التأمين على السيارات

يعاني قطاع التأمين من فوضى في تسعير وثائق التأمين على السيارات، نتيجة قيام بعض الشركات ببيع هذه الوثائق بأسعار متدنية تقل عن الحدود الفنية المقبولة تحت ضغط المنافسة المحتدمة والحاجة للسيولة النقدية، بحسب مديرين تنفيذيين ومسؤولين في القطاع، الذين أكدوا أن نسب التفاوت في أسعار وثائق التأمين في الدولة تراوحت بن 40% و60%، حيث بلغ متوسط سعر وثائق التأمين "الشامل" على السيارات "الصالون" إلى 2,5% من إجمالي القيمة التقديرية للسيارة وذلك في معظم شركات التأمين، فيما تقدم شركات أخرى على طرح الوثيقة نفسها بأسعار "محروقة" تتراوح بين 1,5% و1,2% من القيمة التقديرية للسيارة.
وقالوا إن قيام بعض شركات بطرح وثائق التأمين على المركبات بأسعار متدنية يضر بالقطاع ويعرض الشركات المصدرة لهذه الوثائق لخسائر فنية فادحة نتيجة عدم ملاءمة سعر البيع للتكلفة الإدارية للإصدار وحجم المخاطر المغطاة.
وأكدت هيئة التأمين، رصدها لممارسات بعض الشركات التي تقوم بطرح أسعار الوثائق بأسعار متدنية، تمهيدا للتدخل، قبل أن تؤثر تلك الممارسات على الوضع المالي للشركة، مبينة في الوقت نفسه صعوبة تحديد حد أدنى لأسعار الوثائق حيث لا يمكن تحديد كلفة المنتج التأميني بشكل دقيق ومسبق، بل يتم ذلك بناءً على وقائع وبيانات سابقة من خلال تحليل البيانات السابقة واستقراء المستقبل بشكل علمي وعملي مع الالتزام بقواعد المنافسة السليمة.
وأوضح رئيس اللجنة الفنية العليا بجمعية الإمارات للتأمين،عمر الأمين،  ومدير عام شركة "أورينت" إن أسعار وثائق التأمين على السيارات في الدولة تتعرض لضغوط سعرية غير مسبوقة نتيجة قيام عدد من الشركات بحرق أسعار الوثائق وبيعها بأسعار متدنية تقل عن الحدود الفنية المقبولة. وأشارأن عملية تسعير وثائق التأمين على السيارات يجب أن تخضع لحسابات دقيقة تأخذ في الاعتبار عدداً من العوامل الرئيسية، مثل التكلفة الإدارية لعملية الإصدار، وطبيعة المخاطر التي تغطيها الوثيقة، مضافاً إليهما نسبة الأرباح التي تستهدفها الشركة.
ولفت إن بعض شركات التأمين تضرب بهذه الحسابات والمعادلات التأمينية عرض الحائط، وتقوم بطرح وثائق التأمين بأسعار متدنية لا تستند إلى أي أسس فنية نتيجة حاجتها الماسة لتعظيم حصتها السوقية أو لجمع السيولة النقدية واستثمارها في أسواق المال.
وأوضح أن قيام هذه الشركات ببيع وثائق التأمين بأقل من الحدود الفنية المقبولة، يكبدها خسائر فنية كبيرة في أعمال التأمين، بالإضافة إلى تعرضها لمخاطر حقيقية في حال حدوث انخفاضات حادة في أسواق المال المحلية التي تستأثر بنسبة كبيرة من استثمارات شركات التأمين. وشدد الأمين على ضرورة انتهاج شركات التأمين العاملة في الدولة لسياسات اكتتابية رصينة بما يسهم في بدوره في استدامة نمو القطاع وتطوره.
وأقر مدير عام هيئة التأمين،إبراهيم الزعابي  إن الهيئة ترصد بعض الشركات التي تبيع الوثائق بأسعار دون المستوى الفني، تمهيداً للتدخل حينما يشكل ذلك خطراً على وضعها المالي.
وأضاف انه على الرغم من أن السياسة التي تتبعها بعض شركات التأمين بالنزول بأسعارها إلى ما دون المستوى الفني هي سياسة خاطئة، إلا أن هيئة التأمين تضعها تحت المراقبة بغية التدخل عند الضرورة من أجل إلزام الشركة بتعديل سياستها الاكتتابية حينما تشكل خطراً على الوضع المالي للشركة، والذي بدوره قد يعرض مصالح المتعاملين مع الشركة للضياع.وقال إن هيئة التأمين تشجع الشركات على اتباع ممارسات المنافسة المبنية على أسس فنية وتسويقية سليمة، وذلك من أجل تحقيق مصالح مستهلكي التأمين في الحصول على الخدمات التأمينية بأفضل الشروط وبأسعار محسوبة فنياً.
وأعلن مدير عام شركة الوثبة الوطنية للتأمين بسام جلميران،  إنه بالرغم من خطورة الممارسات التي تقدم عليها بعض شركات التأمين من خلال طرح وثائق التأمين على السيارات بأسعار متدنية، إلا أنه لا يمكن للجهات المشرفة على القطاع أن تقوم بوضع حدود عليا وسفلى لسعر الوثيقة التي تختلف كلفتها بين شركة واخرى.
