سهام أحمد
تصدرت الإمارات، منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشرات التنمية الرئيسية، وفق تقرير السياق الاقتصادي الجديد للوطن العربي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، المنعقد أخيرًا في البحر الميت في المملكة الأردنية الهاشمية.
وأوضح التقرير أن الإمارات تحتل المراكز الأولى عربيًا وشمال أفريقيا، في مؤشرات التنافسية العالمية "6.26 نقاط" وجاهزية الشبكة العنكبوتية "6.27 نقاط" والتمكين التجاري "6.23 نقاط" وتسهيل إقامة الأعمال "76.80 نقطة"، وفي نفس الوقت تحتل الإمارات المرتبة 25 عالميًا في الابتكار.
وأضاف التقرير، أن الإمارات استطاعت أن تتغلب جيدًا، من وجهة نظر الشركات المحلية، على عواقب ونتائج التقلبات الاقتصادية العالمية، كما استطاعت الدولة بنجاح أن تطبق إصلاحات وتستثمرها في تحقيق التنوع والمرونة الاقتصادية والتغلب على صدمات أسعار النفط العالمية المتقلبة، مشيرًا إلى أن استثمار في المشاريع الجديدة عبر الإنترنت ارتفع من 100 مليون دولار عام 2014 إلى 1.7 مليار دولار عام 2016.
اختيار
من ناحية ثانية، اختار المنتدى، الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق"، رئيسًا لمجلس الأعمال الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع للمنتدى، تقديرًا لجهودها في توفير سبل تحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة، ويضم المجلس مجموعة من قادة الأعمال الإقليميين وممثلي كبرى الشركات العالمية.
وأعلن البروفيسور كلاوس شواب، مؤسس ورئيس المنتدى، الذي انعقد خلال الفترة من 19-21 مايو الجاري، عن تعيين الشيخة بدور القاسمي كأول امرأة تتولى هذا المنصب الإقليمي الرفيع خلال جلسة مغلقة، بحضور عدد كبير من صنّاع القرار وممثلي الشركات العالمية والإقليمية.
وسيقوم المجلس، برئاسة القاسمي، بوضع الأطر الإستراتيجية وإطلاق المبادرات لدفع عجلة التنمية المستدامة في دول المنطقة من خلال تحسين مناخ الأعمال ودعم الريادة، وتحفيز الابتكار وخلق فرص عمل للشباب وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، إضافة إلى إنشاء سوق لترويج منتجات رواد الأعمال في المنطقة، كما سيعمل على تعظيم أثر الشراكات بين القطاعين العام والخاص لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية التي تواجه المنطقة.
وشهدت فعاليات المنتدى، مشاركة القاسمي في جلستين رئيستين تناولت فيهما مجموعة من أهم مواضيع الاقتصاد الإقليمي التي تم اعتمادها على جدول أعمال المنتدى، الذي شهد هذا العام اهتمامًا كبيرًا بالقضايا المرتبطة بالتحديات الناجمة عن التغيرات التي تمر بها المنطقة، وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية.
وفي الجلسة الأولى التي حملت عنوان "رسم إطار السياسات العامة للتحول الجيلي"، أكدت القاسمي ضرورة مد جسور التواصل بين مجلس الأعمال الإقليمي، و"مجموعة الإستراتيجية الإقليمية"، التي تتمتع بعضويتها، بالإضافة إلى مناقشة المجالات التي تتطلب إصلاحًا للسياسات، مثل تحقيق التكامل الاقتصادي والتنويع، وتوفير فرص العمل، والتعليم والتدريب، والرعاية الصحية، والتنمية الاجتماعية، بهدف الاتفاق على جدول أعمال إقليمي للمجموعة، فضلًا عن تحديد دورها ومهامها في المستقبل.
فرص وتحديات
وبشأن أهم الفرص والتحديات التي تواجهها المنطقة، قالت القاسمي: "تقف منطقة الشرق الأوسط على أعتاب مرحلة جديدة من النمو، وعلى الرغم من الفرص الكثيرة المتوافرة فيها، فإن علينا أن نختار خطواتنا بعناية، مع التركيز على بناء اقتصادات متكاملة، وشاملة، ومستدامة، وذات فائدة متبادلة لجميع الأطراف"، وفي الجلسة الثانية، التي حملت عنوان "مفاهيم جديدة: العالم العربي من التاريخ إلى الخيال العلمي"، تناولت مفاهيم الهوية الإقليمية، والتنوع، والمستقبل المشترك من منظور الأدب، وأكدت أهمية المفاهيم الأدبية التي يحتاجها العالم العربي لبناء مستقبل أكثر إشراقًا وشمولية في المنطقة.
