دبي ـ جمال أبو سمرا
يتوقع الخبراء أن يشهد قطاعا الأغذية ونمط الحياة الحلال نمواً بنسبة 6% بحلول عام 2020، بحسب النتائج الأولية لتقرير «واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي لعام 2015-2016»، الذي تم إعداده بتكليف ودعم من قبل «مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي» بالشراكة مع «تومسون رويترز»، وبالتعاون مع مؤسسة «دينار ستاندرد». وسيتم نشر التقرير كاملاً بحلول نهاية الشهر الجاري في إطار التحضيرات المستمرة للنسخة الثانية من «القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي» التي تُقام فعالياتها برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
قام فعاليات القمة، التي ينظمها كل من «مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي» و«غرفة دبي» وشركة «تومسون رويترز»، يومي 5 و6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ومن المتوقع أن تستقطب أكثر من ألفي مشارك بينهم صناع قرار ومفكرون وقادة أعمال من مختلف أنحاء العالم، لمناقشة أبرز التحديات والفرص التي ينطوي عليها قطاع الاقتصاد الإسلامي متسارع النمو. وستتناول القمة مختلف التحديات على صعيد السياحة العائلية، والأغذية والمستحضرات الصيدلانية ومنتجات العناية الشخصية الحلال، والإعلام والترفيه وغيرها من المجالات المهمة المرتبطة بالاقتصاد الإسلامي.
وبحسب الإحصاءات، بلغ حجم إنفاق المسلمين في سوق السفر العالمي 142 مليار دولار في عام 2014، ومن المتوقع أن يصل إلى 233 مليار دولار بحلول عام 2020. وجاء في مقدمة الوجهات الأكثر استقطاباً للسياح المسلمين كل من ماليزيا، وتركيا، ودولة الإمارات التي تتفوق على غيرها من الدول من حيث المشاريع الفندقية. ولتلبية متطلبات هذا النمو المتوقع، تشهد السوق ظهور قنوات جديدة ومبتكرة.
وعلى الرغم من التوقعات التي تشير إلى نمو قطاع السفر الحلال بنسبة 8.6% بحلول عام 2020، لا يزال بعض المستثمرين مترددين في الاستثمار في الفنادق التي تلبي متطلبات واحتياجات السائح المسلم، خشيةً من تراجع العائدات نتيجة عدم تقديم المشروبات الكحولية فيها، مع أن حفلات الولائم يمكن أن تكون بديلاً حيوياً وخياراً مدراً للعائدات في مثل تلك الفنادق. وقال ريانتو سفيان، الرئيس التنفيذي لسلسلة فنادق «سفيان»: «لا يقتصر قطاع السياحة الحلال على المستهلكين المسلمين فحسب، بل يشمل مختلف الثقافات من كافة أنحاء العالم. فهذا القطاع يستند إلى القيم الإسلامية النبيلة التي لا يختلف أحد على شموليتها وعدالتها وقدرتها على تلبية متطلبات السياح والزوّار بغض النظر عن انتمائهم الديني، الأمر الذي يعزز قدرتنا على توسيع نطاق حضورنا وقاعدة عملائنا لتشمل أسواقاً ومجتمعات أوسع في مختلف أنحاء العالم».
كما أنه من المتوقع أن ينمو قطاع الأغذية الحلال بنسبة 5.8% بحلول عام 2020، في ظل الدعوات المتواصلة إلى التعامل الأخلاقي مع الحيوانات والذي أدى إلى ظهور سوق أغذية عضوية تقدر قيمتها ب 100 مليار دولار. وعلى الرغم من أن مفهوم الأغذية الحلال يشمل ضمناً التعامل الأخلاقي مع الحيوانات، غير أن تثقيف دول منظمة التعاون الإسلامي ونشر التوعية فيها حول معايير قطاع الحلال ومنهجيات الاعتماد وشهادات الحلال، لا يزال يُعتبر أحد التحديات الرئيسية في القطاع.
وفي السياق ذاته، شهد قطاع الإعلام والترفيه الإسلامي الذي يمثل أحد محاور النقاش في «القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي 2015»، نمواً في الطلب تجلّى من خلال ظهور قنوات إعلامية جديدة مصممة للمسلمين ومنها على سبيل المثال موقع التواصل الاجتماعي «Muslim Face»، وهو عبارة عن مبادرة يقف وراءها رواد أعمال مسلمون وتهدف إلى توفير منصة للتواصل بين المسلمين. ويواجه هذا القطاع الذي من المتوقع أن ينمو بنسبة 5.5% بحلول عام 2020، عدداً من التحديات تعود بالمجمل إلى الاعتقاد السائد بأن المحتوى الإسلامي يقتصر على المواد الدينية والتعليمية.
