دمشق – مصر اليوم
دمشق – مصر اليوم
يظل التنقل في العاصمة دمشق أو بين دمشق وأريافها مشكلة تزادا تعقيدًا في حياة المواطن السوري، وخاصة ذلك المضطر للذهاب إلى عمله يوميًا، فمن جانب تتزايد حواجز الحكومة الأمنية، ودورها في تقطيع أوصال العاصمة، وفصلها عن ريفها حتى الذي لا يزال تحت سيطرة الحكومة، ومن جانب آخر فإن ارتفاع أجور النقل وتحكُّم سائقي السرافيس والتكاسي
في التسعيرة بات أمرًا يفوق استطاعة المواطن الذي يقضي ساعات في انتظار وسيلة نقل تُقلّه إلى مكان عمله، وساعات أخرى واقفًا على الحواجز، حيث لا يصل إلى وجهته حتى يكون ضاق ذرعًا بحياته.
وإذا كان سكان العاصمة تأقلموا نوعًا ما على الحواجز الأمنية، ووقوفهم أمامها ساعات، على اعتبار أن هذه الإجراءات شر لا بُدّ منه، إلا أن موضوع ارتفاع أسعار المحروقات من البنزين والمازوت وعدم توافرها في كثير من الأحيان إنما يجعل من أجور النقل حتى في وسائط النقل الجماعية أمرًا غير مقبول، بالنسبة إلى شريحة كبيرة من سكان المدينة.
وارتفعت أجرة السرافيس من خمس ليرات إلى 20 ليرة في العاصمة أو بين العاصمة والريف القريب كجرمانا في ريف دمشق، في حين أن التسعيرة ارتفعت لتصل إلى 50 ليرة بين دمشق والريف البعيد كمدينة عدرا العمالية على سبيل المثال، وبالتالي فإن المواطن يحتاج يوميًا ما لا يقل عن 100 ليرة، هذا إذا افترضنا أنه استخدم وسيلة نقل واحدة، على اعتبار أن معظم المواطنين يضطرون إلى استخدام أكثر من وسيلة نقل للوصول إلى أماكن عملهم أو إلى منازلهم، وبالتالي فإن المواطن يضع شهريًا نصف راتبه فقط كأجور نقل ومواصلات، مما دفع الكثيرين إلى المشي تقليصًا للمصاريف.
وهنا أشار رائد وهو موظف في شارع بغداد، وسط دمشق، ويقطن في مدينة جرمانا إلى أنه يضطر يوميًا إلى أن يستقل سيرفيس إلى باب توما أو ساحة العباسيين، ثم يكمل سيرًا على الاقدام حتى شارع بغداد، باعتبار أنه لا توجد أية وسيلة نقل جماعية يمكن أن توصله إلى مكان عمله بعد إغلاق الطرقات بالحواجز الأمنية، وبالنسبة إلى خيار التاكسي فإنه يحتاج يوميًا حوالي 100 ليرة من ساحة باب توما أو العباسيين للوصول إلى عمله، وبالتالي فإن هذا الخيار سيجعله يخسر راتبه لذلك فضّل المشي.
في حين أن رنا والقاطنة في مشروع دمر، أحد ضواحي دمشق، وتعمل في شركة خاصة في منطقة التجارة فإنها يوميًا تُضطرّ لأن تدفع حوالي 300 ليرة كأجور نقل بين السرافيس والباصات، أي أن تكلفة النقل بالنسبة إليها تصل إلى 6000 ليرة أي حوالي نصف راتب، ولكنها تفضل الاستمرار في العمل لمساعدة زوجها قدر المستطاع في المصاريف المتزايدة.
أما بالنسبة إلى سيارات الأجرة الخاصة ( التاكسي) فإن أجورها باتت خيالية على اعتبار أن العداد لم يعد له أية قيمة بالنسبة إلى السائقين، الذين يفرضون الأجرة على مزاجهم، حيث إن أقل تسعيرة يفرضها سائقو التكاسي لا تقل عن 300 ليرة، في حين كانت تكلفة المسافة ذاتها منذ زمن لا تزيد على الـ 75 ليرة، وبالتالي فإن أجور النقل ارتفعت أكثر من 100%.
ويشكو الكثير من المواطنين من أن أصحاب التكاسي يفرضون أحيانًا أرقامًا كبيرة جدًا تصل إلى الـ 1000 ليرة.
ولعل مشكلة التكاسي والسرافيس بالنسبة إلى المواطنين لا تقف عند التسعيرة فقط، إنما تتعدها إلى تحكم السائق في المواطن المنتظر أية وسيلة نقل تُقلّه إلى منزله، ففي كثير من الأحيان يقف المواطن لساعات في انتظار سيرفيس، وعندما يفقد الأمل في وصوله يضطر لإيقاف تاكسي، فإن الأخير يستغلّ حاجة الراكب فلا يقله إلا إذا كانت مسافة المشوار الذي سيقطعه قصيرة، ووافق الراكب على التسعيرة التي يفرضها مسبقًا.
وإذا كانت معاناة المواطن وشكواه كبيرة فإن للسائقين أيضًا معاناتهم، وتتمثل في رفع حكومة الأسد لأسعار البينزين والمازوت، فضلاً عن أنهم وكما يشير البعض يُضطَرون إلى شراء المحروقات من السوق السوداء، أي بأسعار أعلى من الأسعار المحددة رسميًا، هذا بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف إصلاح المركبات وقطع الغيار
ولعل أحد سائقي السرافيس أشار إلى أن الحكومة رفعت سعر المازوت إلى 60 ليرة، في حين أنه يُضطرّ لشراء اللتر بـ 90 ليرة، وبالتالي من الطبيعي أن يوقف سيرفيسه لأيام، وأحيانًا لأسابيع من دون عمل، فهم يرون أن الأجرة لا تزال غير منصفة بالنسبة إليهم، لافتًا إلى أن كل ما اتخذته الحكومة في ما يخص أسعار الوقود كانت قرارات فاشلة، ويدفع ثمنها سائق السرفيس والمواطن على حد سواء.
يُذكر أن سعر لتر البنزين يصل رسميًا إلى 80 ليرة، في حين أن سعر لتر المازوت يصل إلى 60 ليرة.