وتابعت القاسمي: "أؤمن بقوة الكتاب والكلمة في تغيير حياة الإنسان ولا سيما في الدول التي تعاني من الأزمات والحروب، وهذا ما قادني لتأسيس مجموعة كلمات لتمكين الأطفال، الذي يكمن دورها الرئيسي في تزويد مكتبات اللاجئين بكتب أطفال، حيث يعاني الكثير من الأطفال في دول عديدة من ظروف صعبة تحرمهم حقهم في التعليم، الأمر الذي يسلبهم القدرة على التخيل والحلم بمستقبل أفضل، وهنا يأتي دور القصص والروايات في تمكينهم من الوصول إلى الأمل والحلم".
وشددت القاسمي، على ضرورة أن "يكتب المؤلفون العرب عن تاريخنا الذي نفخر به، لتزويد الكتّاب بمنصة يمكنهم من خلالها أن يكونوا صوتًا للعرب"، مشيرة إلى أنها تؤمن بقدرة الكتاب على أن يكون نافذة للمجتمعات لتحقيق التبادل الثقافي ويكون مرآة لما يحدث داخل المجتمعات العربية.
وشارك في المنتدى وفدًا من إمارة الشارقة ضم مجموعة من المسؤولين الحكوميين، والخبراء الاقتصاديين، الذين التقوا بكبار رجال الأعمال، والمسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى، وقادة المجتمع المدني من أكثر من 50 دولة في المنطقة، بهدف تعزيز التعاون وتحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص في القضايا الجوهرية التي تتعلق بمستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تأثير
وبحث المنتدى تأثير "الثورة الصناعية الرابعة"، التي أسّست لحقبة جديدة في الاقتصاد العالمي، واعدة بفرص اقتصادية ثمينة ناجمة عن توافق المعلومات الرقمية، والتقدم التكنولوجي مع مختلف المجالات الاقتصادية، وبحث المشاركون في هذا الإطار كيفية تسخير التقنية الحديثة لتوفير فرص العمل، وتشجيع ريادة الأعمال، وتحقيق النمو الشامل في تلك المنطقة التي يُشكّل الشباب فيها نسبة كبيرة من عدد السكان.
تطوير برامج لبناء المهارات والمعرفة في المنطقة
وتعتزم شركة "إس إيه بي" عملاقة برمجيات الأعمال العالمية وإحدى جهات التمكين المرموقة في مجال التحول الرقمي، إطلاق برامج خاصة في بناء المهارات والمعرفة من أجل تطوير المواهب الشابة والمساهمة في خلق فرص العمل في الاقتصاد الرقمي، موضحة أن هذه البرامج بعد انتهائها ستعكس قيمة اقتصادية تعادل 100 مليون دولار بحلول العام 2022.
وجاء هذا الإعلان أثناء انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في الأردن أخيرًا، وينصبّ تركيز برنامجه هذا العام على أهمية علاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دفع عجلات النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأبرزت "إس إيه بي" حرصها على تبادل أفضل الممارسات العالمية مع المشاركين في المنتدى، مشيرة إلى أن معهد "إس إيه بي" للتدريب والتطوير، الذي يتخذ من دبي مقرًا، استطاع أن يطوّر مهارات ومعارف تعكس قيمة اقتصادية محلية لدى البلدان التي يعمل فيها بأنحاء المنطقة، تبلغ زهاء 110 ملايين دولار.
وصرحت ماريتا ميتشين، المدير التنفيذي للمعهد، إن المؤسسات والشركات في الشرق الأوسط باتت تعتمد بشكل متزايد على المهارات التقنية المتقدمة، لكنها أشارت إلى وجود "عدم تطابق كبير بين المستوى الحالي من أصحاب المواهب من جهة والمهارات المطلوبة بحلول العام 2020 من الجهة المقابلة"، ويظهر تقرير لـ"أكسفورد إكونوميكس"، أن المهارات في مجالات الحوسبة السحابية وتحليل البيانات والقدرات التنقلية ووسائل التواصل الاجتماعي، "تستعد لإحراز نمو مضاعف مرتين أو ثلاثة في الشرق الأوسط".