لجنة المال في البرلمان التونسي توافق على قانون الاستثمارات الجديد بعد أعوام من النقاش

بعد نحو 4 أعوام من النقاش المتواصل حول قانون الاستثمارات الجديد في تونس، وخضوعه لعدة تنقيحات تحت ضغط الأحزاب المعارضة، وافقت لجنة المال في البرلمان التونسي على مشروع هذا القانون، بعد إدخال مجموعة من التنقيحات إلى النص الأصلي الذي قدمته الحكومة التونسية إلى البرلمان خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
ويخضع هذا القانون الجديد إلى النقاش في البرلمان بداية من، أمس، في ظل تواصل الخلافات الحادة حول عدد من النقاط الواردة في هذا القانون، على غرار تملك الأجانب للأراضي الزراعية في باب الاستثمار في المجال الفلاحي، وانتداب المؤسسات القائمة في تونس لليد العاملة الأجنبية، والامتيازات الضريبية الممنوحة للمستثمرين، سواء من تونس أو من الخارج.

ويهدف القانون الجديد للاستثمار إلى تمكين الجهات الـ8 التي تحتل أسفل الترتيب في مؤشر التنمية الجهوية في تونس، بحوافز مالية كبيرة وبامتيازات ضريبية استثنائية، حتى تقضي بصفة تدريجية على ظاهرة التفاوت بين الجهات، كما يسعى إلى القضاء على التعقيدات الإدارية وكثرة الوثائق الإدارية التي تعوق النشاط الاقتصادي وعمليات الاستثمار في تونس.
وأظهرت إحدى وثائق وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، التي دافعت من خلالها عن القانون الجديد للاستثمار، أن هناك 162 نشاطًا استثماريًا في تونس يخضع إلى الترخيص المسبق، وذلك من بين إجمالي 660 نشاطًا اقتصاديًا تم تعداده، ويخضع 138 نشاطا آخر إلى كراسات شروط وهو ما يجعل عمليات الاستثمار بمثابة العملية المعقدة، التي تنفر المستثمرين من الإقبال على تونس.

ووعد وزير الاستثمار والتعاون الدولي التونسي  ياسين إبراهيم، بإلغاء ترخيص اللجنة العليا للاستثمار للنشاطات المصدرة كليا، والخاضعة إلى التراخيص، والتي يبلغ عددها 49 نشاطا، وأكد أن القانون الجديد سيعطي إشارة إيجابية قوية إلى ت
المستثمرين، لكنه لا يمكن بأي حال من الأحوال حل كل المشكلات المتعلقة بالاستثمار، ولكنه سيغري المستثمرين بمناخ استثماري جديد، وبالدخول في حقبة اقتصادية مختلفة عن العقود الماضية.

وأشار إلى أن القانون الجديد يهدف إلى مواكبة متطلبات التنمية الحالية، وتوجيه رسائل إيجابية إلى المستثمرين وتبسيط الإجراءات الإدارية والتقليص من الآجال، إلى جانب إحداث آليات جديدة لحوكمة الاستثمار؛ على حد تعبير الوزير المختص، كما ينص القانون الجديد على التقليص من التراخيص المتعلقة ببقية المجالات، فضلا عن مراجعة كراسات الشروط، في إطار مخطط التنمية الحكومي الذي يمتد على 5 سنوات من 2016 إلى 2020.

وخلال الجلسة البرلمانية المخصصة لمناقشة هذا القانون الجديد، ظهرت على السطح عدة نقاط خلافية، من بينها تمليك الأراضي الفلاحية للأجانب، وانتداب اليد العاملة الأجنبية في المؤسسات المستثمرة في تونس، وتراجعت الحكومة التونسية في هذا القانون الجديد عن مقترح تمليك الأراضي الفلاحية للأجانب، وأقرت بوضوح في الفصل الخامس المعدل أن المستثمر الأجنبي إذا ساهم بصفة مباشرة أو غير مباشرة في استثمار فلاحي، لا يمكن له بأي طريقة امتلاك الأراضي الفلاحية.
وفي المقابل، يسمح قانون الاستثمار الجديد للمؤسسات الأجنبية بتشغيل 10 إطارات (كوادر) أجنبية بعد الحصول على ترخيص من وزارة التشغيل (العمل)، وذلك عوضا عن 4 كوادر حاليًا، وفق قانون التشجيع على الاستثمار الصادر سنة 1993. ومن المنتظر أن يجري تحديد العدد بنسبة 10 في المائة كحد أقصى، بداية من العام الرابع لدخول المستثمر إلى تونس، ومن المنتظر أن يسمح قانون الاستثمار الجديد بتشكيل مجموعة من الهياكل الحكومية المساعدة على دفع الاستثمارات، ومن بين تلك الهياكل هيئة تونسية للاستثمار، هدفها تحديد مخاطب وحيد للمستثمر، وتيسير الإجراءات أمام المستثمرين، وتأسيس صندوق تونسي للاستثمار يعمل على جمع آليات تدخل الدولة للتشجيع على الاستثمار، هذا إضافة إلى تأسيس المجلس الأعلى للاستثمار الذي يعمل على ضبط سياسة واستراتيجية الحكومة في مجال الاستثمار.