دبي ـ جمال أبو سمرا
سجل التداول في سوق دبي المالي أعلى مستوياته منذ نحو خمس سنوات، وقفزت قيمة الصفقات المبرمة منذ بداية العام وحتى نهاية الأسبوع الثالث من شهرتشرين الثاني/ نوفمبر إلى نحو 306 مليارات درهم، مستحوذا بذلك على ما نسبته 63% من إجمالي السيولة المتدفقة على السوقين، والتي وصلت إلى نحو 485 مليار درهم.
وفي ظل ارتفاع شهية التداول، فقد وصل المعدل اليومي للصفقات المبرمة إلى نحو 2.8 مليار درهم، وذلك رغم الانخفاض المسجل في الآونة الأخيرة لقيمة التداولات، مقارنة مع 1.5 مليار درهم في نفس الفترة من العام الماضي.
ودعم النشاط الذي شهده السوق منذ بداية العام الجاري، استمرار تصدره لقائمة الأسواق الأكثر تحقيقا للمكاسب على مستوى العالم، الأمر الذي جذب إليه استثمارات جدية من أخل وخارج والدولة، خاصة بعد النصف الثاني من العام الجاري الذي شهد ترقية الأسواق إلى ناشئة، ضمن مؤشرات مورغان ستنالي.
ومنذ بداية العام، ارتفع العائد على الاستثمار في أسواق المال إلى أكثر من 30% للمستثمر على المدى المتوسط، فيما تجاوز 100% لشريحة من المضاربين المحترفين، ويتصدر عائد الاستثمار في قطاع "العقار" المرتبة الأولى، مقارنة بالقطاعات الأخرى، محققا نموا بنسبة 46%، تلاه العائد على قطاع البنوك بنسبة 26.1%، وقطاع "الاستثمار والخدمات المالية" بنسبة بلغت 19.6%.
وجاء ارتفاع وتيرة السيولة المتدفقة إلى سوق دبي المالي منذ بداية العام الجاري، بحسب رأي العديد من الخبراء، نتيجة عدة عوامل، منها ارتفاع قيمة توزيعات الشركات المتداولة عن عام 2013، والتي وصلت إلى أكثر من 30 مليار درهم، وذلك إلى جانب محافظة الشركات على نسب نمو جيدة في ربحيتها خلال الأرباع الثلاثة الماضية.
وأوضحوا إن قائمة الحوافز التي ساهمت في رفع قيمة السيولة المتدفقة إلى سوق دبي المالي، شملت أيضًا تفعيل قرار ترقية السوق ضمن مؤشر مورغان استانلي خلال شهر تموز/ يونيو الماضي، وعودة النشاط بقوة إلى العديد من القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمها قطاعا العقار والبنوك.
وانعكس النشاط الذي سجله السوق على شركات الوساطة التي ارتفعت إيراداتها على نحو غير مسبوق منذ عام 2008، الأمر الذي ساهم في تعويض جميع الخسائر التي لحقت بها في الفترة الممتدة من 2009 وحتى 2012.
وقفزت قيمة عمولات التداول في سوق دبي المالي إلى 1.85 مليار درهم خلال الأشهر العشر الأولى من العام الجاري بنمو نسبته 7.7%، مقارنة مع رصيدها في نفس الفترة من العام السابق، والتي بلغت فيه 1.72 مليار درهم. وتواصل نمو قيمة العمولات في السوق، بعدما وصلت قيمة الصفقات المبرمة منذ يناير وحتى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر نحو 674 مليار درهم بيعًا وشراءً.
وأضاف الخبير المالي عميد كنعان، لاحظنا أن الجزء الأكبر من السيولة ما زال يتجه نحو سوق دبي المالي، وذلك نتيجة عدة عوامل، منها وجود أسهم شركات قيادية يرتفع معدل دوران أسهمها خلال الجلسة الواحدة، ما يشكل عنصر جذب للمستثمرين من دخل وخارج الدولة للمتاجرة بها، سواء على المدى القصير أو المتوسط، وذلك إلى جانب ارتفاع نسبة التنويعات النقدية التي قامت بمنحها الشركات للمساهمين عن العام الماضي.
وتابع كنعان، لقد رأينا تدفقا كبيرا للاستثمارات الأجنبية غير العربية على سوق دبي المالي في النصف الثاني من العام الجاري، بعد دخول قرار مورغان استانلي بترقية الأسواق، حيز التنفيذ، وهو الأمر الذي شجع على ضخ المزيد من السيولة من جميع شرائح المستثمرين الأجانب، ما دفع بالأسعار للارتفاع بنسب جيدة، لكن، وبرغم المكاسب التي حققتها، إلا أنها ما زالت عند مستويات مغرية للاستثمار حتى الآن.
وأكد كنعان أن من العوامل التي تسهم في جذب السيولة إلى سوق دبي المالي هامش التذبذب الذي تتميز به حركة شريحة كبيرة من الأسهم، ما يشجع على التداول خاصة بالنسبة للمضاربين. مشيرا إلى أننا بدأنا نلحظ توزيع السيولة على عدد أكبر من الأسهم، بعدما كانت تتركز على أسهم محددة في وقت سابق، وهي إشارة إيجابية للغاية.
وتابع أعتقد أن تدفق السيولة سيتواصل خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، ما سينعكس بآثاره الإيجابية في أسعار الأسهم التي تمتلك القدرة على زيادة مكاسبها قبل الإفصاح عن بيانات الربع الأخير من العام الجاري.
وأكد أن حدوث عمليات جني أرباح بين فترة وأخرى هو أمر صحي ومطلوب، لكن استعجال جني الأرباح على نحو غير مبرر يضر بالسوق، مشيرًا إلى السيولة الأجنبية التي تدخل سوق دبي المالي عادة ما تتجه إلى الأسهم الثقيلة، حيث يستهدف جزء منها الاستثمار في حين تذهب الأخرى باتجاه عمليات المضاربة، وهو ما يفسر ارتفاع نسبة التذبذب في أسعار العديد من الأسهم خلال فترة قصيرة.
وأوضح مدير شركة الإمارات دبي الوطني للخدمات المالية، عبد الله الحوسني، أن تركز الجزء الأكبر من السيولة في سوق دبي المالي ليس أمرا جديدا، فقد كان السوق الأكثر نشاطًا خلال السنوات الماضية، نظرا لكونه يضم شريحة من الأسهم التي يرغب المتداولون بها، سواء بهدف المضاربة أو الاستثمار، مشيرا إلى أن ارتفاع وتيرة السيولة المسجلة خلال العام الجاري في السوق، جاء بفضل العديد من العوامل، وفي مقدمها التوزيعات النقدية التي حظي بها المساهمون عن العام الماضي، إلى جانب هامش التذبذب العالي الذي تتميز به حركة الأسهم في السوق بشكل عام.
وأشار إن أسهم قطاع العقار المدرجة في السوق، تعتبر الأكثر جذبًا للسيولة، نظرا لارتفاع معدل دوران هذه الشريحة من الأسهم، ما يسهل من عملية الدخول والخروج منها في أي لحظة، وذلك بعكس بعض الأسهم الأخرى التي يتم تداولها، لكن ضمن هوامش محدودة.