القاهرة - شيماء مكاوي
توفيت النجمة المصرية، فيروز، الملقبة بـ "قطوطة" أو "فيروز هانم" نسبة لأهم أفلامها في السينما المصرية، عن عمر يناهز 73 عامًا بعد تدهور حالتها الصحية في الآونة الأخيرة، حيث دخلت العناية المركزة، وخضعت لجهاز تنفس صناعي.
يعد الاسم الحقيقي لفيروز بيروز ارتين كالفيان وهي من مواليد عام 1943، ولدت من أسره أرمينية ولها عدد من الإخوة والأخوات منهم الفنانة نيللي أشهر مَنْ قدّم فوازير رمضان.
واكتشف مواهبتها الفنان اللبناني إلياس مؤدب الذي كان صديقًا لأبيها وكان يقضي معه أمسيات فنية في البيت حيث يعزف الكمان وتغني والدتها على أنغام الكمان.
وكانت فيروز تشارك والديها تلك الأمسيات، بحيث كانت ترقص على الموسيقى التي يعزفها مؤدّب، ولفتت الصغيرة انتباه مؤدّب الذي لاحظ موهبتها وحاول تطويرها وألف ولحن مونولوج لتغنيه وحدَها، ولأنه كان يغنّي في حفلات منزلية اصطحبها معه لتؤدّي المونولوج في إحدى المرات.
وأثارت الصغيرة إعجاب الحضور ولاقى مونولوجها نجاحًا باهرًا، فما كان من مؤدب إلا أن قرر إدخالها مسابقة مواهب في ملهى "الأوبرج" الليلي، حينها كان الملك فاروق حاضرًا للحفل، فأعجب بأداء الصغيرة التي لم تتجاوز الثامنة من عمرها، وقوبل أداؤها بإعجاب لا مثيل له وبتصفيق حاد.
وحصلت فيروز على أوّل مكافأة في حياتها وكانت من الملك فاروق وهي عبارة عن خمسين جنيهًا، ويقال أنّ أوّل أداء لها كان أمام الخديوي توفيق في المسرح الروماني وأنه، أعجب بها بشدة ومنحها خمسين جنيهًا.
والتف حولها المنتجون السينمائيون، فاختار مؤدب الفنان أنور وجدي من بين كلّ أولئك؛ ليوقع معه والد فيروز عقد احتكار تتقاضى عنه ابنته ألف جنيه عن كلّ فيلم، وغير أنور وجدي حرف الباء في اسمها إلى فاء؛ ليصبح فيروز بدلا من بيروز واستقدم وجدي مدربون أجانب؛ لتدريب الصغيرة لأسابيع عدة لتهيئتها لأوّل بطولة سينمائية، وكان ذلك فيلم "ياسمين" الذي خاطر فيه وجدي بالكثير، وجاء عرضه عام 1950 وحين كانت فيروز لم تتجاوز عامها السابع.
وانحسب الفنان محمد عبدالوهاب من إنتاج الفيلم بعد أن كان مفترضاً أنْ يكون مشتركاً بين وجدي والموسيقار الكبير، لكن عبد الوهاب، وبعد أن شاهد الصغيرة لم يشأ المغامرة بأمواله في فيلم تؤدي بطولته طفلة لا تتقن سوى غناء المونولوج لكن وجدي المعروف بروحه المغامرة خاض المخاطرة لوحده صباح العرض ظهر إعلان في الصحف المصرية يدعو كلّ أطفال مصر لحضور حفله العاشرة صباحًا التي سيعرض فيها الفيلم ثم ستوزع البطلة الصغيرة هدايا على الأطفال، بالفعل تم وضع مئات الهدايا في سينما الكورسال وتعليق مئات البالونات في صالة السينما.
