القاهرة - شيماء مكاوي
لا تزال السندريلا تحيا في قلوبنا حتى بعد رحيلها طيلة هذه السنوات ولكن حزننا على فراقها حتى الآن نابع من عدم معرفة لغز رحيلها فالبعض يقول أنها " انتحرت" والبعض يقول أنها " قتلت" ولكن الذي يهمنا هو أنها رحلت عنها السندريلا بضحكتها وتفاؤلها وإقبالها عن الحياة .
من حي بولاق في القاهرة ولدت سعاد محمد حسني البابا في 26 كانون الثاني/يناير عام 1943 لأب سوري كان يعمل خطاطا ، وتكونت اسرتها من ستة عشر شقيق ، منهم أشقاء من الأب فقط ويبلغ عددهم ثمان منهم أربع أولاد وأربع بنات ، ومن الأم فقط ستة أشقاء منهم ثلاثة أولاد وثلاثة من البنات ، ولكن أشقاؤها من الأب والأم هم أثنان فقط " كوثر" و " صباح ", وتعتبر المطربة العملاقة " نجاة الصغيرة " هي الشقيقة الكبرى للفنانة سعاد حسني من الأب فقط, وفي الخامسة من عمرها انفصل والدها عن والدتها نتيجة لتفاقم الخلافات فيما بينهما لتتزوج والدتها "جوهرة محمد حسن " من رجل آخر وهو " عبد المنعم حافظ " والذي كان يعمل مفتشا في التربية والتعليم, وبسبب هذا التفكك الأسري لم تتلقى سعاد تعليما نظاميا واقتصر تعليمها على البيت فقط .
و ظهرت موهبتها الفنية منذ الصغر حيث كانت متأثرة كثيرًا بشقيقتها "نجاة الصغيرة" وشقيقها الذي كان يعمل ملحنا ويدعو " عز الدين حسني" ، واشتركت سعاد وهي في الثالثة من عمرها في الإذاعة المصرية من خلال البرنامج الشهير "بابا شارو" والذي غنت خلاله أغنية "أنا سعاد أخت القمر".
واكتشفها في مرحلة شبابها الشاعر عبد الرحمن الخميسي عندما قابلها لأول مرة في بيت والدها " حسني البابا" حيث أشركها في مسرحيته هاملت لشكسبير في دور أوليفيا ،وأشيع أن الشاعر عبد الرحمن الخميسي قد أحبها وهو ما تم تقديمه في المسلسل الدرامي الذي يحكي قصة حياتها ولكن شقيقتها الصغرة " غانغا " ونفت ذلك وقالت إن ما تردد وما تم تقديمه في المسلسل الدرامي هو مجرد تشويه للحقائق وإن هذا لم يحدث يوما، وبعدها ضمها المخرج هنري بركات عام 1958 لطاقم فيلمه حسن ونعيمة وقامت بدور نعيمة والذي أصبح بمثابة النقلة الفنية في حياة السندريلا سعاد حسني ، ثم توالت بعدها الكثير من الأعمال, حيث بلغ رصيدها الفني من الأفلام حوالي 91 فيلما من بينهما أثنان خارج مصر ، بالإضافة إلي ثمان مسلسلات إذاعية ومسلسل تلفزيوني واحد " هو وهي" مع الفنان أحمد زكي .
وشكلت سعاد حسني مع العديد من الفنانين ثنائيات فنية لعل أبرزهم اشتراكها مع الفنان حسن يوسف في العديد من الأفلام من بينها " البنات و الصيف " ، " للرجال فقط " ، " الزواج على الطريقة الحديثة " ، " فتاة الاستعراض" وغيرها من الأعمال, وأيضا شكلت ثنائي رائع مع الفنان الراحل أحمد رمزي وقدما معا أجمل الأفلام من بينها " شقاوة بنات " ، غراميات إمرأة " ، الأشقياء الثلاثة " ، " أول حب", فيما شكلت ثنائي رومانسي مع الفنان الراحل رشدي أباظة وقدموا معا العديد من الأفلام من بينها " الساحرة الصغيرة " ، " وفيلم " صغيرة على الحب" ، وفيلم " الحب الضائع " و" بابا عايزة كدة ", واشتركت مع الفنان حسين فهمي في العديد من الأفلام من بينها " خلي بالك من زوزو" ، و " أميرة حبي أنا " ، و" موعد على العشاء " .
وعلى الرغم من أن سعاد حسني قدمت العديد من الأفلام والأعمال التي تعتبر جميعها ناجحة إلا أن هناك ثمة أفلام حققت لها الشهرة وحفرت في ذاكرة محبيها حتى بعد رحيلها وهي فيلم " حسن ونعيمة " ، " الزوجة الثانية " ، " صغيرة على الحب" ، " أميرة حبي أنا " ، " خلي بالك من زوزو" الذي جعل محبيها يلقبونها بزوزو ، وفيلم " شفيقة ومتولي "، وفيلم " غروب وشروق" .
