أبوظبي - سعيد المهيري
ترسخ مستويات الملاءة المالية العالية التي تتمتع بها البنوك الوطنية من صلابتها أمام التحديات الراهنة التي تواجه نمو الاقتصاد العالمي والتقلبات الحادة التي تشهدها أسواق السلع والعملات، بحسب مسؤولين وخبراء مصرفيين، والذين أكدوا قدرة النظام المصرفي في الإمارات على امتصاص الصدمات المالية الخارجية.
واستبعد هؤلاء تأثر جودة الأصول المصرفية في الإمارات ومستوى السيولة والربحية، بالهبوط الحاد في أسعار النفط في الأسواق العالمية، والتي قد تؤثر بشكل غير مباشر على النشاط الاقتصادي للبلدان المصدرة للنفط، لافتين إلى أن ديناميكية الاقتصاد الإماراتي وتنوعه توفر شبكة أمان للبنوك في هذه المرحلة.
وأكد رؤساء تنفيذيون لبنوك وطنية أن حالة اللايقين التي تسود الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن وعدم وضوح الرؤية بشأن آفاق النمو، لن تدفع البنوك لتعديل استراتيجيتها أو إعادة تخطيط أهدافها للعام الحالي، وذلك في ظل التوقعات المتفائلة بشأن قدرة الاقتصاد الوطني على مواصلة النمو الإيجابي وإن كان يتوقع أن يكون بوتيرة أقل عن العام الماضي نتيجة تراجع أسعار النفط.
وأكد الخبراء أن النظام المصرفي في الإمارات مؤهل للمحافظة على التمويل القوي والسيولة الجيدة وتحقق حاليا الاستفادة القصوى من النمو الاقتصادي للإمارات، وهو الأمر الذي انعكس على ربحية المصارف خلال عام 2014 وتسجيلها لمعدلات نمو قوية عكست التحسن اللافت في البيئة التشغيلية للقطاع المصرفي بالدولة.
وأظهرت النتائج المالية التي أعلنتها البنوك الوطنية المدرجة في أسواق الأسهم المحلية، ارتفاعا ملحوظا في معدلات كفاية رأس المال والتي تراوحت بين 14.3% و21%، وهو ما يزيد عن الحد الأدنى المطلوب من قبل المصرف المركزي عند 12%، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الشق الأول من رأس المال والتي تراوحت أيضا بين 15 إلى 18%، وهو ما يفوق متطلبات بازل 2 وبازل 3.
وتعكس الرسملة القوية للبنوك الوطنية خلال 2014، مستوى القوة الذي بلغته هذه البنوك في جودة الأصول، إضافة إلى زيادة إيرادات الأنشطة الأساسية في القطاع المصرفي بالدولة.
وتوقع رئيس اتحاد مصارف الإمارات، عبدالعزيز الغرير،أن يواصل القطاع المصرفي في الدولة تسجيل معدلات نمو جيدة في أرباحه الصافية والتشغيلية خلال العام الحالي رغم المتغيرات التي تشهدها الأسواق العالمية بسبب تراجع أسعار النفط والتباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي بوجه عام وخاصة في الصين واليابان، فضلا عن عدم قدرة منطقة اليورو عن الخروج من دائرة الركود.
وأوضحت إن أداء البنوك العديد من البنوك خلال العام 2014 كان مميزا جدا، حيث استفادت من البيئة التشغيلية القوية التي يتمتع بها اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة والتي وفرت مجالات واسعة لتعزيز مصادر النمو، متوقعا أن تواصل البنوك الاستفادة من هذه البيئة خلال السنوات المقبلة رغم ما تشهده الأوضاع الاقتصادية في العالم من متغيرات سريعة نتيجة التراجع الكبير في أسعار النفط وتذبذب أسواق العملات، وذلك بفضل الجاذبية الاستثمارية والتجارية والسياحة للإمارات ومعدلات الانفاق المرتفعة.
وقدر الصندوق الدولي في أحدث تقرير له عام 2015، نمو الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات في العام الحالي بنحو 3,6%، مرجحاً أن يصل الناتج الإسمي هذا العام إلى نحو 362,8 مليار دولار (1,33 تريليون درهم) مقارنة مع 401,4 مليار دولار (1,47 تريليون درهم) للعام 2014.
ووفقا لتقديرات الصندوق من المتوقع أن يواصل القطاع غير النفطي نموه هذا العام بحدود 5% وأن يحافظ على النسبة ذاتها في العام المقبل، فيما رجح نمو القطاع النفطي بنسبة طفيفة تصل إلى 0,4% هذا العام مقارنة مع 0,2% العام الماضي.
واعتبر مصرفيون أن معدل النمو الاقتصادي المتوقع بحسب الصندوق يظل ضمن المستويات العالية مقارنة مع معدلات النمو المنخفضة في العديد من الاقتصادات العالمية، الأمر الذي يعكس نجاح الاقتصاد الوطني على الاحتفاظ بوتير نمو مرتفعة رغم التقلبات التي شهدتها أسعار النفط والمتغيرات على الساحة الاقتصادية العالمية.
يشار إلى أن الأرباح الصافية لنحو 16 بنكا من البنوك الوطنية المدرجة في الأسواق المالية المحلية سجلت ارتفاعات قوية للعام 2014، لتصل إلى 35 مليار درهم، مقارنة مع 27,6 مليار درهم للبنوك ذاتها في العام 2013 بنمو قدره 26%، بحسب تقديرات أولية غير رسمية.
وأظهرت البنوك التي أفصحت عن نتائجها المالية للعام 2014، تحسناً لافتا في الأداء التشغيلي ارتفعت معه إيرادات البنوك الرئيسية بشكل واسع خاصة إيرادات الفوائد والرسوم، فضلا عن التحسن القوي في جودة الأصول مع تراجع مستوى المخصصات وقوة وارتفاع نسبة كفاية رأس المال للعديد من البنوك لتتراوح بين 14,3 إلى 20%.
ونجحت الكثير من البنوك في تنظيف نسبة كبيرة من الديون بعد المخصصات التي جنبتها في الأعوام الأخيرة، مما قاد إلى استقرار مستوى المخصصات لتعود إلى مستوياتها الطبيعية، وذلك بعد أن ساعدت حالة الازدهار الاقتصادي الشركات التي كانت تواجه أوضاعاً صعبة في السابق على العودة إلى الربحية وزادت من قدرتها على السداد، وكذلك الحال بالنسبة للأصول العقارية التي سجلت ارتفاعات جيدة شجعت القطاع المصرفي على العودة للإقراض والتي انعكست إيجاباً على ربحية البنوك.