لندن ـ كاتيا حداد
كشفت دراسة بريطانية، أُجريت عن مدى تأثير العمر على تذوق الطعام، أن الأشخاص البالغين يفضلون تناول أطعمة مثل الزيتون والجبن الأزرق والأنشوجة، وهي الأطعمة التي يكره تناولها الكثيرون أثناء مرحلة الطفولة. ووجد الخبراء أن العمر الذي يحدث فيه "تحول لمسار تذوق الطعام"، هو العمر الذي نفضل فيه تناول "أطعمة البالغين".
وأضافت الدراسة، أنَّ متوسط أعمار الأشخاص الذين يبدأون في تقبل النكهات القوية والمعقدة لأطعمة مثل جبن الماعز وصلصة الفلفل والأفوكادو، هو 22 عامًا. وحددت الدراسة 20 نوعًا من الأطعمة، التي من غير المحتمل أن يتقبلها المرء حتى بلوغ أواخر سنوات المراهقة وأوائل سن العشرينات.
وأرجع العلماء سبب التغيير في تذوق الطعام، إلى انخفاض عدد براعم التذوق في الفم مع التقدم في السن، فنجد أن الأطفال يولدون برغبة فطرية شديدة، للأطعمة ذات المذاق الحلو، مثل لبن الأم الممتلئ بالسكر والدهون، ويملك الأطفال الرضع نحو 30 ألف من براعم التذوق في أفواههم، ولذلك فإن النكهات القوية، سيكون لها مذاق كثيف للغاية بالنسبة لهم، ولكن عند البلوغ يتبقى فقط نحو ثلث هذه البراعم في الفم، وهذا ما يفسر تحمل الأشخاص البالغين للنكهات الأقوى.
وأوضحت الدراسة، التي أجريت بين 1950 ألف بريطاني، عن الأطعمة التي كانوا يكهرونها في فترة الطفولة، ويجدونها لذيذة في سن البلوغ، أن الكثيرين يجدون صعوبة في تقبل النكهات القوية لأنواع من الأسماك مثل أسماك الماكريل، في مرحلة الطفولة وحتى طوال سنوات المراهقة، وكذلك الحال مع الجبن الناضج، فمعظم من هم دون الـ 21 عامًا، لايتقبلون طعم جبن البارميزان، أما من هم دون الـ22 عامًا لا يأكلون الجبن الأزرق، والأمر ذاته بالنسبة لنكهة الكاري الحار التي لايتقبلها معظم الناس، حتى أواخر سن المراهقة، ومن غير المفاجئ أن نجد مجموعة من الخضروات واردة في أعلى القائمة، مثل السبانخ والفلفل التي لا تتقبلها براعم الذوق لدينا قبل سن الـ 21، وكذلك الحال مع صلصة الفلفل الحار والخيار والثوم وصلصة الفجل، والفاصوليا الحمراء، أما بالنسبة لجبن الماعز فهي أكثر الأطعمة التي يكرهها الأطفال، ويجد البالغين أيضًا صعوبة في تقبلها قبل سن 28 عامًا.
وأبرزت الإحصاءات أنه "على الرغم من أنّ الغالبية، يتقبلون مجموعة كاملة من الأذواق والنكهات ببلوغ سن العشرين، ولكن لا يزال هناك نوعين من الأطعمة في المتوسط، يرفض تناولها البالغون".
وكشفت الدراسة أيضًا أن "الوجبات المدرسية تلعب دورًا رئيسًا في المساعدة على تكوين آراء في وقت مبكر عن الأطعمة والنكهات". وأظهرت البيانات أنَّ واحدًا من كل ثلاثة بالغين يتناول طعامًا لا يعجبه، خوفًا من إزعاج المُضيف، مشيرة إلى أنّ "أكثر من واحد من بين كل عشرة قد فعل ذلك خلال الوجبات العائلية، في حين أن غداء عمل والعشاء مع الأصدقاء أو العائلة يدفع بعض الأشخاص إلى محاولة تحمل الطعام والابتسام"، لافتةَ أن أكثر الأوقات التي نتمتع فيها بالطعام الذي لا نتقبله، هو أثناء تناول وجبات الطعام مع الأصدقاء، كما أن تناول الأطعمة الجديدة في العطلات، ولقاء شخص لديه معرفة أوسع بالأطعمة والنكهات أيضًا من ضمن الأسباب".
وبيّنت أخصائية التغذية العلاجية كارين بول أنَّ "علاقتنا مع الغذاء تتطور في سن مبكرة جدًا، ويمكن أن تؤثر على كيفية تناولنا للطعام وماذا نأكل طوال حياتنا". وأضافت "براعم التذوق لدينا هي الطريقة الأولى التي نتعرف بها على الغذاء إما كصديق أو كعدو، أما الأطعمة ذات المذاق القوي أو المرير، غالبًا ما نبتعد عنها، وبعد ذلك علينا أن نحدد ما الطعام الذي نحبه والذي نتجنب تناوله".
واستطردت "من الناحية البيولوجية، ومع تقدمنا في العمر، يصبح معدل التجديد في خلايا براعم التذوق بطيء، وينخفض عددها الإجمالي، مما قد يؤثر على ردة فعلنا تجاه بعض الأطعمة، الأمر الذي يجعل النكهات الأقوى ممتعة".
وأردفت "من الطبيعي، أنه وبينما ننمو ونسعى إلى توسيع آفاقنا عبر العديد من المجالات، هناك العديد من العوامل الخارجية التي تساهم في أن يصبح الناس أكثر ميلًا إلى المغامرة في أعمار معينة".