القاهرة – محمد عبدالله
القاهرة – محمد عبدالله
أكد وزير التجارة والصناعة منير فخري عبد النور حرص الحكومة على إجراء تعديلات جوهرية على قانون "حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية"، بما يضمن استقلالية الجهاز ومنحه المزيد من الصلاحيات، بغية رفع كفاءة الأسواق، وتحقيق العدالة والردع والقدرة اللازمة على تنفيذ وتطبيق هذا القانون، مجددًا دعم الوزارة
الكامل للجهاز، في تفعيل دوره خلال المرحلة المقبلة، بما ينعكس على تطوير المنظومة الاقتصادية. وأشار الوزير إلى أن "تعديلات قانون حماية المنافسة تمثل أحد الركائز الأساسية لتحقيق بيئة اقتصادية سليمة، تقوم على المنافسة العادلة، ومبادىء السوق الحر، على النحو الذى يضمن تحقيق مصالح المستثمرين والمنتجين والمستهلكين معاً، استقرار الأسواق، وانضباط ممارسات الشركات، وتهيئة المناخ، لجذب مزيد من الاستثمارات، بغية توفير فرص عمل، وتحسين مستوى معيشة المواطنين"، مؤكدًا أن "الحكومة تضع على رأس أولوياتها، خلال هذه المرحلة، إعادة النظر في العديد من القوانين والتشريعات المتعلقة بالاقتصاد والصناعة والأسواق، بغية توفير المناخ الاقتصادي المناسب، والبيئة التنافسية السليمة، لرفع الكفاءة الاقتصادية، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية"، لافتًا إلى أن "وضع مصر في الترتيب الـ 119 من إجمالى 148 دولة خلال العام 2013/2014 في مؤشر كفاءة الأسواق، والذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، كأحد المؤشرات الفرعية لمؤشر التنافسية العالمي، وهو المؤشر الذي يعكس مدى سيادة المنافسة في الأسواق المختلفة"، موضحًا أن "هناك بعض أوجه القصور والخلل في بعض نصوص قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، فضلاً عن ما شابه بعض مواد القانون من غموض، والتي تتطلب إعادة النظر فيها"، مضيفًا أنه "على الرغم من إجراء بعض التعديلات على هذا القانون عام 2008، إلا أن القانون القائم يحتاج إلى تعديلات جوهرية، ليتمكن الجهاز من تحقيق أهدافه"، مشددًا على أن "قانون حماية المنافسة لم يصدر بغرض محاربة المستثمرين أو الشركات أو التربص بهم أو تقييد نشاطهم ،إنما جاء لتنظيم عملية المنافسة في الأسواق، وضمان أن تكون المنافسة وفقًا لقواعد السوق الحر، فالجهاز هو ضمانة للمستثمر الجاد، وضمانة أيضاً للشركات الصغيرة والمتوسطة، حتى يتسنى لها دخول السوق، وممارسة النشاط الاقتصادي، وفقًا للقواعد ذاتها، التي تطبق على غيرها من الشركات والمستثمرين، كما أنه ضمانة لضبط إيقاع المنافسة، بما يحقق مصلحة المستهلك، ويتيح له حرية الاختيار بين بدائل عدة للمنتج من سلعة أو خدمة بأفضل سعر وأعلى جودة، وبالتالي ينعكس إيجاباً على النهوض بمستوى معيشة المواطنين".
وأوضح عبد النور أن "الجهاز يهدف إلى تحقيق بيئة منافسة سليمة للشركات العاملة في السوق المصري، تعتمد في الدرجة الأولى على الكفاءة الاقتصادية لهذه الشركات، وقدرتها التنافسية، بما يعود بالنفع على المستهلك المصري"، مشيراً إلى أن "تحول مصر إلى اقتصاد السوق الحر أظهر الحاجة إلى وجود جهاز مستقل لحماية المنافسة، ومنع الممارسات الاحتكارية، ليكون ضمانة للتنافس العادل بين الشركات، التي تعمل على زيادة حصتها السوقية، أو بغية تعظيم عائد استثماراتها، لما قد يصاحب ذلك بعض التشوهات أو الممارسات التي قد تمنع حرية المنافسة، أو تقيدها أو تضر بها"، لافتًا إلى أنه "منذ إصدار قانون حماية المنافسة، في آب/أغسطس عام 2005، وإنشاء الجهاز المنوط به تطبيق أحكامه، كان دائمًا جهاز حماية المنافسة، اهتمام الجميع، فالمجتمع والرأي العام ينظر إليه بإعتباره الجهاز الذي يكافح الاحتكار، وارتفاع الأسعار، ومن ناحية أخرى ينظر إليه مجتمع الأعمال بحذر، بإعتباره أحد الأجهزة الرقابية الحديثة".
