مجلس الوزراء السعودية

يعوّل القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية على موازنة العام 2017، التي أقرّها مجلس الوزراء، في أن تعزّز دوره في الاقتصاد وتدعم التنمية طويلة الأجل، إضافة إلى إيجاد الفرص الوظيفية في القطاعين الخاص والحكومي، حيث رفعت حجم الإنفاق، وتضمنت خفض عجز الموازنة وانتظام دفع مستحقات المقاولين، الأمر الذي يسهم في تحريك الاقتصاد من جديد. 

وأكّد مستثمرون واقتصاديون سعوديون، أن الموازنة الجديدة اعتمدت مصادر دخل غير تقليدية وتنمية الإيرادات غير النفطية، واهتمت بالمواطن من خلال برنامج تحقيق التوازن وحساب المواطن والمقابل المالي على الوافدين واصفين الموازنة بأنها اتسمت بالشفافية، وأقرّ مجلس الوزراء السعودي في جلسة استثنائية برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في الرياض موازنة المملكة للعام المقبل، حيث قدرت الإيرادات بـ 890 مليار ريال، والنفقات العامة بقيمة 692 مليار ريال وبعجز قدره 198 مليار ريال.

وأوضح عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية في مكة المكرمة، هشام كعكي، أن الموازنة الجديدة تواجه التحدّيات الاقتصادية الكبيرة التي تعيشها المنطقة والعالم والأهم فيها الفكر الجديد في وضع الميزانية المتمثل في تنويع مصادر الدخل الوطني وتخفيف الاعتماد الكلي على النفط تدريجيا وفرض رسوم على العمالة الوافدة بشكل تصاعدي.

وأشار كعكي إلى أن الموازنة وضعت المواطن في سلم الأولويات، ودعمت ذوي الدخل المحدود المتوسط الذين سيتأثرون بالإصلاحات الاقتصادية، ورفع أسعار الوقود والطاقة والمياه خلال الفترة المقبلة من خلال إيداع مبالغ مالية في حساباتهم مباشرة، ما يعني التحوّل من الدعم العيني إلى النقدي حتى يذهب إلى مستحقيه، لافتًا إلى أن القطاع الخاص مهتم بميزانية العام الجديد، حيث من المنتظر تقديم محفزات وآليات عمل مختلفة عن السابق وتطويع الأنظمة والإجراءات، تيسيرا للأداء الفعال والمساهمة في تحقيق الاستراتيجيات التي وضعت القطاع كشريك أساسي في التنمية، ومشيرا إلى أن الموازنة تعزز دور القطاع الخاص. 

وأوضح رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الشرقية، عبدالرحمن العطيشان، أن زيادة الإنفاق إلى 890 مليار ريال يؤكد عزم واستمرار الحكومة في دعم نمو القطاع الخاص الذي يضطلع بدور أساسي في إنجاح رؤية المملكة 2030، مشيداً بالفرص والتسهيلات الكبرى التي تضعها الحكومة لإشراك قطاع الأعمال في عملية التحول الاقتصادي، ومبينًا أن زيادة الإنفاق الحكومي تعزز من وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي، ويحافظ على استمرارية النمو الاقتصادي، ويخلق مزيداً من فرص العمل للسعوديين. 

وأشار العطيشان إلى برنامج تحقيق التوازن المالي المقرر إطلاقه العام المقبل مع بدء تطبيق الموازنة، قائلاً إنه يتضمن إجراءات تتعلق بالاستثمار ودور رجال الأعمال، من حيث دعم القطاعات وتقديم تسهيلات واستحداث بيئة مناسبة تتواكب مع تطلعات الاقتصاد المحلي والشفافية في البرنامج وتحفيز القطاع الخاص بنحو 200 مليار ريال خلال السنوات الأربع المقبلة حتى العام 2020، منوّهًا إلى الآلية التي اعتمدها برنامج التوازن المالي في تحفيز القطاع الخاص من خلال اقتراح إنشاء صندوق لتوفير رأس مال لجذب استثمارات القطاع الخاص مما يمكنه من رفع كفاءته التنافسية، ومشددًا على أهمية تمكين نمو القطاع الخاص من خلال التركيز على سهولة ممارسة الأعمال وتعزيز الاستثمار المحلي وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر ورفع كفاءة سوق العمل وإلغاء التشريعات التي تعيق الاستثمار. 

وأكد المستشار الاقتصادي والنفطي، الدكتور محمد الصبان، أن موازنة المملكة لعام 2017 تميزت بالشفافية وتمثل البداية الحقيقية لتنفيذ الرؤية السعودية 2030، معتبرًا أن الموازنة الجديدة نتاج الجهد الكبير في موازنة العام الحالي 2016 نحو ترشيد الإنفاق والقضاء على الهدر وتحقيق مزيد من النزاهة والشفافية ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات غير النفطية، وبشأن برامج رفع كفاءة أداء الاقتصاد الوطني، قال الصبان إن الدولة ماضية في رفع كل أشكال الدعم المقدم لقطاع الطاقة سواء كانت أسعار الوقود، أم الكهرباء مع تعويض الفئات ذات الدخل المتوسط والضعيف عن العبء المالي الناشئ عن زيادة الأسعار، مشيرًا إلى أن موازنة العام المقبل تتوقع زيادة في الإنفاق الحكومي وبالذات في قطاعات التعليم والصحة والقطاع العسكري، إضافة إلى انتظام دفع مستحقات المقاولين، الأمر الذي سيسهم في تحريك الاقتصاد من جديد نحو نمو لا يقل عن 3٪ سنويا من الآن وحتى 2020، ومعربًا عن اعتقاده أن الاقتصاد السعودي يسير في الطريق الصحيح من خلال تقليص الاعتماد شبه المطلق على النفط.

وأعلن عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، علي العثيم، أن على قطاع الأعمال مواكبة متطلبات المرحلة الحالية، وإعادة تدوير حركة الاستثمار والاستفادة من برامج ومبادرات برنامج التحول الوطني في الميزانية الجديدة، وكذلك الفرص المتاحة في قطاعات التعليم والصحة والإسكان والنقل والخدمات اللوجستية والطاقة المتجددة والترفيه، مبيّنًا أهمية ما أعلنته الحكومة من دراسة الأثر الاقتصادي على القطاع الخاص الناتج من رفع أسعار الطاقة وخاصة على المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي لا تستطيع توفير خدمات الاستشارات أو الدعم الفني ومساعدتها على رفع قدرتها على ترشيد استخدام الطاقة، وأن الموازنة أكدت مواصلة الإنفاق لاستكمال البنية التحتية، وهي أولى الميزانيات بعد طرح رؤية المملكة 2030 التي تستهدف تنويع الاقتصاد والبعد عن الاعتماد على النفط وذلك من خلال رفع مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من 40 إلى 65٪، ورفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 20 إلى 35٪، ما يحفّز القطاع الخاص لضخ أموال جديدة في شريان الاقتصاد الوطني.