القاهرة - شيماء مكاوي
كان مشوار الفنان الراحل نور الشريف مليئًا بالنجاحات والعقبات في الوقت نفسه، ولكنه رغم العقبات والمواقف الصعبة التي مر بها خلال مشواره وتاريخه الفني استطاع أن يقف صامدًا أمام تلك المواقف الصعبة ويتحدى بها الجميع ليثبت أنه لا يوجد شيء سيوقفه عن مشواره المليء بالنجاح.
ويعتبر من ضمن تلك المواقف الصعبة عندما قرر تجسيد شخصية رسام الكاريكاتير الفلسطيني "ناجي العلي"، حيث وضع أمام عينيه هدفًا واحدًا، وصرّح "سأقدم شخصية رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، شاء من شاء وأبى من أبى"، هكذا كان عزم الراحل في أواخر الثمانينيات، وكان وقتها محققًا للعديد من النجاحات في أفلام "ضربة شمس" و"سواق الأتوبيس" و"العار" و"حدوتة مصرية"، و أهمل كل ذلك ليقدم مغامرة "ناجي العلي".
ولم يساوره شك طيلة أسابيع تصوير الفيلم الطويلة في أنه يقدّم عملًا مهمًا سيحكي الجميع عنه، يدخل ضمن أهم أفلام السينما العربية كلها ولكن عندما عرض الفيلم في السينما، تعرض لهجوم شرس قادته إحدى الصحف القومية المهمة، ولم تتجاوز مدة عرضه أسبوعين، ثم جاء قرار رفع الفيلم من دور العرض، وتسبب الفيلم في خسارة مادية لنور الشريف كمنتج، ليس هذا فقط، بل خسارة معنوية أيضًا.
ووصف طاقم العمل بالكامل وكأنهم مجموعة من الخونة صنعوا فيلمًا ضد مصر، حتى أن الأقلام وقتها كتبت: "إن نور الشريف أدى بطولة فيلم الرجل الذي شتم مصر في رسوماته"، واتهم بالخيانة العظمى، وصدر قرار سري بأن لا يتم ذكر اسمه في صحف ومجلات مصر، وهكذا عانى نور الشريف في أسوأ فترات حياته، حتى فكر بالفعل في الهجرة إلى لندن للعمل في الصحافة، وابتعد عنه المخرجون إلا عاطف الطيب وبعض شركائه وابتعدت عنه شركات الإنتاج.
وصدر قرار في العام نفسه 1990، بمنع عرض جميع أعمال نور الشريف في الخليج ضمن قائمة من المثقفين والمفكرين المصريين، من بينهم محمد حسنين هيكل ومحسنة توفيق ونادية لطفي، دون أسباب واضحة.
و لم يستسلم نور الشريف وظل صامدًا مصرًّا على أن فيلم "ناجي العلي" هو أهم أعماله وظل الراحل يفتخر أنه قدم عملًا كبيرًا عن واحد من القلائل في الوطن العربي الذين دافعوا عن المقاومة والضمير الإنساني بالريشة.
ويعد من ضمن المواقف الصعبة التي عاشها نور الشريف في حياته وأثرت على مشواره الفني هو مرض ابنته الكبرى سارة، حيث عجز الأطباء عن إيجاد مسمى للمرض التي عانت منه لأعوام طويلة مما استدعى سفرها للعلاج في لندن، حيث كانت تعاني من فيروس نادر يصيب الأمعاء وبعد أعوام طويلة تم شفاؤها ولكن رحلة العلاج والمرض أثرت كثيرًا على الفنان نور الشريف.
ويذكر أن من ضمن المواقف الصعبة التي عاشها الراحل هو نشر إحدى الصحف المصرية لخبر تورط الفنان نور الشريف مع الفنان خالد أبو النجا في شبكة شذوذ جنسي، وتقدم نور الشريف وأبو النجا ببلاغ للنائب العام ضد الصحيفة، واتهامها بترويج شائعات تمس سمعته.
واجتمع النائب العام المصري عبد المجيد محمود بالشريف وأبو النجا، ليصدر بعد ذلك بيانًا ينفي فيه ما تم نشره في الصحيفة، وأنه تم استدعاء مسؤوليها للتحقيق معهم.
وتضامن الدكتور أشرف زكي مع الفنانين في بلاغهم، وتوجّه مع الشريف وأبو النجا للنائب العام للتضامن معهما بصفته النقابية والفنية.
وأكد في الوقت نفسه رئيس تحرير الصحيفة صحة ما نشرته الصحيفة من اتهامات للفنانين بالتورط في شبكة للشذوذ الجنسي، وأكد أنه يمتلك المستندات التي تثبت صحة كلامه.
وأفاد: "الشبكة التي ورد فيها أسماء الفنانين تم ضبطها بالفعل منذ أيام عدة، ونظرًا لتورط هؤلاء الفنانين فيها، حاولت الحكومة التعتيم على القضية، لكننا لدينا المستندات وصور المحاضر الرسمية، لهذا نشرنا ما نشرناه".
