ابتكار عقار مضاد لمرض الإيدز

أعلن باحثون أميركيون أنهم تمكنوا من ابتكار عقار مضاد لمرض الإيدز، وهو في غاية القوة بحيث يمكن أن يعمل كلقاح ضد هذا الوباء .وقد اختبر العقار على قردة الماكاك، فلوحظ أنها تمكنت من صد جرعات متكررة من نسخة مشابهة من فيروس المرض، بدرجة كبيرة .وأوضح الباحثون في معهد سكريبس للبحوث في فلوريدا في الولايات المتحدة إن العقار المرتكز في تركيبه على البروتين، كان فاعلاً بصورة مدهشة في منع اختراق كل السلالات الرئيسية من فيروس الإيدز، التي تم اختبارها، للجسم، مما يؤذن بخطوة عملاقة نحو الشفاء من هذا الوباء القاتل .

 ويدعى العقار الجديدEcd4-lg وقد صنعت النسخة الأولية منه من طفرتين من المستقبلات أو نقاط الارتكاز في الجسم، والتي عادة ما يخترقهما الفيروس، ويغلقهما على نفسه، ويمنع وصول الخلايا المناعية الرئيسية إليها .

يذكر أن باحثين أميركيين وتايلانديين أعلنوا مؤخرا عن تحقيق سبق علمي لأول مرة منذ بدء معركة مكافحة الإيدز قبل ربع قرن، مع نجاح لقاح تجريبي في الحد من مخاطر الإصابة بالمرض، في أوسع تجربة من نوعها في العالم .

وأكد الباحثون إن اللقاح يقلل مخاطر الإصابة بالإيدز بحدود الثلث تقريبا، وفق نتائج التجربة التي شملت 16 ألف متطوع وأجراها الجيش الأميركي ووزارة الصحة التايلاندية .
وأضاف الكولونيل جيروم كيم من برنامج أبحاث الإيدز الذي يجريه الجيش الأميركي خلال مؤتمر صحافي في بانكوك "إنه تقدم علمي على درجة كبيرة من الأهمية ويعطينا الأمل بإمكانية التوصل إلى لقاح فاعل على المستوى العالمي في المستقبل" . وأضاف "أنه أول برهان على قدرة لقاح مضاد للإيدز على الحماية من الإصابة بالمرض" .

ووصف وزير الصحة التايلاندي ويتاوا كاوبارادي نتيجة التجربة كذلك بأنها "سبق علمي" . واللقاح هو في الواقع مزيج من لقاحين أعدا سابقاً ولم ينجحا في كبح ضراوة الفيروس .
وبدأت تجربة اللقاح الجديد اعتباراً من أكتوبر/تشرين الأول عام 2003 على متطوعين معرضين بدرجة متوسطة للإصابة بفيروس الإيدز في مقاطعتين تايلانديتين بالقرب من بانكوك .

واللقاحان القديمان المستخدمان في تكوين اللقاح الجديد هما "الفاك" من صنع سانوفي-افنتيس، و"ايدزفاكس" من صنع فاكس-جن انكوربوريشن .

وجاء في بيان صادر عن الباحثين أن "النتائج تمثل سبقا في مجال تطوير لقاحات ضد الإيدز لأنه وللمرة الأولى برهنا على امتلاك لقاح ضد الإيدز الأكثر فاعلية وقائية" .
وقد رحبت الأوساط العلمية بنتائج تجربة اللقاح، خصوصا أن شركة مارك الدوائية اضطرت في عام 2007 لوقف تجربتين سريريتين في مرحلة متقدمة على لقاح للإيدز بعد أن تبين أنه يعزز مخاطر الإصابة بمرض الإيدز .

وبلغت نسبة فاعلية اللقاح في خفض مخاطر الإصابة بمرض الإيدز 2,31% وكان المتطوعون من الرجال والنساء تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً، وما كانوا يحملون فيروس الإيدز لدى بدء التجربة، في حين كانت نسبة مخاطر تعرضهم لعدوى الإيدز متوسطة . وتلقى نصف المتطوعين اللقاح والنصف الباقي لقاحاً وهمياً .

ومن ضمن عينة اللقاح الوهمي أصيب 74 من أصل 8198 بفيروس الإيدز، مقارنة مع 51 من 8197 في العينة التي تلقت اللقاح التجريبي .

ورحبت منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز بنتائج الأبحاث التي اعتبرتها "مشجعة" .

وأعلنت المنظمة والبرنامج في بيان مشترك إن "نتائج الدراسة التي تشكل تقدما علميا مهما، هي الأولى التي تبرهن أنه يمكن الوقاية من الإيدز باستخدام لقاح وهي على قدر كبير من الأهمية" .

ولفتت الأمم المتحدة إن النتائج الحالية لا تسمح بالترخيص باستخدام اللقاح وإنه ينبغي القيام بتجارب أخرى لتحديد إن كان يمكن الحصول على النتائج ذاتها في أماكن أخرى من العالم .

واكتشف مرض الإيدز لأول مرة في 1981 وتسبب منذ ذلك الحين بوفاة 25 مليون إنسان على الأقل، في حين يعيش 33 مليونا آخرين حاملين فيروس الإيدز أو مصابين بالمرض .
وكان التقدم السريع في عزل الفيروس أشاع تفاؤلاً بإمكانية إنتاج لقاح له في وقت سريع . وتكمن خطورة الإيدز في أنه يدمر الخلايا المناعية فيجعل الجسم فريسة للأمراض الانتهازية .
ومن بين خمسين لقاحا تجريبيا خضعت لتجارب على البشر، لم ينجح سوى اثنين في المرور عبر المراحل التجريبية الثلاث المعتمدة، لكنهما فشلا . ولا يزال نحو ثلاثين لقاحا بانتظار تجربتها .

وأوضحت شركة سانوفي-باستور، المختصة في اللقاحات في الشركة آلام سانوفي-افنتيس، إن النتائج "على تواضعها" هي أول برهان ملموس على أنه يمكن للقاح المضاد للإيدز أن يصبح حقيقة في يوم من الأيام .

وبينت المؤسسة العالمية للقاح الإيدز، وهي تحالف من الباحثين والممولين والسياسيين والمحامين ومن بينهم مؤسسة بيل ومليندا جيتس، إنه "يوم تاريخي خلال 26 عاما من العمل لتطوير لقاح للإيدز" .

وعلقت جمعية "المبادرة الدولية للقاح الإيدز" التي تعمل على تشجيع الأبحاث للتوصل إلى لقاح، أن نتائج التجربة "مشجعة وتشكل إنجازا علميا مهما " . وعلى خط آخر، أعلن باحثون أميركيون في مقال نشرته مجلة "ساينس" العلمية في بداية أيلول/  سبتمبر الحالي، أنهم اكتشفوا مضادين حيويين يمكن أن يشكلا أساسا للتوصل الى لقاح فاعل .