أنقرة - صوت الامارات
كشف معهد الإحصاءات التركي أن مؤشر الثقة الاقتصادية التركي تراجع 9% عن الشهر السابق، ليسجل 83.9 نقطة في أغسطس (آب) الحالي، وهو أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2009، في الوقت الذي واصلت فيه الليرة التركية تراجعها أمس الأربعاء، بفعل الضبابية التي تكتنف أي تقدم في ما يتعلق بالخلاف بين أنقرة وواشنطن.
وأرجع المعهد انخفاض المؤشر إلى تراجع مؤشرات ثقة المستهلكين والقطاع العقاري والخدمات وتجارة التجزئة والبناء إلى 68.3 و96.3 و88 و93.4 و68.8 على التوالي. علمًا بأن مؤشر القطاع العقاري كان الوحيد فوق 100 نقطة الشهر الماضي، حيث يدل المؤشر على نظرة اقتصادية متفائلة عندما يتجاوز مائة نقطة، فيما تكون النظرة متشائمة عندما يكون من دون ذلك.
ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه بنك "جيه بي مورغان" حجم الدين الخارجي التركي الذي يحل أجل استحقاقه في يوليو/ تموز 2019 بحوالي 179 مليار دولار، أي ما يعادل نحو ربع الناتج الاقتصادي للبلاد، وهو ما يشير إلى مخاطر حدوث انكماش حاد في الاقتصاد الذي يعاني من أزمة.
وقال البنك في مذكرة له، إن الحكومة بحاجة إلى سداد 4.3 مليارات دولار فقط ، حيث أن معظم الدين، حوالي 146 مليار دولار، مستحق على القطاع الخاص، بخاصة البنوك أو تمديد المبلغ، بينما يشكل الباقي مستحقات على كيانات تابعة للقطاع العام.
وأضاف البنك في مذكرته، أن الدين الخارجي المستحق على تركيا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي اقترب العام الماضي من مستويات قياسية مرتفعة لم يصل إليها سوى قبل الأزمة المالية في عامي 2001 و2002، مشيرًا إلى أن الديون التي تُقدر بحوالي 108 مليارات دولار تستحق حتى يوليو 2019 تنطوي على مخاطر مرتفعة فيما يتعلق بتمديد آجال استحقاقها.
وأوضح البنك أن الشركات لديها أصول خارجية تكفي لتغطية المبالغ المستحقة عليها بالعملة الصعبة، وأن حوالي 47 مليار دولار من الدين المستحق عبارة عن ائتمانات تجارية يمكن تمديدها بسهولة نسبيًا. وفقًا لحسابات جيه. بي مورجان المستندة على البنك المركزي فإنه يستحق سداد حوالي 32 مليار دولار في الفترة المتبقية من 2018، فيما سيحل أجل المدفوعات الكبيرة في سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول وديسمبر/ كانون الأول.
وأشارت المذكرة إلى أن "احتياجات التمويل لفترة الـ12 شهرًا القادمة كبيرة ودخول الأسواق أصبح مشكلة"، مضيفة ""بما أن البنوك الأجنبية من المرجح أن تقلص انكشافها على تركيا جزئيًا على الأقل، فإن تمديد أصل الدين قد يكون صعبًا على بعض المؤسسات".
وبرز الموضوع إلى دائرة الضوء مع هبوط الليرة 40% هذا العام وسط مخاوف من التدخلات السياسية في السياسة النقدية وخلاف مع الولايات المتحدة بشأن احتجاز تركيا للقس الأميركي "أندرو برانسون" بحسب ما تم نشره في تقارير صحافية.
"المركزي" يعاني من شح السيولة
وأوضحت تقارير صحافية، أن البنك المركزي التركي أقدم على رفع سقف حدود الاقتراض بين البنوك العاملة لليلة واحدة إلى الضعف ابتداء من أمس الأربعاء، في محاولة للسيطرة على الطلب الكبير على السيولة، مشيرة إلى أن هذه الخطوة الأخيرة تأتى قبل اجتماع مرتقب لـ"المركزي" في 13 سبتمبر/ أيلول المقبل، وإصدار تقرير التضخم يوم الاثنين المقبل.
وقال "المركزي" التركي في بيان أمس، إنه أصدر تعليمات للبنوك العاملة في السوق، يسمح فيها بزيادة سقف الاقتراض بين البنوك لـ"ليلة واحدة". ويظهر تحرك "المركزي" حجم أزمة شح النقد الأجنبي التي أصابت البنوك في تركيا، وعجزه عن سد النقص بعد أزمة هبوط الليرة.
وستقوم بنوك بإقراض بنوك أخرى داخل السوق المحلية، أو بيعها نقدًا أجنبيًا وفق أسعار صرف معينة، حتى تتمكن البنوك الأخرى من صرف النقد الأجنبي للمتعاملين. وعلى الرغم من تكرار الرئيس رجب طيب إردوغان، دعواته للأتراك ببيع مدخراتهم من الذهب والنقد الأجنبي وشراء العملة المحلية، فإن أسعار الصرف تسير عكس توجهاته.
وتعرضت البنوك المحلية لإقبال كبير من المتعاملين على تحويل أموالهم بالنقد المحلي إلى النقد الأجنبي، تجنبًا لهبوط أكبر في سعر صرف الليرة، بخاصة في ظل فشل إجراءات المركزي التركي التي أعلنها في 13 أغسطس/ آب الحالي، في استعادة الاستقرار لليرة التركية؛ بينما يرى متعاملون أن تعديل التوجهات السياسية الخارجية لأنقرة سيكون أكثر تأثيرا من إجراءات "المركزي" التي اتخذها لتقوية الليرة.
"موديز" تزيد أوجاع القطاع المالي
وخفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني العالمية، مساء الثلاثاء، تصنيف 18 مصرفًا تركيًا وشركتين أخريين من القطاع المالي التركي، كما خفضت الوكالة التصنيف الائتماني للبنوك التركية من "ba2" إلى "ba3"، وخفضت النظرة المستقبلية من "مستقرة" إلى "سلبية" وذلك بالتزامن، ومع استمرار توتر العلاقات التركية الأميركية.
وأعلنت وكالة "ستاندارد آند بورز" للتصنيف الائتماني، 17 أغسطس/ آب الحالي،أنها خفضت التصنيف الائتماني السيادي لتركيا إلى درجة في الفئة غير الاستثمارية، مشيرة إلى تقلبات حادة لليرة. وخفضت الوكالة التصنيف الائتماني السيادي للعملة الأجنبية في تركيا درجة واحدة إلى "+b"، من"–bb"، وأبقت على النظرة المستقبلية لتركيا "مستقرة". وأشارت إلى أنه في حال قامت الحكومة التركية بوضع برامج اقتصادية مناسبة ونفذتها بنجاح، واستطاعت التحكم في مشكلة التضخم، فإنه يمكن ترقية التصنيف الائتماني في تركيا.