وبخلاف قطاع الأزياء الرئيسي الذي يواجه ضغوطاً كبيرة في أعقاب الركود العالمي، تواصل الأزياء المحافظة مسيرة التوسع والازدهار المتنامي. ويمثل قطاع الأزياء المحافظة اليوم 11% من إجمالي صناعة الأزياء العالمية، ومن المتوقع أن يسجل نمواً بنسبة 6% بحلول عام 2020. وتتلخص بعض أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع في الحاجة إلى تبني نظرة شاملة لدى تطبيق القيم الإسلامية في كافة مراحل إنتاج الأزياء المحافظة، إلى جانب الافتقار إلى منصات الدفع الإلكترونية الموحدة، وتباين القوانين والأنظمة الجمركية بين البلدان.
وفي عام 2013، بلغ الإنفاق العالمي للمستهلكين المسلمين على المستحضرات الصيدلانية 72 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 103 مليارات دولار بحلول عام 2019. ومع ذلك، يواجه قطاع المستحضرات الصيدلانية ومنتجات العناية الشخصية الحلال أيضاً تحديات عديدة يتمثل أحد أبرزها في غياب التمويل الموجه لمشاريع الأبحاث والتطوير.
وتشارك في «القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي 2015» نخبة من كبار المفكرين وقادة الأعمال من مختلف أنحاء العالم، لمناقشة تلك التحديات والقضايا، ومن بينهم: تيميل كوتيل، الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية التركية؛ وسيمون كومبس، الرئيس التنفيذي لسلسة فنادق شذا؛ وعبدالله المعيني، مدير عام «هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس»؛ وعلياء خان، رئيسة «مجلس تصاميم الأزياء الإسلامية»، وغيرهم.
قال عبدالله محمد العور، المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي: «تشهد المنتجات والخدمات المتنوعة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية إقبالاً متزايداً من قبل المستهلكين المسلمين في مختلف أنحاء العالم، وخاصة في البلاد الأجنبية والمجتمعات متعددة الجنسيات. ويمكن لرواد الأعمال المهتمين بقطاع الحلال الاستفادة من فرص النمو الهائلة التي يوفرها القطاع عبر إطلاق مشاريع مبتكرة تساعد المستهلكين المسلمين على التمتع بأنماط حياة أكثر توازناً وراحة».
قال ماجد سيف الغرير، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي: «لقد شهدنا خلال السنوات الماضية كيف نما قطاع التمويل الإسلامي ليصبح جزءاً أساسياً من الخدمات التي توفرها المؤسسات المالية، كما نشهد نفس التحول في قطاع نمط الحياة الحلال. ونلاحظ زيادة الطلب على قطاعات الاقتصاد الإسلامي بدءاً من الملابس المحافظة ومروراً بالأغذية والمنتجات الطبية، ولذلك نحن بحاجة لتسليط الضوء أكثر على هذه القطاعات وتوفير المعلومات للمستهلك المسلم حول أنماط الحياة الحلال. وهنا تبرز أهمية تقرير «واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي» الذي سيسهم في سد الفجوة القائمة فيما يتعلق بغياب المعلومات الدقيقة حول قطاعات الاقتصاد الإسلامي العالمي».
وقال نديم نجار، مدير عام «تومسون رويترز» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «تفخر تومسون رويترز بتسليط الضوء على الآفاق الواعدة التي يتمتع بها الاقتصاد الإسلامي متسارع النمو ومتعدد القطاعات من خلال النسخة الأولى من تقرير «واقع وآفاق الاقتصاد الإسلامي العالمي». وبالنظر إلى التوقعات بأن يحقق هذا القطاع نمواً كبيراً خلال السنوات الخمس المقبلة، تلعب العديد من القطاعات المنضوية تحت مظلة سوق نمط الحياة الحلال دوراً متنامي الأهمية في الاقتصاد العالمي الذي تدعمه قوة شرائية لا بأس بها للمستهلكين المسلمين. وسيوفر هذا التقرير أداة قيمة تساعد الأطراف المعنية الرئيسية في التعرف الى أحدث التوجهات الناشئة في قطاع الاقتصاد الإسلامي».