الجزائر ـ ربيعة خريس
بدأت تداعيات قانون الموازنة لعام 2017، تلقي بظلالها على الأسواق الجزائرية، وتشهد الأسعار ارتفاعًا كبيرًا، وهو الأمر الذي أثار استياء المواطن الجزائري والتجار الجزائريين، وقرر بعضهم الدخول في إضراب لإجبار الحكومة الجزائرية على التراجع على الضرائب والرسوم التي فرضت القانون.
واستجاب تجار محافظة بجاية شرق الجزائر العاصمة، لنداء الإضراب الذي فجر، خلال اليومين الماضيين، مواقع التواصل الاجتماعي، وغلق العديد منهم محلاتهم، تعبيرًا منهم عن رفضهم لفحوى قانون المال، الذي فرض زيادات جديدة، ستمس بطريقة مباشرة أسعار العديد من المواد الواسعة الاستهلاك. ولم يقتصر الإضراب على تجار المحلات فقط، بل استجاب للنداء ايضًا تجار سوق الخضر والفواكه في المحافظة، قائلين إن قانون الموازنة لعام 2017 سينعكس سلبًا على تجارتهم.
وتبيّن خلال جولة استطلاعية قادتها "صوت الإمارات"، إلى بعض الأسواق في أعالي الجزائر العاصمة، وبعد ساعات قليلة فقط من دخول قانون الموازنة لعام 2017 حيز التنفيذ، بعد صدوره في الجريدة الرسمية الجزائرية، أن معايير الأسعار في المحلات وأيضًا في أسواق الخضر والفواكه تخضع فعلًا للمضاربة التي أصبحت تستنزف جيوب الجزائريين، بشكل رهيب، وتجبرهم على مراجعة حساباتهم لتوفير مستلزمات الشهر.
واستغرب العديد من المواطنين الجزائريين الذين صادفتهم "صوت الإمارات" في عين المكان، أسباب ارتفاع أسعار الخضر على رأسها البطاطا والكوسة والجزر، وتلقب هذه الأنواع من الخضر في المجتمع الجزائري بـ "سيدة المائدة الجزائرية"، باعتبارها مواد أساسية لا يمكن لأي عائلة الاستغناء عنها في المطبخ الجزائري.
وفي وقت يشهد الشارع الجزائري غليان غير مسبوق، بسبب الإجراءات الجديدة التي فرضتها الحكومة الجزائرية في قانون الموازنة، أخلت الهيئات الممثلة للتجار الجزائريين مسؤوليتها من الإضراب الذي شنه تجار في عدد من المحافظات الجزائرية، وبرأت ذمتها من مسؤولية ارتفاع الأسعار، وأكدوا أن أسعار المواد الغذائية ستعرف انخفاضًا مطلع السنة الجديدة.
وقال رئيس جمعية اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، الطاهر بولنوار، في تصريحات صحافية إلى "العرب اليوم"، أن الأسعار عرفت انخفاضًا كبيرة مطلع السنة، مستدلًا بالاتصالات اليومية التي يجريها مع عدد من التجار الجزائريين المنضويين تحت لواء جمعية اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، ووصف بخصوص ما يروج عن إضراب عام للتجار بـ"الإشاعة" التي تهدف إلى دفع الناس للتخزين، وبالتالي يضطر التجار للرفع من الأسعار.
وأشار رئيس الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي، في تصريحات صحافية، إلى أن زيادات بعض المواد الاستهلاكية غير مقبولة، وهذا الأمر مرفوض بشكل تام. وطالب المتحدث، وزير التجارة الجزائري بالتدخل العاجل من خلال إصدار قوانين، لتسقيف هامش الربح لبعض المنتجات. وعبرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أبرز تنظيم حقوقي في الجزائر عن قلقها الشديد، من تزايد ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، التي لها علاقة حيوية بالحياة اليومية للمواطن.
وأكدت الرابطة في بيان، أن الجبهة الاجتماعية في هذه الفترة تشهد حالة من الانفلات في أسعار المواد الأساسية، وأن الارتفاع الحاد وغير المبرر للأسعار بصورة لم تعدّ متناسبة مع قدرات المستهلك الشرائية في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، التي يمر بها المواطن الجزائري. وقالت الرابطة إن الأسعار ارتفعت من 17 في المائة إلى 50 في المائة، مقارنة ببداية عام 2016، وارتفعت أغلب المواد الكهرومنزلية بنسبة 30 في المائة في حين ارتفع سوق السيارات وسوق العقارات بنسبة 30 في المائة.
ودق رئيس الرابطة، هواري قدور ناقوس الخطر، متسائلًا عن أسباب ارتفاع أسعار العديد من المواد الغذائية الأساسية في الأسواق الوطنية بنسبة فاقت بالمائة في الفترة الأخيرة، في حين أشار تقرير أعدّته منظمة التغذية التابع للأمم المتحدة "الفاو"، إلى أن أسعار المواد الغذائية الأساسية في العالم بأسره، انخفضت بنسبة 19.2 في المائة مؤخرًا، أضف على ذلك انعكاس انهيار الدينار الجزائري سلبًا على المواطن، والغريب في الأمر تحول نقمة انخفاض قيمة الدينار للمواطن إلى نعمة على التجار، وسارع هؤلاء إلى رفع الأسعار على كل المنتجات سواء المحلية الصنع أو المستوردة بحجة تراجع و انهيار في سعر صرف الدينار مقابل العملات الصعبة خصوصا الدولار و الأورو.
وأوضحت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، قائلة إن الإصرار العنيد للحكومة ولوبيات التجارة على الاستمرار في الإجهاز على القدرة الشرائية للأغلبية الساحقة من المواطنين، سيشكل حافزًا قويًا ومبررًا مشروعًا للاحتقان الاجتماعي، وخروج فئات واسعة من المجتمع الجزائري للتظاهر في الشارع.