دبي ـ جمال أبو سمرا
أصبحت قطاعات التصنيع والتعبئة الغذائية والخدمات اللوجستية تلعب دوراً مهماً في تحسين تدابير مراقبة الجودة ودعمها وتطويرها، مع استمرار دول منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب شرق آسيا في تطبيق معايير سلامة الأغذية على طول سلاسل الإمدادات الغذائية فيها. وفي هذا السياق، باتت دبي، بموقعها الاستراتيجي كمركز تجاري رئيسي لقطاع الغذاء العالمي، مهيّأة لتولّي زمام المبادرة في تحسين معايير سلامة الأغذية ومواءمتها في جميع أنحاء المنطقة.
من المنتظر، في هذا الإطار، أن يستضيف معرض «جلفود للتصنيع»، الذي يُعدّ المنصة الأكبر والأكثر تأثيراً في مجالات الإنتاج والتصنيع والتعبئة الغذائية، أكثر من 1,500 شركة عارضة من أنحاء العالم في مركز دبي التجاري العالمي بين 27 و29 أكتوبر/ تشرين الأول، في حين ستحتلّ مسألة السلامة الغذائية مكانة بارزة في قلب الحدث
ومن المقرّر أن تقام على هامش الحدث المرتقب الدورة العاشرة من مؤتمر دبي العالمي لسلامة الغذاء، والذي يقدمه إدارة الرقابة الغذائية في بلدية دبي بدعم من الجمعية الدولية لحماية الأغذية، والاتحاد الدولي للعلوم والتقنيات الغذائية، ومعهد تقنيي الأغذية، وذلك في الفترة بين 25 و28 أكتوبر.
وفي السياق ذاته، أكّدت النائب الأول للرئيس في مركز دبي التجاري العالمي، الجهة المنظمة لمعرض «جلفود للتصنيع»، تريكسي لوه ميرماند، أن السلامة الغذائية تحتل مرتبة متقدمة على لائحة الأولويات في المنطقة لدى كلّ القطاعات ذات الصلة، بدءاً من أعلى المستويات الحكومية وامتداداً إلى قطاعات الزراعة والإنتاج والتصنيع والتعبئة الغذائية، وصولاً إلى المستهلك النهائي من خلال قطاعات الضيافة والتجزئة، وقالت: «لم تعُد القطاعات المعنية تدرك أهمية المعايير الدولية الغذائية فحسب، بل إن هذه المعايير أضحت أساسية، وبات معرض «جلفود للتصنيع» يقدّم منصة قيمة للشركات في هذا القطاع لإبراز قدراتها وعرض منهجياتها المتبعة ومنتجاتها المصنّعة وفق معايير السلامة الغذائية تلك».
ويرى مراقبون أن الاعتماد الكبير في المنطقة على الواردات، والنمو السكاني غير المسبوق فيها، أدّيا بالحكومات إلى تشجيع الإنتاج الغذائي المحلي، وفي الوقت نفسه، تؤدي الأعداد المتنامية من المغتربين والمستهلكين الشباب المتعلمين إلى زيادة حاجتهم للحصول على معلومات دقيقة تتعلق بنوعية الأطعمة ومكوناتها وخصائصها التغذوية والمعايير المتبعة في تصنيعها، من أجل طمأنة المستهلكين إلى أن المنتجات الغذائية تتبع معايير سلامة وجودة عالمية المستوى.
وكان المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات أقرّ في وقت سابق من هذا العام قانوناً اتحادياً جديداً صارماً يتعلق بالسلامة الغذائية سيتم تطبيقه في أنحاء البلاد، وذلك بالتزامن مع إعلان الحكومة أن ضمان سلامة الأغذية باتت أولوية أولى في العمل الحكومي. وتنظم المادة 21 في القانون إنتاج الأغذية سواء من منتجات محلية أو مستوردة، كما يهدف القانون إلى تشديد الرقابة على سلسلة الإمدادات الغذائية باتباع أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال.
وفي الوقت ذاته، تعمل الحكومة الإماراتية، وفقاً لتقرير صدر العام الجاري عن «ألبن كابيتال»، على إطلاق نظام موحد باسم «نظام الإنذار السريع للأغذية والأعلاف»، يهدف إلى تنظيم الإجراءات الخاصة بسحب الأغذية غير المطابقة للمعايير الغذائية المتبعة في الدولة من الأسواق، وهو نظام مشابه لذلك المعمول به في الاتحاد الأوروبي.
وتساهم العولمة والزيادة الحاصلة في الزراعة وتجارة الأغذية، برفع الوعي بضرورة توحيد المعايير المتعلقة بسلامة الأغذية وممارسات الجودة على جميع الصُعُد المحلية والإقليمية والعالمية، وهو أمر أساسي لحماية المستهلك وتأمين تجارة الأغذية ودوران عجلة التنمية الاقتصادية. وتتخذ بلدان في جميع أنحاء المنطقة، مثل دولة الإمارات، خطواتٍ رائدة في المعايير الدولية لسلامة الأغذية، ما سيكون له أثر إيجابي في تعزيز ثقة المستهلك، ودعم تصنيف المنطقة في مجالات مثل القدرة التنافسية والأمن الغذائي في المنطقة.