وبعدها قدمت فيروز فيلم "فيروز هانم" عام 1951، ثم فيلم "صورة الزفاف" عام 1952، وعام 1953 شهد فيلم "دهب" الذي قدم فيه أنور وجدي الصغيرة التي أصبحت في العاشرة من عمرها وهي تؤدي رقصات تشبه تلك التي تقدّمها راقصات شهيرات أمثال: سامية جمال، وبديعة مصابني، وتحية كاريوكا.
وشهد عام 1953 انفصال الصغيرة عن أنور وجدي إذ أنه وبعد النجاح والشهرة الواسعين الذين حققتهما فيروز في أفلامها مع وجدي، قرر والدها الانفصال عن وجدي، فرفض تجديد عقد الاحتكار معه، وقرر أنْ ينتج أفلامها، وأنتج فيلم "الحرمان" في الوقت الذي كانت بلغت (13 عامًا) وكان ذلك في عام 1953، وظهرت فيه فيروز إلى جانب شقيقتيها الفنانة الاستعراضية نيللي وشقيقة ثالثة لهما هي ميرفت، وعلى الرغم ما قد يتبادر إلى الذهن من أنّ والد فيروز أراد بهذا الفيلم تعزيز نجومية ابنته، إلا أنّ الفنانة نيللي تصرّح بعدها عبر مذكراتها التي نشرت في إحدى المجلات المصرية أنّ كل الجهود في هذا الفيلم بذلت من أجلها، وأنّ الفيلم كان من بطولة الثلاث، وأضافت: "كان التركيز علي، فقد أراد الأستاذ محمود ذو الفقار ووالدي أنْ يركزا على موهبتي، فاختار لي الجمل الخفيفة والكلمات المضحكة التي تحدث أثرًا طيّبًا لدى الجمهور كما أنها كانت أوّل مرة يكتب فيها اسمي كبيرًا على إعلانات الفيلم".
وتوقفت فيروز عن العمل لمدة ثلاثة أعوام، ثم عادت لتقدم عددًا من الأدوار الدرامية التي تتناسب مع عمرها، من بينها "صورة الزفاف" و"عصافير الجنة"، وبعدها قدمت أربعة أفلام لم تحقق نجاحًا منها فيلم «إسماعيل ياسين للبيع» و"أيامي السعيدة" عام 1958 وهو من إخراج أحمد ضياء الدين.
وكانت بدايات فيروز مع إسماعيل ياسين تعود إلى فيلم "إسماعيل ياسين طرزان" لنيازي مصطفى، وكان أوّل أفلامها مع إسماعيل ياسين، إذ شاركت فيه وهي طفلة وكان ذلك في عام 1955.
وتعرفت على زوجها الراحل بدر الدين جمجوم وتزوجا وأنجبا طفلين هما أيمن وإيمان، وبعد هذه الأفلام الأربعة التي كان آخرها فيلم "بفكر في اللي ناسيني" لحسام الدين مصطفى، الذي قدّمته عند بلوغها السادسة عشر من عمرها وكان ذلك في عام 1959.
وقررت فيروز التوقف عن العمل من أجل الحفاظ على صورتها كطفلة شقية في أذهان الجمهور، وهجرت فيروز أضواء السينما عند بلوغها العشرين وقررت الهروب والانعزال بحياتها، وهي التي اعتادها الجمهور طفلة شقية لا ينتظر منها سوى الاستعراض وخفة الظل، ولا يتقبلها في أي أدوار أخرى، على الرغم من نجاحها في أدوارها التراجيدية والدرامية.
وجاء النجم الهندي العالمي اميتابتشان عام 1991 مصر وطلب مقابلتها شخصيًا على اعتبارها من رواد فن الاستعراض في مصر منذ أن كانت طفلة، وقال: "إن فيروز ألهمت العالم بفن الأداء الحركي لأطفال العالم"
وكرمت فيروز عام 2001 في مهرجان القاهرة السينمائي، وكانت تعيش حياة طبيعية بعيدة عن الأضواء والنجومية، تقضيها بين النادي الرياضي وزيارة أبنائها وأحفادها.