويلة، وكذلك الطلبة.
وأكد أن الدراسة التي أجريت بالتعاون مع الإدارة العامة الاتحادية لمكافحة المخدرات توصلت إلى أن مؤشرات التعاطي انخفضت نسبياً في العام الماضي بواقع 6.26% مقابل نسبة انخفاض 6.29% خلال العام قبل الماضي و10.84% في عام 2014.
وذكرت الخبيرة الكيميائية في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، سمر جمال الدين جويلي، إن اكتشاف مخدرات "مغشوشة" لا تحوي المادة الفعالة للمادة المضبوطة، سُجل من قبل شرطتي دبي وأبوظبي، وكذلك من قبل السلطات السعودية، لافتة إلى أن مصنعي هذه المواد يتلاعبون بتركيبتها ويضيفون في بعض الحالات عناصر أخرى، مثل المنشطات الغذائية التي لا تصنف باعتبارها مخدرات.
وأكدت أن الخلطات التي تدخل في تركيبة هذه المواد وطريقة تصنيعها تمثل خطورة بالغة على الإنسان، فالترامادول على سبيل المثال عبارة عن مسكن مسموح بتداوله للتداوي في ظروف معينة، ويحتوي على 50 ميلليغراماً من المادة الفعالة، لكن يضيف إليه مصنعو المخدرات نسبة تصل إلى 250% حتى يحقق النتيجة التي تجذب المتعاطين، لكن ربما لا يتحملها الجسم فتسبب الوفاة أو الإصابة بأمراض خطرة، وكذلك تمثل طريقة التعاطي مضاعفات مختلفة إذا لم تكن تناسب الجسم أو المادة التي تم تعاطيها.