غرفة تجارة وصناعة دبي

أشارت دراسة حديثة أجرتها غرفة تجارة وصناعة دبي بالتعاون مع «وحدة المعلومات الاقتصادية التابعة لـ (إيكونومست)إلى أن قطاعي الاتصالات والموانئ من أكثر القطاعات جذباً لاستثمارات الشركات الإماراتية في إفريقيا. وأوضحت أن سبب الاقبال على قطاع الاتصالات يكمن في انخفاض المخاطر وشمول القطاع لجميع فئات المجتمع والدفع المقدم للخدمات.
وأكدت الدراسة كذلك أهمية قطاع البنية التحتية، وأشارت  أن الاستثمارات الخليجية في البنية التحتية الإفريقية خلال العقد الماضي شكلت ما بين 7-10% من إجمالي الاستثمارات الخارجية في البنية التحتية الأفريقية، بعد أن بلغ حجم الاستثمار الخليجي في هذا القطاع خلال العقد الماضي 30 مليار دولار بالأسعار الجارية مقسماً ما بين 15 مليار دولار كاستثمارات مباشرة و15 مليار دولار كمساعدات وقروض ومنح. وأوصت الدراسة بضرورة القيام باستثمارات مشتركة ودراسة تحديات كل سوق على حدة وتنويع مصادر التمويل.

ووفقاً للدراسة فإن تعزيز الخدمات المالية الإسلامية الإفريقية عامل جذب هام للاستثمارات خصوصًا في ظل امتلاك المصارف الإماراتية والخليجية بنية تمويلية قوية ووجود تحول كبير نحو تلك الخدمات ليس على مستوى القارة الأفريقية فقط بل على مستوى العالم أجمع.
وتوقعت الدراسة التي أعدت استعداداً لانطلاق فعاليات المنتدى العالمي الإفريقي للأعمال بعد غدٍ الخميس أن يبلغ المعدل السنوي للاستثمارات الخليجية في البنية التحتية الأفريقية 5 مليارات دولار خلال السنوات القادمة، أي ما يعادل 10% على الأقل من متوسط إجمالي التدفقات الاستثمارية السنوية في قطاع البنية التحتية.
 وأظهرت الدراسة أن التمويل الخليجي ركز على البنية التحتية في شمال أفريقيا، التي تلقت الجزء الأكبر من المساعدات (حوالي 65% من الإجمالي)، والحصة الأكبر من الاستثمارات المباشرة الخاصة (60%).
وبرز تركيز من المستثمرين الخليجيين على الدول الإسلامية مثل جيبوتي والسنغال، مع وجود بعض الاستثناءات لهذه القاعدة، كما هو الحال مع شركة »أكوا باور« السعودية التي ركزت جهودها بشكل رئيسي في جنوب أفريقيا، وشركات الاتصالات والتي ركزت على شرق وغرب أفريقيا. وحتى الآن، هناك استثمارات خليجية قليلة نسبياً في اقتصادات دول القارة السريعة النمو مثل أنغولا وإثيوبيا ونيجيريا، والتي جذبت تمويلاً كبيراً لقطاع البنية التحتية من الشركات البرازيلية والصينية، وكذلك - في حالة نيجيريا – حيث تستقر شركات أميركية وأوروبية.
وتتنوع المساعدات واستثمارات القطاع الخاص الخليجية على قطاعات البنية التحتية الأفريقية المختلفة. وتبين الدراسة أن أكثر من نصف المساعدات الخليجية اتجه لمشاريع النقل وخصوصاً الطرق.
واستحوذ قطاع الطاقة على 30% من إجمالي المساعدات الخليجية (تتراوح بين السدود الكهرمائية وتوفير الكهرباء للمناطق الريفية)، و15% على مشاريع المياه، لكن القليل جدا على البنية التحتية للاتصالات.
وعلى النقيض من ذلك، شكل قطاع الاتصالات المجال الأبرز لاستثمارات القطاع الخاص الخليجي في البنية التحتية، تليه الموانئ ثم توليد الطاقة. وكان المستثمرون الخليجيون أقل انخراطا في مشاريع الطرق والبنية التحتية للمياه بسبب عدم وجود مشاريع مربحة.
ويعادل الاستثمار الخليجي، العام والخاص، أكثر من 10% من إجمالي الاستثمار الخارجي في قطاع البنية التحتية الأفريقية، لكنه يبقى ضئيلاً بالمقارنة مع الاستثمار الصيني الذي وصل إلى 13 مليار دولار في 2012 وحده، وقريباً من حجم الاستثمار من الجهات المانحة الأوروبية، بينما يتجاوز الـ 4 مليارات دولار التي يوفرها البنك الدولي.
وتشكل المقارنة المباشرة بين الاستثمارات الخليجية والاستثمارات الصينية في أفريقيا إشكالية. فبالنسبة للشركات الصينية، فإن صفقات البنية التحتية في أفريقيا غالباً ما تكون جزءاً من التعاقدات التجارية الأوسع التي تستهدف الموارد الافريقية.
إذ أن الاستثمار في البنية التحتية يشكل في كثير من الأحيان فرصة للحصول على تنازلات في عقود الاستثمار في الموارد. إلا أن الثروات الطبيعية في افريقيا لا تمثل مصلحة حيوية لدول الخليج (رغم قيام بعض الشركات الخليجية بالاستثمار بالفعل في القطاع).
وقال حمد بوعميم، مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي، أن هذه الدراسة تلقي الضوء على الواقع الاقتصادي في القارة الافريقية والفرص المتاحة فيه، مشيراً إلى أن الروابط والعلاقات الثقافية والتاريخية مع أفريقيا، والموقع الجغرافي القريب، يضع الشركات والمستثمرين في منطقة الخليج في وضع جيد للمشاركة في الاستثمار بالبنية التحتية الأفريقية.
وأضاف بوعميم أن هذه الفرص لا تقتصر فقط على القطاع العام والشركات الكبيرة، بل تشمل ايضاً المشاريع المتوسطة والصغيرة، حيث بينت الدراسة أن الشركات الخليجية الصغيرة قادرة على تلبية احتياجات الطاقة في أفريقيا نظرا للمخاطر المتعددة التي قد تواجهها المشروعات العملاقة في العديد من الأسواق الأفريقية.
وقال بوعميم أن على الشركات الخليجية أن تنظر الى الخصائص الاستثمارية في الاسواق الافريقية كل على حدة، بدل النظر اليها على انها سوق واحدة ومتجانسة، مشيراً إلى أن كل سوق أفريقية لديها مزاياها الاستثمارية وفرصها وتحدياتها ومخاطرها، مؤكداً أنّ المنتدى العالمي الأفريقي للأعمال الذي تنظمه غرفة دبي، سيساهم بشكل كبير في تحفيز الحوار لمعالجة التحديات، وتعزيز تدفق الاستثمارات الخليجية في الأسواق الأفريقية.

