القاهرة ـ صوت الإمارات
لا تجد العملة في مصر دعمًا رسميًا يؤدي إلى استقرارها عند مستويات ثابتة، يستطيع معها التجار والمستوردون تحديد ميزانياتهم عليها لمدى بعيد أو متوسط وحتى قريب؛ مما ساهم في استمرار تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، ليصل الأخير إلى 12 جنيها في السوق السوداء، الخميس، بدعم من تصريحات رسمية لمحافظ البنك المركزي طارق عامر، وتميز عامر منذ تقلده منصبه في 27 نوفمبر/تشرين ثان العام الماضي، بقراراته الجريئة في رفع قيمة العملة ثم تخفيضها، فضلاً عن تصريحاته الكثيرة والمثيرة للجدل في وسائل الإعلام، التي عادة ما تأتي بطريقة عكسية على قيمة الجنيه، وتلقي بظلالها على مناخ الاستثمار.
وكثيرا ما أحدثت تصريحاته اضطرابًا في سوق هي مضطربة بالفعل نتيجة شُح الدولار وعجز الميزان التجاري، وارتفاع التضخم، واقتراب تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وقال عامر الأربعاء الماضي: "لا يمكن الحديث عن تعويم الجنيه حاليًا، أما الخفض فهو يرجع لما يراه البنك في الوقت المناسب"، ويبلغ السعر الرسمي للدولار في البنوك 8.88 جنيه، ورغم أن مثول المحافظ أمام مجلس النواب، الأربعاء، أمر طال انتظاره في الأوساط الاقتصادية، لمعرفة السياسة النقدية للمركزي المصري خلال الفترة المقبلة وتحديد ملامحها الأساسية، فإن سرية الجلسة حجبت الهدف الأساسي من طلب الإحاطة؛ مما زاد من حجم التساؤلات في الوسط الاقتصادي، بدلاً من طمأنته.
ومن شأن استقرار السياسة المالية في مصر وتحديد الملامح الأساسية للسياسة النقدية، دعم مناخ الاستثمار في البلاد، التي تعاني وطأة تحركات في القطاع الاقتصادي تصفها الحكومة المصرية بـ"المؤامرة" عليها، مثل شُح الدولار، في حين أن بعض الإجراءات والتصريحات الرسمية تحتاج إلى مراجعة من حيث معالجة هذه الأمر، مثل التصريحات الأخيرة لمحافظ البنك المركزي التي قللت من قيمة العملة المحلية، لمستويات ستزيد معها قيمة العجز التجاري في الموازنة، فضلاً عن الضغوط التضخمية المتوقعة، نتيجة ارتفاع الأسعار.وتصريحات عامر التي أفصحت عنها وكالة الأنباء الرسمية في مصر، تشير إلى أن البنك المركزي ينتظر الوقت المناسب ليواصل خفض قيمة الجنيه، في وقت قفز فيه التضخم إلى 14.8 في المائة في شهر يونيو/ حزيران الماضي، مقابل العجز الشديد في العملة الأميركية في المصارف، رغم تسجيل الاحتياطي النقدي الأجنبي ارتفاعًا للمرة الخامسة على التوالي ليصل إلى 17.5 مليار دولار.
وخفضت مصر العملة المحلية نحو 14 في المائة في منتصف مارس /آذار الماضي،وعلى الرغم من التأثيرات السلبية الناتجة من اضطرابات العملة المحلية وشُح الدولار في السوق المصرية، فإن القطاع الاستهلاكي شهد صفقة جديدة من شأنها جذب سيولة دولارية للسوق، فقد وقعت شركة "بي تك" المصرية أكبر موزع للأجهزة المنزلية والإلكترونيات، عقد اتفاقية شراكة استراتيجية مع إحدى الشركات الرائدة في مجال الاستثمار المباشر "DPI" في أفريقيا التي تدير استثمارات تتخطى 1.1 مليار دولار، ومقرها لندن.
وقامت المجموعة المالية هيرميس، بدور المستشار المالي لشركة "بي تك"؛ إذ تعد اتفاقية الشراكة تلك أولى صفقات شركة "DPI" للاستثمار المباشر في السوق المصرية، والمقرر بمقتضى الصفقة أن تضخ الشركة استثمارات قدرها 300 مليون جنيه (33.8 مليون دولار) لتمويل التوسعات المخططة في شركة "بي تك".
وقال العضو المنتدب للمجموعة المالية هيرميس في الإمارات مصطفى الشيتي: "إن إتمام الصفقة في هذا التوقيت يعكس اهتمام مجتمع المستثمرين الدوليين بجاذبية القطاعات الاستهلاكية في مصر؛ نظرًا للقاعدة السكانية الفريدة التي تتميز بها السوق المصرية، حيث تمثل الفئات العمرية الشابة أكبر شريحة من التعداد السكاني، إلى جانب نمو معدلات الإنفاق الاستهلاكي والانخفاض النسبي لتكاليف الإنتاج.
وهذه الشراكة الاستراتيجية تعد سادس صفقة لقطاع الترويج وتغطية الاكتتابات بالمجموعة المالية هيرميس منذ بداية العام الحالي، بما في ذلك اكتتابي الشركة العربية للصناعات الغذائية "دومتي" وشركة مستشفى كليوباترا في البورصة المصرية، حيث بلغ إجمالي قيمة الصفقات المنفذة حتى الآن نحو 640 مليون دولار، وتمتلك "بي تك" 67 فرعًا في مختلف المحافظات المصرية، إلى جانب كونها الوكيل الحصري للكثير من العلامات التجارية العالمية.
وتأتي اتفاقية الشراكة الاستراتيجية في إطار استمرار خطة التوسعات بأعمال الشركة.وعلق رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "بي تك" الدكتور محمود خطاب، على عقد الشراكة قائلا: "الصفقة تدل على قدرة الاقتصاد المصري جذب الاستثمارات الأجنبية، والأسس القوية للقطاع الاستهلاكي المصري وقطاع التجزئة؛ نتيجة تنامي الشريحة الشابة من تعداد مصر السكاني"، من جانبها، علقت المدير التنفيذي لشركة "ديفلوبمنت بارتنرز إنترناشيونال" وأحد مؤسسيهارونا الأم، على الاتفاقية قائلة: "تشمل الأفكار الاستثمارية لدينا دعم الشركات الكبيرة التي تلبي الاحتياجات المتزايدة للمستهلك في جميع أنحاء أفريقيا، وتعتبر شراكتنا مع شركة "بي تك" أول استثماراتنا في مصر، حيث تمتلك "بي تك" سجلاً حافلاً في تلبية احتياجات المستهلك، ونؤمن بأن التغيير في الأسلوب التقليدي للبيع بالتجزئة إلى نمط أكثر تنظيمًا وزيادة عدد العملاء سيؤدي إلى زيادة في استهلاك السلع المعمرة وسيفتح الكثير من أسواق ومجالات العمل".