أثينا ـ علي صيام
انسحب صندوق النقد الدولي من المحادثات مع اليونان، المثقلة بالديون، الخميس، بعد اتهام أثينا بعدم تقديم أيَّة تنازلات بشأن إصلاحات سوق العمل والمعاشات التقاعدية.
وأكد البنك الدولي، ومقره واشنطن، الذي تعتبره أثينا الملاذ الأخير لها، انسحاب وفده المشارك في المفاوضات من محادثات في بروكسل بعد وصول المباحثات إلى طريق مسدود، لافتًا إلى أنَّه سيعود إلى واشنطن.
وتضع هذه الخطوة الوفد اليوناني المفاوض في موقف لا يحسد عليه، الذي لم يعد في وسعه سوى اختيار ترك المباحثات، والعودة إلى أثينا خالي الوفاض.
وأكد المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس، أنَّ "الكرة في ملعب اليونان"، مضيفًا: هناك خلافات كبيرة بيننا في معظم المواطن الرئيسية، ولم نتمكن من إحراز التقدم فيما يتعلق بتضييق فجوة الخلافات في الآونة الأخيرة.
وأعقب قرار صندوق النقد الدولي، انتقادات حادة من جانب المسؤولين في الاتحاد الأوروبي المحبطين إزاء استمرار رفض الحكومة اليونانية للرضوخ لمطالب الدائنين.
وحاول رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك ـ في وقت سابق ـ الضغط على رئيس الوزراء اليوناني، الكسيس تسيبراس، في الاتفاق على شروط مع الدائنين، محذرًا من أن وقت التفاوض على الشروط قد انتهى.
وشارك رئيس وزراء بولندا الأسبق، في المفاوضات بشأن تسديد الديون اليونانية، ولكن بدت أثينا "عنيدة" في المجالات الرئيسية للنزاع.
وكان من المقرر أن يستأنف تسيبراس المحادثات في بروكسل مع رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، يوم الجمعة، لحل النزاع القائم بشأن تنفيذ أثينا إصلاحات واسعة النطاق وخفض الإنفاق بشكل حاد، في مقابل المزيد من القروض. ولكن هذا الاجتماع تحوطه الكثير من الشكوك.
وأوضح المتحدث باسم الحكومة اليونانية أنَّ فريقها التفاوضي مستعد لتكثيف الجهود للتوصل إلى اتفاق، حتى في الساعات الـ24 المقبلة، مضيفًا: لهذا السبب سنستمر في العمل على القضايا المتبقية مثل الفجوات المالية، والقدرة على تحمل الديون.
وتتفاوض اليونان مع دائنيها بشأن الإفراج عن الأموال المتبقية في خطة الإنقاذ، والتي تبلغ 7.2 مليار يورو، وبدونها ستواجه اليونان خطر الإفلاس الوشيك، وطرح ضوابط رأس المال للبيع، والخروج من منطقة اليورو.
وحذر تاسك من أنَّ اليونان ستواجه خطر انهيار المحادثات، والفشل في الحصول على الدورة الحالية من القروض التي تبلغ 320 مليار يورو، وذلك في حالة عدم توقيع اتفاق في الأيام القليلة المقبلة.
وشدد توسك، في المؤتمر الصحافي الختامي لقمة الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، على أنه حان الوقت المناسب لاتخاذ القرار.
وأضاف: لم يعد أمام اليونان المزيد من الوقت للتفاوض، فقد أصبح الوقت وشيكًا، وأخشى أن يأتي الوقت الذي تصل فيه المفاوضات إلى نهايتها.
وأنهى تدخل صندوق النقد الدولي الفعال، محادثات فنية بشأن كيفية إصلاح أسواق العمل اليونانية ونظام المعاشات الحكومي، التي هي في صلب النزاع.
وبيَّن رايس، أنَّ العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد، سوف تحضر اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في لوكسمبورغ 18 حزيران/ يونيو الجاري.
وأضاف أن صندوق النقد الدولي سيبقى بابه مفتوحًا دائمًا، إذا أرادت اليونان تنفيذ تعديلات مجدية مناسبة لوضعها الحالي، وتابع: "وكثيرًا ما قالت "لاجارد" إن صندوق النقد الدولي لن يترك طاولة المباحثات".
وحذر رئيس البنك المركزي الألماني ينس ويدمان، من أن مخاطر الإفلاس تزداد يوما بعد يوم. وأضاف في كلمة ألقاها في لندن: تعتبر تداعيات الأزمة الحالية لهذا السيناريو أفضل مما كانت عليه في الماضي، ولكن لا ينبغي الاستهانة بها، ستكون اليونان والشعب اليوناني أول الخاسرين في هذا السيناريو.
وأصرت اليونان حتى هذا الأسبوع، على عدم قبول المزيد من تدابير التقشف التي تفرضها بروكسل كثمن مقابل ارتفاع سقف القروض، ولكن المفاوضون اليونانيون عرضوا في الأيام الأخيرة بعض التنازلات، بعد الاستقرار على الالتزام بعدد محدود من القضايا التي تمثل خطوط حمراء بالنسبة لليونان مثل، الالتزام بمقترحات الاتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات مجحفة في سوق العمل، وتخفيض تكاليف معاشات التقاعد الحكومية و تحقيق فائضا في الميزانية بنسبة 1%.