اليورو

شهدت المملكة المغربية، تحريرًا جزئيًا لنظام صرف الدرهم، دون أيّ تغيير ملحوظ على أسعاره في الأسواق، وبذلك يكون المغرب قد مرّ من نظام ثابت للصرف إلى نظام مرن بنطاق تذبذب في حدود 2.5 في المائة صعودًا وهبوطًا، معتمدا بذلك على احتياطات من العملة الصعبة التي تناهز 240 مليار درهم وارتباطه باليورو والدولار الأميركي، وأصدر مصرف المغرب، ملحوظات مهمة إلى المصارف العاملة في المملكة، بشأن نظام الصرف المرن لسعر

الدرهم، من أجل دخول سلس وبعيدا عن أية مخاطر، وتلقت المصارف منذ الساعات الأولى ليوم الاثنين اتصالات من زبائنها، طلبًا للمعلومات ولم يسجل اليوم الثالث، أي تغيّر كبير يذكر في سعر الدرهم، حيث تلقت استفسارات عن النظام الجديد وإجراءات التحوط والتأمين ضد المخاطر الممكنة في ظل قرار الصرف المرن، وباع مصرف المغرب حوالي 3.5 ملايين دولار أميركي إلى المصارف المغربية للاستجابة إلى احتياجات السوق، وهو رقم عادي مقارنة مع أيام سابقة، فيما بلغ سعر الدولار صباح أمس الاثنين 9.21 دراهم، واستقر اليورو في حدود 11.3 درهما.
ويمنع النطاق الجديد لسعر صرف الدرهم، وقوع تقلبات مهمة على قيمته؛ لكن تبقى كل الاحتمالات واردة تبعاً لقيمة الدولار واليورو  التي يعتمد عليها المغرب لتلبية متطلباته الأساسية المستوردة وقيمة الدرهم ستعتمد أكثر على الدولار، ففي حالة ارتفاعه ستنخفض قيمة الدرهم قليلا لكن سترتفع بالنسبة لليورو و، وهو الأمر يؤدي إلى توازن يبعده عن أي تقلب كبير، أي البعد عن أي تأثير قوي على المغربيين بشكل عام، وفي حالة ارتفاع سعر البترول في السوق العالمية وتفاقم العجز التجاري أكثر مع انخفاض في احتياطات العملة الصعبة الآتية من السياحة والمغربيين في الخارج، يمكن للمغرب أن يصمد لمدة طويلة بفضل رصيده من العملة الصعبة التي تغطي اليوم 5 أشهر ونصف .

وقرر المغرب اعتماد نظام صرف جديد ، سيحدد فيه سعر صرف الدرهم داخل نطاق تقلب نسبته +2,5 في المائة / -2,5 في المائة، عوض +0,3 في

المائة/ -0,3 في المائة، ووسع النظام الجديد، الذي يهدف إلى الحفاظ على القدرة التنافسية للصادرات وحماية احتياطيات المغرب من النقد الأجنبي، من نطاق تداول الدرهم مقابل العملات الصعبة إلى 2.5 بالمائة صعودا وهبوطا من سعر مرجعي مقارنة مع 0.3 بالمائة في الماضي

وكشف مسير لمكتب الصرف في شارع مولاي يوسف في مدينة الدار البيضاء ، عن استقبال عدد كبير من الزبائن الراغبين في شراء اليورو لغايات متنوعة، تهم السفر والتجارة، مؤكّدًا على أن سعر البيع قفز في القطاع غير المهيكل، أي لدى تجار العملة في الأسواق، إلى أكثر من 11.75 درهمًا، مشيرا إلى أن أغلب المكاتب حددت أسعارها استنادا إلى معطيات العرض والطلب في السوق، التي حددت سعر بيع الدولار تحت سقف 9.50 دراهم من جهة أخرى .
وبيّن مسؤول في مصرف المغرب أن هناك احتياطيات كافية من النقد الأجنبي تسمح بالانتقال السلس إلى النظام الجديد، إذ تغطى الاحتياطيات تكلفة واردات البلاد لخمسة أشهر و24 يوما ومن المتوقع أيضا أن يساهم هذا التحرك في دعم صادرات المغرب وتعزيز إيرادات السياحة وتحويلات المغربيين المقيمين في الخارج، وهي مصادر للعملة الصعبة يعتمد عليها البلد الذي يعاني من شح السيولة كما سيتسع نطاق التقلب الذي يتحرك فيه الدرهم أمام عملات أجنبية من

0.3 في المائة في كلا الاتجاهين صعودا وهبوطا من مستوى إغلاق اليوم السابق، إلى 2.5 في المائة في كلا الاتجاهين، ليصل النطاق الإجمالي إلى خمسة في المائة ويرتبط الدرهم المغربي حسب المصرح ، ارتباطا وثيقا باليورو، لكن في خطوة نحو مزيد من المرونة خفض المصرف المركزي العام الماضي وزن اليورو في سعر صرف الدرهم إلى 60 في المائة من 80 في المائة ورفع وزن الدولار إلى 40 في المائة من 20 في المائة وكان هذا هو أول تغيير في السلة التي ترتبط بها العملة المغربية خلال عشر سنوات.

وأعقب الزيادة في التجارة مع الولايات المتحدة والصين وبقية أفريقيا وانخفاض التجارة مع منطقة اليورو على خلاف بعض الدول الأخرى في المنطقة، تمكّن المغرب من تفادي هبوط كبير في الاستثمارات الأجنبية منذ الأزمة المالية العالمية وانتفاضات الربيع العربي في 2011، لأسباب من بينها الترويج لنفسه على أنه قاعدة تصدير إلى أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وتنمو صادرات المغرب منذ أن اجتذبت البلاد عددا من كبار المستثمرين في صناعات السيارات والطيران، وهو ما ساعد في سد معدلات العجز الكبيرة التي سجلتها بعد 2011 وسيدعم ارتفاع اليورو أيضا قطاع السياحة في البلاد وكذلك تحويلات 4.5 مليون مغربي يعيشون في الخارج، معظمهم في منطقة اليورو ورغم ذلك، فإن ارتفاع أسعار السلع الأولية قد يدفع التضخم للصعود في البلد الذي يعد من أكبر مستوردي الطاقة في المنطقة. 

وسيضع ذلك الحكومة في موقف حساس، إذ تواجه بالفعل احتجاجات قوية على المصاعب الاقتصادية في المناطق النائية، وكشفت الخبيرة في الشؤون الاقتصادية، عزيزة الطيبي، أن قرار تحرير صرف سعر الدرهم له إيجابيات على الاقتصاد المغربي، مشيرة إلى أن نجاح هذه العملية يستوجب التوفر على اقتصاد قوي ونظام بنكي متماسك وسوق عمل يوفر مناصب شاغرة، منوّهة إلى أنّ تحرير صرف سعر الدرهم سيكون له انعكاس إيجابي على المواطنين في حالة امتلاك المغرب صادرات قوية، مضيفة أن تأثيرًا سلبيًا سينجم في ظل اعتماد المغرب على الاستيراد فيما يخص الطاقة وعدد من المواد الأساسية المهمة 
ومن المنتظر أن يقف وزير الاقتصاد والمال، محمد بوسعيد، إلى جانب والي مصرف المغرب عبد اللطيف، للدفاع عن قرار تعويم الدرهم وسيحتضن مقر مصرف المغرب في حي الرياضي في الرباط، ندوة صحافية، بعد غد الخميس لكل من بوسعيد والجواهري، ستتطرق إلى شرح مضامين تحرير العملة الوطنية، إلى جانب مناقشة الإجراءات المصاحبة لإنجاح هذا الورشات