دبي – صوت الإمارات
"أنا ما بكلفش حد"، هذا ما قاله محمد خان بعد عرض فيلمه "قبل زحمة الصيف"، المنافس على جوائز مسابقة المهر الطويل لمهرجان دبي السينمائي في دورته الـ12، على الرغم من أن الفيلم يدخل تحت فئة التمويل الجماعي، بمشاركة سبعة منتجين، من بينهم مدير شركة "ماد سولوشين" علاء كركوتي، والكاتب والمنتج محمد حفظي وغيرهما.
وحسب خان فقد تم تصوير الفيلم في شهر واحد فقط، في منطقة الساحل الشمالي، مع مجموعة من الأبطال لا يتجاوز عددهم اليد الواحدة، ماجد الكدواني، هنا شيحة، أحمد داود، لانا مشتاق، هاني المتناوي.
وبناء على هذه المعطيات في ظروف الإنتاج، فأنت كمشاهد ستشعر بالفعل بأن تفاصيل الحكاية لها علاقة بإجازة الصيف التي تسمع عنها أو تشاهدها عبر مسلسلات وأفلام، والتي عادة تقتصر على أصحاب القدرة على تأجير "الشاليهات" أو امتلاكها، أي أن موضوع الطبقية حاضر في الفيلم، لكن هذه المرة قبل زحمة الصيف، فالشاطئ الواسع لا يوجد على رماله سوى منزلين، الأول لطبيب اسمه يحيى وزوجته ماجدة، والثاني لامرأة مطلقة اسمها هالة، تربطها علاقة عاطفية مع ممثل من الصف الثاني اسمه هشام، إضافة إلى الحارس جمعة، وهو عمليًا الشخصية الأكثر تأثيرًا في الفيلم، فهو يشكل الطبقة الفقيرة، التي تنظر إلى هؤلاء الأغنياء بشيء من الحلم. خمس شخصيات في الفيلم، تتحرك ضمن مكانين المنازل المتناثرة على الشاطئ، والشاطئ نفسه.
خان الذي قدم "بنات وسط البلد"، و"في شقة مصر الجديدة"، ينتقل من القاهرة وصخبها باحثًا عن هدوء ومساحة لهؤلاء الذين يقصدون الذهاب بعيدًا عن المدن، لهدف الاسترخاء أو الهرب، مثل الطبيب يحيى، الذي يظهر منذ بداية الفيلم كشخصية متلصصة، ومتحكمة، من خلال منظاره الذي يراقب من خلاله ما يحدث على الشاطئ، فهو يتلذذ بمشاهدة عابرين أجنبيين يقبلان بعضهما، لكنه في الوقت نفسه يأمر الحارس جمعة بطردهما، وهو المتورط بجرائم لها علاقة بأطباء في المستشفى الخاص به، أودوا بحياة بشر، بسبب أخطائهم الطبية.
الكدواني الذي أدى دور شخصية الطبيب يحيى، أصبح واضحًا أن لديه بصمته الخاصة التي يتركها في كل دور يؤديه، هو متزوج من امرأة تراقب هي الأخرى زوجها وهو يتلصص على الجارة الجميلة هالة، وعلى كمبيوتره المملوء بصور عارضات الأزياء، وهي التي تعاني التخمة.
في المقابل، تشاهد هالة المرأة الجميلة التي أدت دورها هنا شيحة، وهنا من المنصف التحدث عن شيحة، التي على ما يبدو قررت الانتقال إلى مرحلة مختلفة كليًا عن ما قدمته سابقًا أو عن الصورة النمطية التي حاصرتها كفتاة طيبة ورقيقة وغيرها من الصفات التي تتلاءم مع شكلها الهادئ، هي قررت أن تقبل سيناريوهات تظهر من خلالها قدرتها على تقديم المختلف، وهذا الاختلاف كان واضحًا من الناحية التلفزيونية خصوصًا في مسلسل "العهد".
واستطاعت ببساطة أن تكون من بطلات أعمال محمد خان، الذي استطاع بإدارته أن يقدمها بشكل مختلف، وأن يجعلها ترتدي "المايوه"، الذي كان أمرًا عاديًا في حقبة السبعينات، ومن ينسى فيلم "أبي فوق الشجرة" وبطليه ميرفت أمين وعبد الحليم حافظ.
شيحة في الفيلم مع شخصية هالة، الأم لمراهقين، تعيش هي الأخرى مراهقتها بعد الطلاق بخيارات تحددها، فتجد في هشام الحالم بدور البطولة يومًا ما مع أنه تجاوز الـ40، جزء من تركيبتها المتعلقة بالطبقة الاجتماعية التي تنتمي لها، هي المتحكمة حد التملك، أمام هشام الذي يدرك ماذا تريد منه، حتى لو على حساب رأيه الشخصي فيها وحريته، ما دامت قادرة على إعطائه مبالغ مالية بين الحين والآخر، وعندما يقرر الابتعاد تطالبه بتلك المبالغ.
عنصر المال هو المتحكم بتفاصيل حكايات من لديه شاليهات على البحر، مع وجود شخصية الحارس جمعة، المبتسم دائمًا، الذي يلبي طلبات سكان البحر، ولو كان المقابل ملابس قديمة أو بضع جنيهات، هو الذي يتلصص على هالة الجميلة، كحلم يعرف أنه لن يصل إليه، لكن الحلم نفسه قادر على أن يجعله يغني ويقفز من الفرح.
هذه الشخصة التي أداها أحمد داود، هي الشخصية المحركة في الفيلم، الذي تمشي أحداثه برتم بارد يشبه شخصياته.
تتقاطع العلاقات جميعها، وتفضح الكثير من دواخل الشخصيات الخمس في الفيلم، لكنها تعيدك مرة أخرى الى البداية في قدرة المال والوضع الاجتماعي على الحصول على مبتغاه دائمًا، فالطبيب يحيى لم يعاقبه القانون، والجميلة هالة جاءت مع أبنائها الى الساحل وهاتفها يرن ويظهر هشام كمتصل، أما جمعة فقد غادر الساحل ليبحث عن فرصة ثانية في العمل الذي جاء إليه كبديل عن شقيقه، والشاطئ أصبح مكتظًا، فالصيف بدأ.