وبيَّن عبد النور أنه "سيتم عقد حوار مجتمعي، ويتضمن الاتحادات والغرف التجارية والصناعية ومنظمات الأعمال والمجتمع المدني لحماية المنافسة والمستهلك، بجانب ممثلي الهيئات القضائية من المحكمة الاقتصادية، ومجلس الدولة والنيابة العامة، ووسائل الأعلام المختلفة، بغية التعرف على أرائهم ومقترحاتهم، وأخذها في الاعتبار، في تطوير المشروع المقترح لتعديلات القانون الساري، وضمان فاعلية تنفيذ وتطبيق القانون".
وأشارت رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الدكتورة منى الجرف إلى أن "قانون المنافسة يحتاج إلى تعديلات لتمكين جهاز حماية المنافسة من أن يلعب دوراً قوياً في المنظومة الاقتصادية"، مؤكدة أن "قانون حماية المنافسة يضمن حماية المستهلك بطريقة غير مباشرة، حيث يعمل على خلق بيئة منافسة سليمة وكاملة، تعود بالمردود الإيجابى على المستهلكين".
وأضافت أن "الجهاز فحص خلال العام الماضى نحو 24 حالة، وتبين من خلال الدراسة وجود حالة مخالفة، وتمثلت في تحويل 10 شركات منتجة للدواجن للنيابة العامة، في نيسان/ إبريل الماضي، لإجراء التحقيقات اللازمة مع تلك الشركات"، لافتة إلى أن "30% من الحالات التي تتقدم إلى الجهاز تخرج عن اختصاص الجهاز ودوره في ضبط الأسواق"، مشددة على "ضرورة عقد المزيد من الفاعليات الإعلامية والمجتمعية، لشرح واستعراض دور الجهاز في المنظومة الاقتصادية".
وأوضحت الجرف أن "أهم التعديلات المقترحة تستهدف تحقيق استقلالية جهاز حماية المنافسة، وزيادة فعالية القانون، فضلاً عن ضمان العدالة الاجتماعية وتحقيق الشفافية ورفع كفاءة أداء الجهاز"، مشيرة إلى أن "هذه التعديلات تتمثل في عدد من النقاط أهمها، تدعيم سلطة مجلس إدارة الجهاز والعاملين فيه بما يتوافق مع مبدأ استقلالية الجهاز الفنية والإدارية، وتقليص عدد أعضاء مجلس إدارة الجهاز، والتأكيد على ضم الكفاءات والخبرات، بغية رفع كفاءة عمل الجهاز وفاعليته، ومعالجة الخلل المتمثل في وجود اختلاف شاسع بين الحد الأدنى للغرامة والحد الأقصى لها، عبر الاخذ بمبدأ الغرامة النسبية، فضلاً عن تشديد العقوبات على الممارسات الاحتكارية، لاسيما الاتفاقات الأفقية، التي يكون موضوعها رفع الأسعار، أو اقتسام الأسواق، أو تقييد حجم المعروض، ومراجعة الحدود الدنيا والقصوى للمبالغ المقررة للتصالح، وطرح آلية جديدة للتصالح، بغية حث المخالفين وتشجيعهم على التصالح، إعمالاً لمبدأ العدالة الناجزة، والمعالجة الوقائية لمشكلات المنافسة في السوق، وذلك عبر منع عمليات الاندماج والاستحواذ، التي يترتب عليها الحد من المنافسة، وذلك قبل إتمام هذه العمليات، والإعفاء الوجوبى للمبلغ من كامل العقوبة في جرائم الاتفاقات الأفقية، وأخيرًا، تشديد العقوبات في المسائل المتعلقة بعدم التعاون مع الجهاز، كعدم تزويد الجهاز بالمعلومات والبيانات المطلوبة، أو إرسال بيانات مغلوطة".
جاء ذلك خلال جلسة الحوار المجتمعي، والتي نظمها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، الثلاثاء، في شأن تعديلات قانون حماية المنافسة، وذلك لاستعراض أهم الملامح المقترحة لتعديلات هذا القانون، وبمشاركة عدد كبير من ممثلي مجتمع الأعمال، والهيئات القضائية، وجمعيات حماية المنافسة والمستهلكين، وأساتذة الجامعات من الخبراء.