دبي ـ جمال أبو سمرا
يشكل الإنفاق الحكومي في أبوظبي المحرك الرئيس لنمو الاقتصاد الوطني خلال العام الجاري، وفقاً لتوقعات بنك ستاندرد تشارترد، الذي قدر حجم الإنفاق في الإمارة هذا العام بنحو 312 مليار درهم (85 مليار دولار) بانخفاض طفيف عن الإنفاق المقدر في العام الماضي بنحو 330 مليار درهم (90 مليار دولار).
وأكد البنك في تقريره الفصلي "جلوبال فوكس" والخاص بالربع الثاني من العام الحالي 2015: إن الاستثمار في البنية التحتية ومشروعات التنويع الاقتصادي المرتبط برؤية أبوظبي 2030، شكلت المحركات الرئيسية للنمو خلال السنوات الخمس الماضية، لافتا إلى أن أسعار النفط المرتفعة خلال هذه الفترة أتاحت الإنفاق بشكل أوسع، وهو الأمر الذي يتوقع أن يستمر هذا العام وإن كان بشكل معتدل حيث يتوقع أن يتراجع الإنفاق بشكل طفيف رغم التراجع الكبير في أسعار النفط.
ورجح التقرير أن يسجل الاقتصاد الوطني نموا معتدلا هذا العام بحدود 3,8%، وأن يرتفع إلى 3,9% في العام المقبل، وذلك رغم التأثير الذي يحدثه ضعف القطاع النفطي على ديناميكية الأنشطة الداخلية والإقليمية، مشيرا إلى أن تراجع ديناميكية الأسواق المحيطة يمكن أن يؤثر على التجارة الإقليمية.
وتوقع التقرير أن تسجل الميزانية الاتحادية فائضا هذا العام قدره 3,5% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع فائض للعام السابق قدره 8%، وسط توقعات بارتفاعه مجددا في العام المقبل إلى 5,5%، مرجحاً في الوقت ذاته استقرار معدل التضخم هذا العام عند 4,1% مقارنة بنحو 4,2% العام الماضي.
وقدر التقرير نمو تجارة دبي هذا العام بحدود 4,5% مقارنة بنمو قدره 8% خلال العام الماضي، مرجعا السبب في ذلك إلى تأثير ضعف ديناميكية التجارة الإقليمية على التدفقات التجارية عبر موانئ دبي التي تناول نحو 55% من تجارة دول مجلس التعاون الخليجي.
وفيما يتعلق بالتضخم أشار التقرير إلى هاجس التضخم الذي تزايدت حدته خلال العامين الماضيين مع ارتفاع أسعار الإيجارات والعقارات، أخذ في الانحسار مع اعتدال الأسعار هذا العام نتيجة التوازن بين العرض والطلب، وتراجع الضغوط على المعروض، الأمر الذي يؤثر إيجاباً على سوق العقارات الذي بدأ ينتهج سلوكا عقلانياً، مع تراجع هوامش المضاربات.
ووفقا للتقرير فقد سجل معدل التضخم في دبي نحو 4,5% خلال كانون الثاني/ يناير الماضي وهو أعلى مستوى له منذ أيار/ مايو 2009، وذلك نتيجة الارتفاع في تكاليف المرافق والإسكان، التي تشكل 44% من الإنفاق الاستهلاكي، والتي زادت بدورها بنسبة 7,6%.
وأشار التقرير إلى أن التضخم في أبوظبي بلغ بدوره نحو 4,1% وذلك بعد أن زادت كلفة السكن بنحو 5,8%
وبخصوص أوضاع السيولة توقع التقرير أن تحافظ على وضعها الصحي بالمقارنة بالمستويات المتصاعدة في العام الماضي، وذلك على الرغم من تراجع الإيرادات النفطية وتباطؤ الإنفاق على المشاريع الرأسمالية.
وعلى الصعيد العالمي يرى التقرير أنه مع بداية الربع الثاني من العام الحالي 2015، لا يزال التصور الذي طرحه بنك ستاندرد تشارترد للوضع الاقتصادي خلال العام الحالي 2015 ودور "الغرائز البدائية" في تحفيز الاستثمارات قائما.
ويعتقد فريق البحث العالمي لدى البنك أن هذا العام سيشهد تحسنا في عملية النمو الاقتصادي بشكل عام على الرغم من عدم الشعور بذلك في العديد من بقاع العالم؛ فمخاطر الخطأ في السياسة المتبعة- والتي قد تُخرج مسيرة التقدم عن مسارها المنشود- ما تزال موجودة.
وشهدت توقعات النمو العالمي للعام الحالي 2015 مراجعة منخفضة من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وذلك في مطلع هذا العام، بيد أن توقعات الاقتصاديين لدى بنك ستاندرد تشارترد لم ُتراجع بشكل جذري، وهو ما يتماشى مع إجماع السوق الحالي والمتفق مع توقعاتنا بشكل كبير.
ويُعد الانخفاض السريع الذي شهدته قيمة اليورو تطورا كبيرا في الربع الأول من هذا العام. وعلى الرغم من كون ذلك أمرا إيجابيا بالنسبة لمنطقة اليورو، إلا أن له تداعيات أكبر على اقتصاد العالم ككل. فمنطقة اليورو تدير بالفعل فائضا ملحوظا في حسابها الجاري كما أن تراجع قيمة اليورو بشكل أكبر يعمل على زيادة هذا الفائض أكثر مما يرفع من مخاطر تباطؤ عملية النمو في مكان آخر.