أبوظبي - سعيد المهيري
شدد ملتقى الاستثمار السنوي، في دورته الخامسة التي انطلقت أعمالها في دبي أمس الاثنين، على أهمية العمل على معالجة تحديات سياسات الاستثمار الأجنبي المباشر على المستوى الدولي، وضرورة وجود قوانين متوازنة وصارمة تأخذ في الحسبان مصالح جميع الأطراف.
ونوه مشاركون، في جلسات الملتقى، بالبيئة الاستثمارية الجاذبة في الإمارات، والدور الهام الذي تعلبه الدولة في دفع الاستثمار الأجنبي المباشر قدما من خلال توقيعها على أكثر من 59 اتفاقية ثنائية تتعلق بالاستثمار.
وبدأت أعمال اليوم الأول من الملتقى بإطلاق التقرير السنوي للاستثمار الأجنبي المباشر، من خلال عرض قدمه الدكتور كارل ساوفنت، زميل مركز "كولومبيا" للاستثمار المستدام – الولايات المتحدة الأميركية، والذي كشف خلاله عن أحدث الاتجاهات في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الخارج عالميا وإقليميا، لا سيما في الأسواق الناشئة.
وأشار ساوفنت إلى أن الإمارات استحوذت على ربع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخارجية، بقيمة 63 مليار دولار، في منطقة غرب آسيا خلال العام الماضي، مشير إلى أن اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا باتت اليوم أكبر محفز للاستثمارات الأجنبية في سعي دول العالم نحو تحقيق الاستدامة ونقل التكنولوجيا القائمة على الابتكار.
وأضاف أن الأسواق الصاعدة استحوذت على أكثر من 40 % من حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وبقيمة بلغت 460 مليار دولار من حجم الإجمالي الذي تعدى 1.4 تريليون دولار خلال العام الماضي.
وأشار إلى أن دول العالم باتت تدرك اليوم أهمية الاستثمارات المباشرة في تحفيز الاقتصادات الوطنية من خلال الاتفاقيات التي تربط بينها، حيث تبلغ أعداد الاتفاقيات الخاصة بالاستثمار المباشر أكثر من 315 ألف اتفاقية، ومن بينها الاتفاقيات التي ترتبط بها دولة الإمارات والبالغة 59 اتفاقية استثمار أجنبي.
لكن ساوفنت أشار إلى أن الأسواق الناشئة ما زالت تحتاج إلى مزيد من العمل لتطوير أنظمة وتشريعات الاستثمارات المباشرة، حيث يمتلك عدد قليل منها سياسات استثمار أجنبي أو أدوات في محددة في هذا المجال، مشيرا إلى أن تطوير مثل هذه السياسات يمثل اليوم أبرز التحديات التي تواجه الاستثمار الخارجي.
وبين إن السعودية هي أبرز دول غرب آسيا في جذب الاستثمارات الأجنبية بحجم استثمارات بلغ 208 مليارات دولار، ثم تركيا بـ 146 مليار دولار، وحلت الإمارات ثالثا بـ 106 مليارات دولار.
وشهدت الجلسة العامة الأولى نقاشا عالميا حول الاستثمار الأجنبي المباشر. وضمت الجلسة كبار القادة الحكوميين المشاركين، ومسؤولين دوليين من المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وعددا من الخبراء والأكاديميين، وتم خلالها تبادل الآراء حول الاستثمار ودوره في النمو، وإيجاد حلول مستدامة لتعزيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الاستثمار في هذا المجال.
كما عقد في اليوم الأول جلسة عامة ثانية بعنوان "خيارات سياسات تشجيع الابتكار ونقل التكنولوجيا من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر"، وسلطت الضوء على السياسات التي تحتاجها البلدان المستضيفة للاستثمارات على الصعيدين الوطني والدولي لتشجيع نقل التكنولوجيا ونشرها من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر.
وتطرقت الجلسة إلى حاجة البلدان المضيفة إلى استراتيجية واضحة المعالم تجاه ذلك. كما تمت مناقشة الدروس المستفادة من الحالات الناجحة، والتي سلط فيها الضوء على أفضل الممارسات لتعزيز الإسهامات التكنولوجية والمبتكرة من خلال استثمارات الشركات العالمية في البلدان النامية المضيفة، مع التطرق إلى الآثار المحتملة لسياسات البلد الأم.
أما الجلسة العامة الثالثة فحملت عنوان " الابتكار في المصانع العالمية ــ دور سلاسل القيمة العالمية"، وخاصة أن سلاسل القيمة العالمية تقدم آفاقا جديدة للنمو والتنمية وفرص العمل، كما أنها تعيد تشكيل الامتداد الجغرافي للشركة عالميا وحدودها الدولية. وفي عملياتها، تقوم الشركات المتعددة الجنسيات بشكل متزايد بإبرام عقود تصنيع وأشكال أخرى من العمليات التشغيلية، مثل التوريد والتعهيد والامتيازات الحصرية والترخيص مثلا.
وأدارت هذه الجلسة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الـ OECD، حيث تمت مناقشة آثار سلاسل القيمة العالمية على الحكومات والشركات، وكيف يمكن للشركات المتعددة الجنسيات أن تنخرط في نموذج المصانع العالمية، مما يمكّنها من تخفيض المخاطر العالمية مثل انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر مثلا مع المحافظة على وجودها في الأسواق الدولية. كما تركز النقاش على كيفية محافظة هذه الشركات على قدراتها الابتكارية.
وعقد في اليوم الأول من الملتقى طاولة مستديرة للوزراء المشاركين فيه، وهم مسؤولون عن الاستثمار والاقتصاد والمالية والتجارة الخارجية، والشؤون الخارجية، والتعاون الإنمائي من عدة دول، حيث بحثوا آفاق الاستثمار الأجنبي المباشر وسبل دعمه وتطوير تسهيلات تدفقاته.