أشارت الدراسة إلى أن اهتمام الشركات الخليجية بقطاع الاتصالات بدأ في العام 2005 مع دخول شركة اتصالات وزين الكويتية الى الاسواق الافريقية. وعزت الدراسة هذا الاهتمام إلى انخفاض المخاطر في هذا القطاع مقارنة مع غيره من قطاعات البنية التحتية. واشارت إلى نجاح المستثمرين الخليجيين في القطاعات التي يدفع فيها المستهلكون مقدماً وحيث تكلفة الاستثمار في البنية التحتية مقدماً هي نسبياً اقل بالمقارنة مع ما يحصلون عليه.
إلا أن التحدي الأبرز هو أن أسواق مناطق جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية مختلفة جدا عما يألفه المستثمرون الخليجيون. فمعظم الاقتصادات الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى تتميز بأنها منخفضة الدخل، ولديها نخب صغيرة ويوازي الطلب على السلع الاستهلاكية فيها تلك المتوفرة في دول الخليج.

ولتعزيز تنافسيتها في السوق الأفريقية، تحتاج الشركات الخليجية إلى شريك كما فعلت »اتصالات« في صفقة المغرب، أو الاستفادة من خبرتها في خدمات المشتركين من ذوي الدخل المحدود في بلدانها، ولا سيما الجاليات الأفريقية والآسيوية الكبيرة في منطقة الخليج. واختلاف ظروف السوق المحلية لا يعني بالضرورة أمراً سلبياً لأنه من الممكن أن تمنح المستثمرين الخليجيين فرصة قد لا يجدونها في بلدانهم. وحتى بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون التكيف مع طبيعة هذه الأسواق الأفريقية، فإن الفرصة متاحة لهم في سوق جنوب أفريقيا التي توفر بيئة أقرب إلى ظروف الأسواق المحلية في دول الخليج.
وتستقطب الموانئ اهتمام الشركات الخليجية يتبعها قطاع الطيران وبدرجة أقل بناء المطارات والطرق. ولعل ابرز المشاريع في هذا القطاع، وهو إدارة موانئ دبي العالمية لمحطة حاويات دوراليه في العام 2000، وهو يعتبر علامة متميزة على الاستثمار الخليجي في الموانئ، حيث كان أول استثمار لموانىء دبي العالمية خارج دبي وإحدى أولى الصفقات الخليجية الكبيرة في مجال البنى التحتية الخليجية في أفريقيا.

