دبي - صوت الإمارات
أكد خبراء اقتصاديون ومختصون في قطاع النفط أن تحرير أسعار الوقود يعزز تنافسية الدولة، وقدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية، ويدمج الاقتصاد الوطني مع الاقتصاديات العالمية المتقدمة التي تتبع الآلية نفسها لتسعير المشتقات النفطية.
وأشاروا إلى أن هذا القرار الاستراتيجي يرفع أعباء الدعم عن كاهل الميزانية الحكومية ما يعزز قدرتها على توجيه هذه الأموال إلى مشروعات تنموية كبرى تتميز بالعائد الاستثماري القوي على المديين المتوسط والبعيد.
وأعلنت وزارة الطاقة أمس الأول الاربعاء تحرير أسعار الوقود في الدولة اعتبارا من مطلع آب/ أغسطس المقبل، واعتماد آلية للتسعير وفقا للأسعار العالمية، على أن يشمل القرار تحرير أسعار "الجازولين" و"الديزل".
وأوضح رئيس مجلس إدارة مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي ماجد سيف الغرير، إن القرار الاستراتيجي الذي اتخذته دولة الإمارات يعد بمثابة خطوة مهمة تستكمل بها منظومة الاقتصاد الحر التي تنتهجها الدولة ، مؤكداً أن هذه تحظى بترحيب كبير من قبل المؤسسات الاقتصادية والمالية العالمية وفي مقدمتها البنك الدولي في وقت تعتبر المؤسسات الدولية تحرير أي قطاع اقتصادي خطوة متقدمة لتشجيع اقتصاديات السوق.
وتوقع أن يؤدي قرار اعتماد آلية للتسعير وفقا للأسعار العالمية، والذي شمل تحرير أسعار مادتي الجازولين، والديزل إلى تعزيز تنافسية على صعيد معظم المؤشرات الدولية المتعلقة بالاقتصاد وممارسة الأعمال.
وأشار الغرير إلى أن التفاوت الملحوظ في أسعار البنزين والديزل في الدولة مقارنة بالمستويات في باقي الأسواق العالمية كان مصدر ارتباك كبير في حسابات الشركات العالمية المتعددة الجنسيات التي تتخذ من الدولة مقرا إقليميا لها لا سيما تلك الشركات المتخصصة في قطاعاً الشحن البري والبحري والتي تعتمد على الديزل كوقود رئيسي لتسيير أساطيلها من السفن والشاحنات.
ولفت إلى أن مثل هذا القرار سيمنح هذه الشركات العالمية ضمان قوية بأنها لن تتحمل أي أعباء مالية إضافية في ميزانية الوقود مقارنة بما يتم دفعة في أي من الأسواق العالمية التي تعتمد آليات تحرير أسعار الوقود.
وبين إن هذه الخطوة الهام ستفتح مجال غير محدود للاستثمار في القطاع النفطي أمام القطاع الخاص وهو الأمر الذي كان من المستحيل حدوثه في ظل وجود دعم حكومي للمشتقات النفطية الأساسية، وفي مقدمتها الجازولين، والبنزين، كما يفتح القرار المجال لتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين، والمقيمين في محطات تعبئة الوقود.
وتطرق رئيس مجلس إدارة مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي في جانب آخر إلى التأثيرات الإيجابية المباشرة على الموازنة الحكومية، لافتاً إلى أن قرار تحرير أسعار الوقود من خلال اتباع آليات تسعير وفقاً للأسعار العالمية لمادتي الجازولين، والبنزين، من شأنه أن يوقف نزيف الدعم لهاتين السلعتين، والذي استمر عقودا طويلة. وأشار إلى أن وقف الدعم المالي ورفع هذا العبء الثقيل عن كاهل الموازنة العامة لدولة الإمارات يعزز من قدرة الإنفاق الحكومي على رعاية المواطن والمشروعات التنموية طويلة الأمد، التي تصب في صالح المواطن على المديين المتوسط والطويل.
وأعلن الغرير إن القرار جاء في التوقيت المناسب حيث يتيح للأفراد وقطاع الأعمال الاستفادة من الانخفاضات العالمية في أسعار المشتقات البترولية في الوقت الراهن.
ومن جانبه، أكد الخبير النفطي أيمن سيف، أن أسعار النفط على مدار العشرين عاما الماضية اتسمت بالتذبذب الشديد لتتدنى في بعض الأحيان إلى مستوى 30 دولارا، وترتفع أحياناً أخرى إلى ما فوق مستويات 100 دولار.
وأشار إلى أن هذه التقلبات العنيفة في أسعار النفط تنعكس بشكل سلبي على ميزانيات الحكومات، التي تقدم دعما مباشر أو غير مباشر للمشتقات النفطية من خلال تثبيت سعر الوقود ولا سيما الجازولين، والبنزين، حيث تضطر هذه الحكومات إلى مضاعفة مبالغ الدعم للمشتقات النفطية في حال حدوث ارتفاعات كبيرة في الأسعار العالمية.
ولفت سيف إلى أن أي دعم حكومي لأي سلعة دائما ما يشكل خللاً ملحوظا في منظمة الاقتصاد الحر، الذي يعتمد على رفع يد الحكومة عن تحديد أسعار السلع وتركها لآليات العرض والطلب.
وأضاف أنه مع اتخاذ الإمارات لقرار تحرير أسعار الوقود وانتهاج آلية تسعير جديدة لمادتي الجازولين، والبنزين تنضم الإمارات للغالبية من العظمى من الدول المتقدمة، التي تترك تسعي المشتقات النفطية لآليات العرض والطلب والعالمي مثل الولايات المتحدة الأميركية والدولة الأوربية ودول شرق آسيا.
وأكد الخبير النفطي أن هذا القرار الاستراتيجي سيكون له العديد من التداعيات الواضحة ليس فقط على الجانب الاقتصادي والمالي الخاص بموازنة الدولة بل على جانب اقتصاد الفرد وسلوكياته الاستهلاكية.