دبى ـ صوت الامارات
احتلت معارض «إكسبو» دائماً مكانة مهمة في تعزيز ابتكار الأشكال المعمارية الريادية غير المسبوقة في العالم، من خلال استيحاء تصاميم وبناء العديد من المعالم الأثرية حتى تحولت إلى أيقونات ورمز للمدن التي استضافتها.
وكما ظهر في تاريخ العمارة فإن «إكسبو» شيد معالم دائمة، حيث قدم على مدار التاريخ جديد المهندسين المعماريين وإبداعاتهم التي ما كان لها أن تولد لولا التفكير في غرضها، وذلك بهاجس تقديم أفكار هندسية جذرية، كمختبر إبداعي لأهم الابتكارات الجريئة في تصميم العمارة والتكنولوجيا وبنائها، ولذلك فإن المبادئ التي قام عليها «إكسبو» تعمل على تشجيع المنافسة في هذا المجال الحيوي، فقد أتاح للمهندسين المعماريين فرصة عدم التقوقع في الأشكال التقليدية السائدة، بل وأكثر من ذلك الثورة عليها وتقديم كل ما هو جديد، وتم عرض ذروة الأشكال المعمارية الأكثر تطوراً في «إكسبو ميلانو»، أما «إكسبو 2020 دبي» فسيكون الأحدث في تقديم هذه الأشكال من خلال بناء أجنحة الدول المشاركة كنماذج للتطور المعماري الهندسي وتقنياته الأكثر حداثة.
وصاحب ذلك ظهور نظريات في التجديد المعماري وما صاحبه من شواهد ومعالم معمارية أصبحت جزءاً من حياة البشرية وعلامات فارقة في هذا الفن، ولكن السؤال الذي ألح في طرحه، هو: هل حافظت هذه الظاهرة المعمارية على استمراريتها أم أنها انتهت في الوقت الحاضر؟
ابتكارات معمارية غيرت ملامح العالم
تمتع كل معرض إكسبو على مر التاريخ بفرصة فريدة في تقديم الأفكار الراديكالية الجذرية من أجل خلق مختبر لتذوّق التجديدات في مجال التصميم وبناء التكنولوجيا من خلال تشجيع المســــابقات المعـــمارية، ودفع البلدان إلى تقديم أفضل ما يدور في رؤوس مهندسيها ومعمارييها.
وعرض إكسبو لندن 1851 ما يقرب من 100 ألف مادة جديدة في مجال البناء، لذا ألهم القصر البلوري المعماريين الأمريكيين في بناء الأبراج الشاهقة، وهي مزيج ما بين الأسمنت والزجاج.
وهناك الكثير من المعالم الخالدة التي يمكن أن تكون مثلاً ونموذجاً لذلك، وخاصة في ميدان إبداع المفاهيم المعمارية مثل القصر البلوري وتقنياته وتأثيراته على العمارة. وقد احتفل إكسبو باريس 1889 بالإنجازات المعمارية العالمية، والفنون الجميلة، والتقنيات التي تم من خلالها بناء «برج إيفيل» الشهير في باريس، وما أنتجه من تأثيرات في تقنية البناء ومفاهيمه المستقبلية.
وجاء التأثير الإيجابي من خلال نخبة المهندسين الذين حرصوا على تطوير المعرفة، ومؤسسات المعرفة، والمجتمع المدني والمهني والثقافي. وقام اﻟﻤﻨﺘﺠﻮن للسلع واﻟﻔﻨﻮن واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ باستخدام استراتيجيات الطاقة بهدف الاعتراف بهويتها في الإكسبو.
واعتبر المؤرخون معارض إكسبو كائنات نموذجية للتحليل والدراسة والاستقصاء مثل عناصر بناء الأمة، والتصنيع، والتحديث، وغيرها. وفي أحيان معينة، تم احتكار هذه الابتكارات والاختراعات، ولكن سرعان ما اختفت هذه الحالة نتيجة الانفتاح على الثقافات الأخرى وسلوكياتها الاجتماعية والثقافية.