ويعتبر فيلم " الراعي والنساء" الذي قدمته الراحلة سعاد حسني مع الفنان أحمد زكي هو آخر أفلامها وظهر على وجهها واضحا علامات المرض الذي غير من ملامحها كثيرًا وتضاربت الآراء حول حقيقة مرضها لأنها لم تدلي بتصريحات واضحة عن المرض الذي أصابها في تلك الفترة, ولكن بعدما قدمت هذا الفيلم قررت الإعتزال والإنسحاب بهدوء من عالم الفن حتى لا تظهر على مشاهديها إلا بشكلها الذي اعتاد الجميع أن يرونها به .
وتزوجت الفنانة سعاد حسني خمس مرات ويعتبر أول زواج لها هو من العندليب الراحل عبد الحليم حافظ والذي تزوجته عرفيا ، وتكتم خبر زواجهما حتى يتم إعلانه بعد رحيل السندريلا وتضاربت الآراء حول هذا الزواج بين النفي والإثبات .
ولكن شقيقتها جنجاه عبد المنعم أكدت إلى " العرب اليوم" هذا الزواج وقالت : كل شخص يقول رأيه وهو رأي إجتهادي ولكنني متأكدة تماما من أن الزواج قد تم بين سعاد وعبد الحليم وكان زواجا عرفيا, و كان اول زواج لها ، وعلى الرغم من أن عائلة الراحل عبد الحليم حافظ أصدقاء لي إلا إنهم نفوا هذا الزواج ربما لأسباب خاصة بهم .
إلا إنني متأكدة تماما مما أقوله ولن أغير حقائق ، ولا يمكنني أن أكذب ، فأنا أؤكد أنه تم الزواج فيما بينهما وأكدت ذلك بعدما تأكدت أنا بالفعل من أن الزواج تم بينهما واستمر لمدة ستة أعوام وكانت سعاد تحتفظ بوثيقة الزواج معها وهي كنت من ضمن الأوراق التي لم نعثر عليها في لندن لكن شقيقتي وأمي أكدوا لي أنهم رأوا هذا العقد .
وأكد الإعلامي مفيد فوزي في أكثر من لقاء تلفزيوني له انهما كانوا متزوجين عرفيا وانا شاهد على ذلك ، ولكن عبد الحليم حافظ رفض الإعلان عن الزواج وانفصلا, وأشار إلى أن عبد الحليم حافظ كان يحبها حب جنوني وكان يغار عليها كثيرا ولكنه رفض الإعلان عن الزواج لأن طبيبه الخاص منعه من الزواج ولكن ليس بسبب حرصه على المعجبات كما تردد, وبعدما رفض عبد الحليم الإعلان عن الزواج وتم الإنفصال سعاد هربت منه واختبأت في منزلي لمدة 8 أيام وكانت أمي تحاول إطعامها ولكنها كانت ترفض دائما ولم تتحدث معي طوال هذه الأيام نهائيا .
وتعرفت السندريلا عليه في فيلم المغامرون الثلاثة حيث كان يعمل مساعد مصور وبعد أن تعرف على بعضهما البعض طلب منها الزواج فوافقت على الفور وإخراج لها فيلم الزواج على الطريقة الحديثة عام 1968 واستمر هذا الزواج عام واحد فقط
وجمعت قصة حب كبيرة بين الفنانة سعاد حسني، والمخرج علي بدرخان، إذ كانت قصة غرامية حدثت على طريقة الأفلام السينمائية، انتهت بالزواج، وعاشا الثنائي حياة سعيدة فالعوامل المشتركة بينهما كثيرة، أهمها حب واحترام الفن، وعشقهما للضحك، وكرهما للحزن، وكان الخلاف الوحيد فقط هو أن المخرج علي بدرخان كان يتمنى إنجاب ولد، بينما كانت تفضل سعاد إنجاب بنت، وبعد زواج استمر 11 عامًا انفصلا الثنائي، وترددت شائعات بأن سبب الطلاق هو خيانة المخرج للسندريلا .
و مسلسل "السندريلا" الذي جسدت فيه الفنانة منى زكي، دور سعاد حسني، أظهر خيانة علي بدرخان، وهو ما أغضب الأخير، وقال: "هذا المسلسل لا يعبر عن سعاد حسني، هذه ليست حياة (سعاد)، ولم أكن في يوم خائن لها، ولا أعلم لماذا أظهروني في المسلسل خائنًا، على الرغم من أن كل صناع العمل كانوا يعرفونني أنا و(سعاد) جيدًا، لكن لا أعلم لماذا فعلوا ذلك؟".
