المسلسل الإماراتي "خيانة وطن"

لا شك أن بداية كل مسلسل ينتظره المشاهد، تُعتبر عنصرًا أساسيًا يقف وراء اتخاذ قرار المتابعة من عدمها، ومن ضمن تلك العناصر التشويق، وحضور الممثلين، وهذان العاملان يشكلان نقطة جذب مهمة لدى المتلقي قبل الغوص في تفاصيل الحكايات التي تظهر خيوطها بعد مرور 10 أيام على أقل تقدير من كل عمل، لتخلق بعدها عنصر المفاجأة الذي يحسم الأمر لتقييم المسلسل، ومن خلال جولة عامة على عدد من الأعمال التي استطاعت لفت الانتباه إليها يمكننا الوقوف عند بعض عناصر الجذب هذه.

في المسلسل الإماراتي "خيانة وطن" لعب عامل ظهور مشهد السيارات الأمنية بشكل لا يراه من يعيش على أرض الإمارات في الواقع بهذا الوضوح، عاملًا جاذبًا لدى المتلقي، والرغبة في معرفة ما حدث منذ عام 2012، منذ القبض على خلية لـ"الإخوان المسلمين"، هذه البداية شكلت عامل جذب كبير، خصوصًا أن العمل يشكل حالة وطنية جامعة، وأن العمل يعكس قدرة هذه الجماعة على تدمير الخلية الأولى في المجتمع، وهي الأسرة، وكيف تسعى من خلال استخدام النصوص الدينية لخدمة مصالحها المتطرفة التي تصب فقط في مصلحة فكر هذه الجماعة المتطرفة المجرمة.

وكان لحضور ممثلين في مسلسلات أخرى دور في لفت اهتمام المشاهدين. ممثلون لهم تاريخهم الفني، مثل محمود عبدالعزيز في دوره بمسلسل "رأس الغول"، ويحيى الفخراني في دوره بمسلسل "ونوس"، وعادل إمام في مسلسل "مأمون وشركاه" استطاعوا ببساطة أن يؤكدوا أن الاختلاف والحضور من سماتهم، فهم قادرون ببساطة على أن يستحوذوا على الكاميرا مهما كان مستوى العمل.

وثمة مشاهد كاملة استطاعت أن تأسر المتابعين لها، ولا دليل أقوى على ذلك من مسلسل "أفراح القبة"، فمنذ اللقطة الأولى الفعلية في المسلسل، ظهر الفنانون جمال سليمان، اياد نصار، وصبا مبارك، في كواليس مسرح عريق، وبأزياء ومكياج يأسر النظر، وألوان وقعها أقرب الى صفحات الرواية نفسها التي كتبها الراحل نجيب محفوظ، هذا المشهد له تأثير قوي في المتلقي، فمصر التي رحبت بكل الجنسيات العربية على أرضها، قادرة ببراعة على أن تثبت ذلك عمليًا، وفنيًا، فكانت جرأة من مخرج العمل محمد ياسين أن يستهل المسلسل بوجوه غير مصرية، وهي جرأة يشكر عليها، ويؤكد أن مصر حاضنة أولى للفن، لتأتي بعدها المشاهد المحبوكة بطريقة محترفة، تؤكد أننا سنكون أمام مسلسل مختلف من الناحية الفنية والقيمة الفكرية فيه، يعيدنا الى زمن روايات محفوظ وأسامة أنور عكاشة، الذي تحولت لياليه في الحلمية في الجزء السادس الى صدمة ستعمل على محو كل الجمال الذي تم تقديمه في السلسلة قبل 25 عامًا، فالبداية في الجزء السادس لم تبشر بخير.

وبالحديث عن الأعمال المقتبسة عن روايات، كان لمسلسل "ساق البامبو" حضوره، لكن الضعف فيه كان بالمشاهد الاستهلالية للعمل التي كانت في الفلبين مع ممثلين لا يعرفهم الجمهور العربي، لذلك كانت حالة الترقب مملة، الى أن انتقل المخرج محمد القفاص الى الممثلين المعروفين لدى المشاهدين، فبدأت معهم الألفة والترقب، مشكلة هذا المسلسل أنه مبني على الرواية الأكثر قراءة منذ صدورها للكاتب سعود السنعوسي، لذلك من الممكن أن يصبح كل مشاهد قارئ للرواية مخرجًا للعمل، وهذا قد يخلق خطين متوازيين، الخط الأول الايجابي هو قيمة التفاعل مع الأحداث والتوقعات التي قد تتناسب مع توقع المشاهدين، ما سيمكن الجميع من تحليل المشاهد والتنبؤ بما سيحدث، والخط الثاني خلق حالة الملل بسبب التوقعات المسبقة، خصوصًا أن اعلانات المسلسل كشفت الكثير من خيوط العمل، وهذا لن يكون لصالح العمل، لكن هذا لا ينفي وجود ممثلين قادرين دومًا على جذب المتلقي، على رأسهم سعاد عبدالله.

من المسلسلات التي قد يشفع لها المشاهدون، وتُعطى الفرصة لمشاهدة المزيد، مسلسل "سقوط حر" للمخرج شوقي الماجري، وبطولة نيللي كريم، القلق من هذا العمل، هو وضع نيللي كريم في زاوية محددة بعد أن تحررت من زاوية الفتاة اللطيفة وابنة الاغنياء لفترة طويلة من عمرها الفني، وفاجأت الجمهور منذ دورها في مسلسل "بنت اسمها ذات، وسجن النساء، وتحت السيطرة" التي قدمت من خلالهم أدوارًا متنوعة.

وبالحديث عن الأسر في الشخصيات، يظهر جليًا في دور الممثلة سلوى خطاب، في مسلسل "نيللي وشريهان"، ومع أن هذه الممثلة تحمل الكثير لتقدمه، الا أن حضورها في المسلسلات شبيه بأدوارها الفائتة مثل دورها في "سجن النساء"، حتى طريقة كلامها ونبرة صوتها، فلم تقدم الجديد في شخصيتها سوى تغير الاسم.

ظافر العابدين في مسلسل "الخروج"، وتيم حسن في مسلسل "نص يوم"، وعمرو يوسف في مسلسل "جراند هوتيل"، قادرون على أن يؤكدوا حضورهم بشكل قوي على الشاشة، بالرغم من ملامحهم التي قد لا تتناسب مع أي دور يقدم لهم، الا أنهم كسروا هذه القاعدة، واثبتوا تنوعهم، وبراعتهم في الاستحواذ على الكاميرا، خصوصًا عمرو يوسف، الذي يؤكد قدرته في التنوع، اما التونسي ظافر العابدين، فقد أصبح من الأسماء المنتظرة في رمضان، خصوصًا بعد دوره العام الفائت في مسلسل "تحت السيطرة"، وهذا العام يمثل دور ضابط في مسلسل "الخروج". في جميع الأحوال لايزال من المبكر الحكم على الاعمال، فمازال في جعبة هذه المسلسلات الكثير لتقدمه، والأمل دائمًا بالخروج مع أعمال تترك أثرها الطيب في من يتابعها.