وأكد أن المنافسة المحمومة بين شركات الـتأمين في السوق المحلية، أدت إلى خروج أسعار الوثائق عن السياق المقبول، بما يعرض القطاع لخسائر فنية كبيرة والتي تنعكس سلباً على النتائج الإجمالية للشركات.
وأضاف جلميران أن أسعار وثائق التأمين على السيارات انخفضت بشكل ملحوظ خلال الخمسة أعوام الماضية في حين زادت تكلفة إصلاح السيارات خلال الفترة المشار إليها بنسبة تصل 70% خلال الفترة نفسها. كما تشير إحصاءات هيئة التامين إلى أن التعويضات التي تكبدتها شركات التأمين العاملة في الدولة بقطاع المركبات وإصلاحها رقما قياسيا جديداً خلال 2013 تجاوزت حاجز الأربعة مليارات درهم وصولاً إلى 4,086 مليار درهم، مقارنة بنحو 2,784 مليار درهم خلال 2012 بزيادة بلغت نسبتها 46,76%.
حذر مدير عام شركة "دبي الوطنية للتأمين" رامز أبوزيد،  من استمرار قيام بعض شركات التأمين في طرح أسعار الوثائق بأسعار متدنية، أو الحرق المتعمد للأسعار، بدافع الرغبة الملحة لجمع السيولة وضخها في قنوات استثمارية في مقدمتها الأسهم، موضحا أن الشركات التي تقوم بهذه الممارسات لا تستند في عملية التسعير على أية أسس فنية سليمة، وهو الأمر الذي يعرضها إلى خسائر مالية فادحة بالعمليات التأمينية بقطاع السيارات ما يضر بحقوق المساهمين.
وأوضح أن نسبة التفاوت بأسعار وثيقة التأمين الشامل على السيارات تصل إلى نحو 60%، ففي حين يصل سعر الوثيقة التي تشمل الإصلاح خارج الوكالة بـ 2,5% من إجمالي القيمة التقديرية للسيارة في معظم شركات التامين، تقوم شركات بطرح الوثيقة نفسها بـ 1,5% و1,2% كما تصل سعر وثيقة الشامل للإصلاح داخل الوكالة إلى 3% بينما تطرحها شركات أخرى 1,7%. وأضاف أبوزيد أنه في مقابل قيام عدد قليل من الشركات ببيع وثائق التأمين على السيارات بأسعار تقل عن المستويات الفنية المطلوبة يوجد شركات تأمين وطنية وأجنبية عريقة في الدولة ترفض الانسياق وراء هذه الممارسات المرفوضة مهما بلغت حدة المنافسة. وأوضح أبوزيد أن "دبي الوطنية للتأمين" حافظت على تحقيق نسب نمو مطردة من خلال انتهاجها سياسات متوازنة تعتمد على تحديد التكلفة الإدارية لإصدار الوثائق والمخاطر المغطاة وهوامش الربح المستهدفة.
بينمت لفت رئيس لجنة السيارات والشؤون القانونية محمد مظهر حمادة،  في "جمعية الإمارات للتأمين، ومدير عام شركة "العين" للتأمين، إن أسعار وثائق التأمين على السيارات في الدولة انخفضت خلال عام واحد بنسبة تتجاوز 25% نتيجة حدة المنافسة وقيام بعض الشركات بطرح الوثائق بأسعار تقل عن المستويات الفنية المقبولة.
وأكد حمادة أن انخفاض أسعار وثائق التأمين في بعض الشركات ينعكس بدوره على الخدمات المقدمة لحاملي الوثائق، فغالباً ما تعجز شركات التأمين التي تقوم بإصدار الوثائق بأسعار متدنية عن تقديم خدمة تأمينية جيدة لحاملي الوثائق.
وأضاف أن بعض شركات التأمين المصدرة للوثائق التي تقل عن المستويات السعرية المقبولة فنيا تذهب بعملائها إلى حد المماطلة في عملية إصدار «خطاب الدفع» لوكالة السيارات والذي يمثل إجراءً ضرورياً للشروع في عملية الإصلاح.
وأوضح حمادة أنه لا يمكن مقارنة مستوى الخدمة المقدمة من شركة تأمين تبيع وثائق السيارات بنحو 2,5% من القيمة التقديرية للسيارة وبين شركة أخرى تقوم باستصدار الوثيقة نفسها بنحو 1,2%.
واعرب إن العملاء أصبحوا أكثر دراية بأهمية التعامل مع شركات تأمين موثوقة، تركز في عمليات تسويق الوثائق على الخدمات المرفقة وليس الأسعار فحسب، حيث تتجلى أهمية الموثوقية عند وقوع حادث والحاجة للوفاء بالاستحقاقات المترتبة على إصدار الوثيقة. وأكد أن انخفاض أسعار التأمين دون المستويات الفنية المقبولة التي تغطي المخاطر والتكاليف يضر بقطاع التامين على السيارات التي يستحوذ على نحو 40% من إجمالي التأمينات العامة في الدولة.