وأضاف في حوار أجرته معه صحيفة "الشرق الأوسط" في ذكرى وفاة سعاد حسني عام 2009: "لم أخن سعاد حسني على الإطلاق، وكل ما حدث أنهم أرادوا إعطاء جرعة بهارات للعمل الدرامي، أما بالنسبة للضعف الذي تتحدثون عنه، فأنا لم أضعف من قبل أمام أي امرأة، حتى أمام سعاد حسني نفسها، واختياري لـ(سعاد) كان على أساس أبعاد عديدة، وليس جمالها فقط، بل عقلها ومشاعرها، وانسجامنا معا".
وعن سبب الانفصال بينهما، قال: "حياتي مع السندريلا كانت جميلة وسعيدة جدًا، لكن الوهن العاطفي الذي كثيرًا ما يتسلل بين الأزواج أصابنا، ولم نريد العيش في هذا المناخ، فقررنا الطلاق، ولم يتحول الانفصال أبدًا إلى عداوة بيننا، بل أصبحنا صديقين بكل ما تحمله الكلمة من معان، وتعاونا معًا في العديد من الأعمال السينمائية الناجحة".
ويعتبر الزواج الرابع لسعاد حسني كان من زكي فطين عبد الوهاب ابن المطربة ليلى مراد عام 1981 الذي يعد من أقصر زيجاتها حيث استمر ستة أشهر فقط وانفصلا بسبب رفض الفنانة والمطربة ليلى مراد لهذا الزواج, حيث كشف زكي فطين عبد الوهاب قصة زواجهما في برنامج تم استضافته من خلاله وهو برنامج " سمر والرجال " وقال :" تعرفت عليها لأول مرة في معهد السينما وكنت في السنة الأولى لي , وكنت في أسعد لحظاتي لأنني سألتقي بها وهذا كان أثناء تصوير فيلم " أعلى القمة " , ولقد شعرت بمشاعر الاعجاب تجاهها وتمنيت أن أتعرف عليها وأتزوجها وبالفعل كانت بيننا قصة حب كبيرة وتزوجنا لفترة ولكن انتهت العلاقة بيننا لأنها كانت علاقة غير متكافئة وكان فرق السن بيني وبينها كبير والذي وصل لأكثر من 20 عاما ، وزيادة على ذلك عدم قبول والدتي بزواجي منها خاصة وأنها فنانة مشهورة وتحيط بها الكثير من المشاكل , ولكن بعدما انتهى زواجنا استمرت علاقة الصداقة بيننا .
وسافرت سعاد بعد إنفصالها عن بدرخان إلى العراق لتشارك في فيلم "القادسية" مع المخرج صلاح أبوسيف وكوكبة من النجوم العرب، وانتشرت شائعة حول زواجها من المنتج محمد القزاز ولكن سعاد حسنى نفت تلك الشائعة ثم تزوجت من المؤلف ماهر عواد وكشفت سعاد حسني قصة زواجها من السيناريست ماهر عواد من خلال تسجيل صوتي لإذاعة "مونت كارلو" وقالت الفنانة خلال التسجيل: "شاهدته لأول مرة خلال برنامج تلفزيوني، وكان يتحدث عن تجربته في السيناريو ودراسته العلمية وهيامه وغرامه بالسينما وعدم تعجله للشهرة، وبعد انتهاء البرنامج، أعجبتني شخصيته وشعرت بأنه يقدم نوعاً مفقوداً في السينما وهو الفيلم الغنائي الموسيقي الذي برع في تقديمه".
وأضافت, "بعد أيام اتصل بي هاتفياً وطلب تحديد موعد لعرض سيناريو عليّ، فرحبت جداً وبعد مقابلة قصيرة أعطاني السيناريو وكنت في شوق لقراءته، وتكررت الاتصالات التليفونية بيننا لظروف ما، لم يخرج الفيلم إلى النور، لكن في هذه الأثناء شعرنا بأننا لا نستطيع أن نستغني عن بعض، وعرض عليّ الزواج".
وتم زواج الفنانة الراحلة بالسيناريست ماهر يوم 11 حزيران/يونيو عام 1987، وكان المهر 25 قرشاً مصرياً، وحضر الحفل مجموعة قليلة من الناس، كلهم كانوا من الأهل, واستمر زواجهما حتى رحيلها في عام 2001.
ولم ترحل سعاد حسني في هدوء، بل أثار خبر وفاتها جدلًا كبيرًا في الأوساط الإعلامية والصحافية حيث توفيت إثر سقوطها من شرفة منزلها في لندن في 21 حزيران/يونيو 2001، وقد أثارت حادثة وفاتها جدلاً لم يهدأ حتى الآن.
و هناك أكثر من رواية حول وفاة سعاد حسني، فهناك من يؤكد أنها قُتلت بعد اعتزامها كتابة مذكراتها، فيما قال البعض إن وفاتها طبيعية، وآخرون أكدوا على أنها انتحرت.