القاهرة ـ شيماء مكاوي
ارتفعت نسبة الشواذ جنسيًا في مصر والدول العربيّة، أخيرًا، دون سبب معروف، مع وجود حالة من الإنكار المجتمعي لهذه الفئة.
وكشفت استشاري الأمراض الجنسية الدكتورة هبة قطب، في تصريح لـ"العرب اليوم"، أنَّ "نسبة الشواذ جنسيًا في مصر ليست قليلة، بل ترتفع يوميًا"، موضحة أنَّ "أسباب الشذوذ الجنسي كثيرة، ولكن السبب الرئيسي هو حالة الإنغلاق الفكري والعلمي والتقاليد الإجتماعية الخاطئة، وعلى رأسها الخوف من التحدث عن الأمور الجنسية، ما أسهم في انتشار الكثير من حالات الكبت الجنسي، والفهم الخاطئ له".
وأرجعت جذور الشذوذ الجنسي إلى مرض نفسي، مبرزة، في الوقت نفسه احتمال أن تكون أسبابه مرضية وليست نفسية، مشيرة إلى أنَّ "نسبة الشواذ جنسيًا مرتفعة بين الرجال أكثر من النساء، لأن شهوة الرجال ورغبتهم في ممارسة تلك العلاقة تكون أكبر، لاسيما بعد البلوغ".
وبيّنت أنَّ "الرجل ينشأ في بيئة تبث في عقله أن ممارسة تلك العلاقة مع الفتاة خطأ فادح، فيضطر لممارسته مع صديق له، ظنًا منه أن هذا ليس خطأ، وأنه يشبع رغبته فقط، والموضوع يتطور ويصبح عادة وتعود، وكذلك الحال بالنسبة للنساء".
وأكّدت أنَّ "من ضمن أسباب الشذوذ الجنسي تأتي الظروف الإقتصادية السيئة التي يعيشها الشباب في مصر، مع إرتفاع تكاليف الزواج"، موضحة أنَّ "الشذوذ الجنسي يسمى بـ(الميول المثلية)، أي ميل جنسي إلى النوع نفسه، سواء كان ذاك ذكرًا يميل لذكر (أو للذكور عمومًا) أو أنثى تميل لأنثى (أو للإناث جميعًا)، وهذا الأمر ليس غريزيًا أو خلقيًا كما يظن البعض، أو كما تقول الدراسات الأميركية في هذا الشأن".
وأضافت "الثوابت الدينية، والراسخة إلى أبد الدهر، لا تقول ذلك، ولذلك فأنا أؤكد أن الشذوذ هو اضطراب نفسي وحسَي، يمكن أن يتطور إلى اضطراب سلوكي بعد ذلك".
وتابعت "حتى عام 1978، كان الباحثون الأميركيون يعتبرون الميول المثلية والممارسات المثلية من الانحرافات الجنسية والسلوكية، ثم فجأة غيروا رأيهم، ويتوقف هذا على حال تكوين الجنس الاجتماعي للطفل".
وأوضحت أنَّ "علاج الشذوذ الجنسي هو الخضوع لبعض جلسات العلاج النفسي، للتخلص من هذا الاضطراب السلوكي، ولبعض جلسات العلاج الجنسي، لمعرفة كيفية التغلب على هذه الميول، واستبدالها بميول طبيعية، ولكن أحسن علاج هو الارتباط بالزواج، فمن الصحي جدًا استبدال ميول غير سوية وغير صحيحة بأخرى سوية وصحيحة، فوجود زوج أو زوجة في هذه الحالة يوفر الأداة المثالية لهذا الإحلال، فيكون العلاج أسهل وأسرع ومؤكد".
وأردفت "أرجو ألا يفهم البعض أن هذا استغلال للزوج، بل بالعكس، فإنه في هذه الحالة يكون الأكثر حصولاً على فيض الحب والحنان والميل الجنسي الذي ربما ينشده الكثيرون من الأزواج ولا يجدونه، إذ أنّ فطرة الله بالطبع طيبة وسليمة، قال الله تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)، سورة التين الآية 4".
واعتبرت أنه "لابد أن ننطلق من هذا المبدأ، وألا تشوبه أي شائبة في أذهاننا، وألا نتأثر بثقافة من كفروا بالله ورسوله ليجدوا مخرجًا مشروعًا لأهواء ابتدعوها، فأرادوا أن يصبغوا عليها ثوبًا من المشروعية، فتكون هذه هي الشماعة التي يعلقون عليها خطاياهم، فتظل صورتهم بيضاء مشرقة (كذبًا) أمام أنفسهم وضمائرهم".
ومن جانبها، أكّدت استشاري الأمراض النفسية الدكتورة هبة عيسوي، أنَّ "الشذوذ الجنسي هو مرض نفسي، وقد نتكاتف مع إستشاريي الأمراض الجنسية في علاجه، فهو يخضع لعلاجات نفسية وجنسية معًا".
وأوضحت عيسوي أنَّ "أسباب إنتشار الشذوذ الجنسي في مصر تتمثل في المورثات والعادات القديمة، والتي تبث في عقول أبنائنا، والتربية المنغلقة والصارمة، التي تولد في النهاية إنحراف السلوك الطبيعي".
وشدّدت على "ضرورة التكاتف لعلاج هذه الظاهرة، عوضًا عن إنكارها، وتركها لتنتشر، ومحاولة التقرب من أبنائنا، والتحدث معهم عن كل ما يخصهم من أمور، لاسيما ميولهم الجسدية والجنسية، وتصحيح معلوماتهم الخاطئة في هذا الشأن".