وكانت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية اتخذت الشهر الماضي واحدة من أهم الخطوات على مدى عقود في سبيل الوقاية من الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية، إذ وضعت اللمسات الأخيرة على أول مبدأين من سبعة مبادئ رئيسية يتضمنها قانون تحديث السلامة الغذائية الذي يحظى بتأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الأمر الذي يُظهر التركيز غير المسبوق على سلامة الأغذية على المستوى العالمي. ومن شأن هذه الخطوة وضع الأغذية المستوردة في مستوى معايير السلامة للأغذية المنتجة محلياً، وتطوير نظام وطني متكامل للسلامة الغذائية في إطار من الشراكة مع السلطات المحلية والفيدرالية في البلاد.
ويتم حالياً، من جهة ثانية، مراجعة شهادة «آيزو 22000»، المعنية بنظام إدارة السلامة الغذائية، في إجراء يدلل كذلك على الأهمية المتزايدة التي باتت تحظى بها مسألة السلامة الغذائية على الصعيد العالمي. ومن المنتظر أن تتاح نسخة مسوّدة الشهادة المذكورة للشراء بدءاً من منتصف العام 2016، في حين ستتاح النسخة النهائية في مطلع 2017، وسوف تتناول عدة نماذج رئيسية بالتوضيح فضلاً عن تبسيط المعايير، لجعلها أوضح وأسهل استخداماً.
وتعتبر المعرفة والموارد التي يقدمها حدث بمكانة «جلفود للتصنيع» ضرورية لواضعي السياسات وللشركات التي تتطلع لاستكشاف أحدث الابتكارات التي من شأنها زيادة العائد على الاستثمار وتبسيط العمليات التجارية وتطوير نماذج الأعمال، مع الحفاظ على أعلى معايير السلامة، وتجنّب الحوادث المتعلقة بسلامة الأغذية والتي يمكن أن يترتب عليها تأثير مدمّر في الأعمال التجارية والصحة العامة.
تُعدّ التعبئة والتغليف من العناصر الأساسية في مسألة السلامة الشاملة للأغذية، ولها تأثير حاسم على جودة المنتجات الغذائية والمشروبات وسلامتها، الأمر الذي ينعكس على سمعة الشركات المنتجة للغذاء فيما يتعلق بالسلامة.
وفي هذا السياق، تعتزم «تتراباك»، الشركة العالمية البارزة في إنتاج حلول التعبئة والتغليف، تسليط الضوء على التحدي الماثل أمام منتجي الأغذية والمشروبات في مسألة تأمين سلامة الغذاء في خطوط إنتاجها.
وقال عمار زاهد، رئيس منطقة الشرق الأوسط الكبرى وإفريقيا لدى «تتراباك»، إن شركته تنظر نظرة شاملة إلى عملية الإنتاج بأكملها، موضحاً أن الإنتاج الغذائي اليوم بات عملية متكاملة، تتدفق خلالها المنتجات الغذائية بصورة متواصلة عبر المصنع دون توقف، بدءاً من استلام المواد الخام وحتى توزيع المنتجات النهائية، وأضاف: «ينبغي على المنتجين مراقبة خطوات الإنتاج، سواء كل خطوة على حدة أو في سياق الإنتاج الكلي. وتسهّل حلول التعبئة والتغليف المتكاملة على منتجي المواد الغذائية الوصول إلى أهدافهم المتمثلة بعمليات إنتاج آمنة وفعالة».
يستضيف «جلفود للتصنيع» ثلاثة مؤتمرات هذا العام، هي «الجيل القادم من عمليات التصنيع»، الذي يقام يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول، و«الابتكار في الطعام والشراب»، يومي 28 و29 أكتوبر، و«لوجستيات الغذاء»، يوم 28 أكتوبر. ومن المنتظر أن تجمع هذه الفعاليات الثلاث بين القادة في مجال الخدمات اللوجستية وقطاعات الإنتاج والتصنيع والتعبئة الغذائية، بُغية تناول التحديات واستعراض التوجهات والفرص الرامية إلى منح السلامة الغذائية الأولوية على جميع المستويات.
وتشمل قائمة المتحدثين في هذه المؤتمرات مجموعة من الخبراء بينهم المهندس محمود البستكي، الرئيس التنفيذي لدبي التجارية، والدكتور هاشم سعيد النعيمي، مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الإماراتية، وإحسان رزاق، المدير العام لسلسلة التوريد للشركات وقطاع الجودة والصحة والسلامة والبيئة لدى شركة العليان المالية، والدكتور فريدريك ايمس، رئيس إدارة الجودة لدى نستله الشرق الأوسط.
وأما الشركة التركية الرائدة في مجال تصنيع خطوط تعبئة الزجاجات «اكتام سان» والتي تعتبر من الموردين الرئيسيين لهذه الخطوط من بداية مرحلة الغسيل والتعقيم، والتعبئة والتغطية، وصولاً إلى التغليف ووضع العلامة التجارية والتي تشارك في معرض جلفود للتصنيع هذا العام، حيث قال اركان اتالاي، مهندس مبيعات التصدير في الشركة: «تعتبر الجودة العالية واعتماد أحدث التقنيات في عملية التعبئة والتغليف أمراً حاسماً لضمان سلامة الأغذية، حيث تشمل خطوط التعبئة التي نقدمها هذا العام مجموعة من الخطوات التي ومن دون المحافظة الصارمة على أعلى المعايير العالمية التي نقدمها تعرض سلامة المنتجات الغذائية للخطر، ويساعد العمل مع شركة مصنعة لخطوط الانتاج الجاهزة مثل «اكتام سان» مصنعي المواد الغذائية على تقديم منتجات عالية الجودة ذات طعم غني وآمنة تماماً».