وبما أن إكسبو نشأ في أوروبا، فقد ولدت العمارة وتقنياتها لتعبّر عن عادات الثقافة الأوروبية وقيمها الحضارية التي قاومت الوحشية والبربرية، ما جعل إكسبو «المعرض البشري الحيّ» الذي تعدى الانتماء الأوروبي ومفهوم الإنسان والأمة بقيمها وثقافتها وتاريخها في الابتكار والتكنولوجيا والعمارة.
وكذلك جذب الزائرين إلى أماكن العرض من خلال الأشكال المعمارية التي استخدمت فيما بعد في الحياة العملية للبشرية من خلال توسيع البنية التحتية وبناء مطارات جديدة لاستيعاب هذه الحركة البشرية الهائلة التي فرضتها معارض إكسبو في العالم، فكان النقل واستراتيجياته هو العامل الأساسي لهذا التطور المعماري.
وارتبطت الأشكال المعمارية بالفن ونموه وتقدمه، وتأثيراته على حياة البشر جميعاً.
وتركز ذلك في فكرة التجول حول العالم، ما ولد الكثير من المعارف والعواطف إزاء الرؤية البصرية للعمارة، وبذلك تعددت وجهات النظر في الهياكل الفولاذية والمباني الضخمة، وطرق السكك الحديدة في عملية إعادة تمثيل تاريخية أو إثنية مستوحاة من النشاطات الإنسانية، أي تقديم مفاتيح لفهم حياة البشرية والأماكن التي يعيش فيها الإنسان، بجوانبها الإبداعية والإنسانية.
وهنا ندرس بناء المجتمعات التي تنتج كل هذه الابتكارات والاختراعات، مرسومة في كتالوجات وأدلة وبيانات ومنشورات وإعلانات رافقت معارض إكسبو. وشهد العالم خلال العقدين الأخيرين متغيرات هائلة في التكنولوجيا وعلوم الحاسوب وتطبيقاته الرقمية.
وعلى مدى تاريخه، قدم إكسبو التصاميم المعمارية الفاعلة في نسيج حياتنا الفعلية، وكان لها أكبر الأثر في حياة المعماريين ونتاجهم في توظيف التكنولوجيا الحديثة في خدمة العمارة وأغراضها، وتطويع التكنولوجيا الرقمية الحديثة وتطبيقاتها في مجال البناء ومواده مثل الزجاج والحديد والصلب وغيرها.
ولم يتوقف هذا التطور منذ انعقاد أول إكسبو، وخاصة في آفاقها التخييلية والافتراضية، ومنها العمارة التفكيكية التي أطلقوا عليها عمارة ما بعد الحداثة.
وطرح إكسبو موضوع البيئة في العمارة، وتطور كل العلوم في هذا الميدان، والرابط بين العمارة وأهداف التنمية المستدامة، لأن العلاقة الفريدة بين البيئة والناس والطبيعة وفرت فرصة لفهم حقيقة التنمية المستدامة. وقدم إكسبو برشلونة في عام 1929 نموذجاً لهذه العمارة، وكذلك الجناح الألماني.
أشكال جديدة
تجرأت أجنحة إكسبو لأن تصبح المثال النموذجي لاستخدام الهندسة المعمارية رمزاً وطنياً، معبّرة عن صورة البلد الذي تمثله، وهذا أسس لنظريات مستقبلية تجني البشرية ثمارها ولا تزال.
ولطالما وقف إكسبو ضد السائد، مطالباً بالابتكارات التي تواكب حياة البشر. وشجع إكسبو المنافسات بين البلدان في تقديم الأشكال المعمارية الجديدة وأكثرها ارتباطاً بالطبيعة والبيئة، وهذه المنافسة في إكسبو العالم دفعت المهندسين المعماريين إلى ابتكار كل ما هو صالح للبشرية.
قــــــــــــــد يهمك أيـــــــضًأ :
"عبدالله بن زايد "يحضر اجتماع المشاركين الدوليين في إكسبو 2020 دبي