وتوقف بعد التحقق ترخيص الجريدة وتمت معاقبة رئيس التحرير والصحافيين، ولكن ظلت الشائعات تتداول رغم ذلك وأثرت كثيرًا على نور الشريف وأسرته.
ويضاف إلى المراحل الصعبة في حياة الفنان نور الشريف انفصاله عن زوجته الفنانة بوسي بعد زواج دام لمدة 30 عامًا كانا فيها مثالًا لقصص الحب والارتباط.
ورفض المقربون من نور الشريف وبوسي التعليق على خبر انفصالهما، وجاء نبأ الطلاق بعد طوفان من الشائعات طالت نور وبوسي أكثر من مرة، كان أخرها عند الحادث الذي تعرضت له بوسي في الدار البيضاء مع ليلى علوي خلال حضورهما مهرجان "قطوان" خلال الصيف الماضي، عندما سافرت نورا إلى المغرب للاطمئنان على بوسي.
واكتفي نور بالاتصال الهاتفي ووقتها رد على الصحافيين بأنه لا يمكن أن يتجاهل رفيقة عمره ومشوار كفاحه دون أن يسأل عنها وكان مشغولًا بتصوير "عمارة يعقوبيان".
وأكد أكثر من صديق مقرب من نور، أن خبر الطلاق كان مفاجأة للجميع الذين توقعوه أكثر من مرة، لكن عقلانية نور وبوسي قادت سفينة الزواج إلى بر الأمان أكثر من مرة ضد عواصف وشائعات وأزمات.
وترددت شائعات كثيرة عن أسباب الطلاق كان أهمها زواج الفنان نور الشريف بإحدى الوجوه الجديدة، وبعد إعلانه انتشرت الأقاويل وانقسم الوسط الفني إلى أحزاب مع وضد، ولكن بقت كلمة "من الجائز أن يرجعا إلى بعضهما مرة أخرى" الحل الأمثل حتى يخرس كل الألسنة التي حاولت استثمار الخبر أكثر.
وجاء نبأ الطلاق وسط فرحة نور بفيلمه "عمارة يعقوبيان"، وما حققه من نجاح ملفت للأنظار في مهرجان "برلين"، ولكن قبل وفاته عادا إلى بعضهما مرة أخرى بعد انفصال دام تسعة أعوام.
ومرض نور الشريف قبل وفاته بعام وكان مرضه من أكبر الصعاب التي مر بها في حياته، حيث تمت إصابته بمرض خطير أثر عليه بشكل كبير، وذكر في حديث له أن الدم لا يصل إلى رجله اليمنى، لافتًا إلى أن الأطباء نصحوه بإجراء جراحة لتوسعة الشرايين، وقبل إجراء الجراحة تم اكتشاف وجود مياه في الرئة ونتج عن هذه المياه حدوث التهاب في الغشاء البلوري، ولهذا توقف عن التدخين منذ عامين.
وذكر أنه يتلقى علاجًا للرئة وإزالة الالتهاب الموجود في الغشاء البلوري، وحتى الآن غير معروف حقيقة مرض نور الشريف الذي أدى إلى وفاته.
وكان آخر كلمات نور الشريف قبل وفاته التي كتبها في صفحته الشخصية على "الفيس بوك"جاء فيها: "في العام الماضي رحل عدد كبير من الوسط الفني، أذكر منهم سعيد صالح وفايزة كمال وخالد صالح، وعفوًا لو سقط من ذاكرتي اسم ومثل كل الناس شعرت بحالة من الحزن، لأن هناك عشرة ومواقف طبية كانت تجمعني بأصدقائي في الوسط، لكن ما يزعجني هو تركيز الإعلام على بعض الشائعات، وخصوصًا الشائعات المتعلقة بالوفاة، قد تكون عانت عائلتي كثيرًا من كثرة الشائعات حول وفاتي و ما أكثرها، ولا أعرف من يجرؤ على كتابة أو نشر خبر حول وفاة شخص وهو ما زال ينعم بوقته في الحياة".
وأضاف الراحل: "دائمًا أقول أن الإنسان يتعلم من كل التجارب الحياتية التي يمر بها بشكل يومي، ولذلك أعتبر تجربة المرض معلمًا كبيرًا لأنني تعلمت منه بالفعل شيئًا عظيمًا وهو الصبر، وتغيرت نظرتي لأشياء كثيرة، أنا سعيد باهتمام الناس وأشكرهم على مساندتي في محنتي في المرض خصوصًا منهم البسطاء".
واختتم الكبير نور الشريف: "متفائل أنا بمستقبل مصر السياسي رغم كل التحديات التي يعيشها الوسط، ومصدر التفاؤل هو حالة الصراحة والمواجهة بين الحكومة والشعب".