ومنذ ذلك الوقت، استثمرت موانئ دبي العالمية 1.5 مليار دولار مما جعل جيبوتي التي تعتبر البوابة البحرية لأثيوبيا، ثالث أكبر ميناء للحاويات في افريقيا، وجعلها تساهم بحوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي في جيبوتي. كما تابعت موانئ دبي العالمية الاستثمار في الموانئ في الجزائر ومصر والسنغال وموزمبيق، مما منحها تغطية واسعة في جميع أنحاء القارة وعزز من تكامل الاقتصادات الأفريقية ضمن منظومة التجارة العالمية.
كما استثمر »صندوق الاستثمار في البنية التحتية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا« والمدعوم من ثلاثة مستثمرين خليجيين بحصة في ميناء الاسكندرية للحاويات. كما تقوم شركة اجيليتي الكويتية والتي تمارس نشاطها في 11 دولة افريقية، بالعمل في قطاع الموانئ أيضاً.
وفي قطاع الطيران، وبينما توسعت شركات الطيران الخليجية مثل طيران الإمارات في أفريقيا، ما زالت مشاريع البناء المرتبطة بالمطارات قليلة العدد. وكانت »مجموعة الخرافي« الكويتية من أولى الشركات الخليجية التي عملت في افريقيا، حيث قامت ببناء مدرج في مطار اديس ابابا قبل عقد من الزمن ومجموعة طرق في تنزانيا وغامبيا. واوشكت مجموعة بن لادن السعودية على الانتهاء من المطار الجديد في السنغال.

وبرز نشاط هيئات الاستثمار الخليجية في تمويل بناء الطرق، ولكنه قليل نسبياً بسبب فرض الحكومات الإفريقية أنظمة تحصيل واسعة النطاق بسبب انخفاض مستويات الدخل، مما يقوض بشكل كبير من الجاذبية التجارية للاستثمار في الطرق. ولا يوجد أي استثمار خليجي مباشر في قطاع السكك الحديدية وتشييد الطرق، على الرغم من المساعدات الخليجية لهذا القطاع.
تمثل جهود المشرّعين الأفارقة لتعميق النظم المالية الإسلامية مجالاً لتشجيع الاستثمارات الخليجية. ويعتبر سوق الصكوك في أفريقيا متواضعاً، حيث يشكل 0.6% فقط من إجمالي إصدارات الصكوك العالمية القائمة. ومع ذلك، فقد توقع العديد من المؤسسات، بما في ذلك وكالة »ستاندرد آند بورز«، والمركز الماليزي المالي العالمي أن تسجل سوق الصكوك في أفريقيا نموا محتملا.

يشدد الخبراء على الحاجة الملحة لتقديم معلومات أفضل للمستثمرين الخليجيين، وتشجع الحكومات الأفريقية على جذب مجموعة واسعة من اللاعبين إلى قطاع البنية التحتية، إضافة إلى الاستثمارات المشتركة ودراسة تحديات كل سوق على حدة وتنويع مصادر الدخل.
ويخفف العجز في البنية التحتية في أفريقيا من اندفاع القارة نحو النمو، في حين أن الاستثمار في هذا القطاع أقل من المطلوب، إلا أن إمكانات القطاع تبعث على التفاؤل. ولا تزال هناك فجوة تمويلية تتمثل في الحاجة لنحو 93 مليار دولار سنويا لتلبية احتياجات البنية التحتية للقارة الأفريقية حتى العام 2020، في حين أن نصف هذا الرقم متوفر حالياً، وفقا لبنك التنمية الأفريقي. وهذا يترك فجوة كبيرة للمستثمرين لملئها، بما في ذلك صناديق الثروات السيادية والمقرضون متعددو الأطراف والشركات الفردية والاتحادات الخاصة.
يقسّم المراقبون غالبا البلدان الأفريقية إلى مجموعات عندما يتعلق الأمر بالمخاطر، وهذا ينطبق بشكل خاص على المستثمرين الخليجيين، في حين أن الأداء الاقتصادي القوي في أفريقيا على مدى العقد الماضي قد ذهب لتحدي هذه الصور النمطية، إلا أن هناك حاجة إلى بذل جهود أكبر لإبلاغ المستثمرين بشأن المخاطر البارزة في كل بلد على حدة والتي تختلف عن مخاطر البلدان الأخرى.
وبالنسبة للحكومات الأفريقية، فإن تنفيذ أفضل الممارسات في مجال المشتريات والمناقصات والدفع واستقرار العقود سيسهم في تعزيز ثقة المستثمرين، إضافة إلى إعلام المستثمرين المحتملين بالإصلاحات التي تم تطبيقها ويمكن لكل من الحكومات الأفريقية والمستثمرين الخليجيين العمل معا لتنظيم المعارض التجارية والاستثمارية، وتوفير المعلومات لزيادة الوعي حول الفرص والمخاطر.
استغلت الحكومات الأفريقية بشكل مثمر أسواق السندات على مدى العامين الماضيين، ما جمع تمويلاً لمشاريع البنية التحتية الحيوية. فمنتجات التمويل الإسلامي مثل الصكوك والسندات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، لا تزال ناشئةً نوعا ما في أفريقيا.