دبي - صوت الإمارات
حلق بنظراته إلى خارج الزجاج الذي كان يكتسي جدران واجهة مقر شركته في....، مشيرا إلى المنطقة المقابلة لواجهة محله، كانت عيناه تنظر لواقع حال المكان، ولكن عقله شارد في تفاصيل قديمة حملتها صورة المكان نفسه ولكن برداء مختلف، فيقول وهو يشير بيده إلى الواجهة الأخرى "هنا في هذه المنطقة في بداية سبعينيات القرن المنصرم، لم تكن هناك بنايات، كانت هذه المنطقة عبارة عن ارض فارغة، ولم تكن في ذلك الوقت الشوارع هذه، بل كان هناك شارع وحيد يمر بالقرب منا، والآن اختلفت الصورة فأصبحت هناك الشوارع المترابطة، والبنايات والمحلات التجارية العديدة وأصبحت حركة النمو سريعة في أبوظبي".
بهذه النظرة يبدأ المستثمر الأردني فارس البداد صاحب شركة الفارس العالمية الحوار متحدثا عن أبوظبي وعن بدايته في سوق المال والأعمال بصفته أحد أقدم رواد الأعمال في الإمارات، وأحد أهم المستثمرين في مجال تصنيع الخيام، وتصميمها، والمساهمين في تطوير صناعتها في الإمارات.
وانتقل البداد من استيراد للخيام من الهند وباكستان إلى تصنيع خيام متخصصة وذات جودة عالية وتصديرها إلى الخارج.
ويقول رجل الأعمال فارس البداد إن الاتجاه تحديدا لهذا النوع من الأنشطة الاقتصادية جاء نتيجة لنشأته الأساسية وتربية والده منذ الصغر، حيث اعتاد أن يأخذه معه إلى المحل، وهو لم يتجاوز السنوات العشر وفي بداياته في المدرسة التي يذهب بعدها إلى محل والده، حيث يقضي يومه في العمل ويعود مع والده، إلى المنزل. هذه الفترة من العمل الجاد أكسبته خبرة واسعة بالسوق، مستفيداً من سياسة الوالد الشديدة والخالية من أي هوادة في هذا الموضوع.
ويضيف البداد انه فكر في ترك الدراسة والتوجه للعمل في التجارة مع والده، وكانت بدايته الحقيقية في الثالث من نوفمبر من العام 1983 .
الانطلاقة كانت من محل صغير في العام 1971 قام بتأسيسه والده رحمه الله، ثم اصبح المحل متخصصا في بيع بيوت الشعر، والخيم ومستلزماتها، وكان السوق وقتها بحاجة إلى الخيم ذات الأعمدة، ثم تطورت إلى خيم الأفراح والمناسبات وكانت غير مكيفة، ثم تطورت وتم إدخال التكييف، لتتطور إلى الهياكل الألمنيوم في صناعة الخيام.
ويسرد فارس البداد البداية الأولى لمشروع الخيام وكيف لعبت الأقدار دورا كبيرا في توجه والده لهذا النوع من النشاط الذي لم يكن مخطط له مسبقا، قائلا "بدأت علاقتنا بنشاطنا الحالي حين قامت احدى الجهات الحكومية بالإعلان عن مناقصة لبيع عدد من المواد المستعملة لديها ومن ضمنها خيام باكستانية، وقد رست المناقصة على رجل، وقام والدي بشراء هذه المناقصة من ذلك الرجل، وكان من ضمن تلك المخلفات صناديق حديدية، وأعاد والدي بيعها في السوق حيثد لقيت رواجا كبيرا، ومنها فكر في التوجه لتجارة الخيام والاستثمار فيها".
ومن الصفات التي ورثها إياه والده حب العائلة، وقال فارس البداد في شأنها أن العائلة شكلت محورا كبيرا في نجاح ترابط الأسرة، مبينا أن والده بعد انتقاله من الكويت إلى الإمارات كان وحيدا بعيدا عن بقية إخوانه ولم تكن في ذلك الوقت وسائل التواصل متوافرة كما هي عليه الآن، مما جعل الوالد أكثر قربا من عائلته الصغيرة، ووسم العلاقة الأسرية بطابع القدسية.. زرع في أفراد العائلة فكرة الترابط والوحدة، بين أفراد العائلة المكونة من والدي والدتي و12 أخا وأختا. ويرى فارس البداد أسرته المكونة من زوجته وأولاده جزءاً صغير لا يتجزأ من العائلة الكبيرة، ويرى في الثروة التي تركها لهم والده، والممثلة في الأعمال التجارية إرثاً ثقيلاً نقل إليهم ، وأحد نعم رب العالمين عليهم، ويتطلعون لاستمراره في الأجيال القادمة.
وذكر البداد "بدأت بتأسيس شركتي الخاصة التي اطلقت عليها اسم الفارس العالمية، في العام 2016، وهدفت من خلالها إلى تحقيق الرقم واحد في مجال تصنيع الخيم والتخصص بها "مضيفا" أن مجال الخيم اصبح واسعا جدا فهناك خيام للمناسبات العادية، وأخرى للأفراح، وخيم مخصصة للمعارض والفعاليات الضخمة، وهناك ما هي مخصصة كسكن، وأخرى للرحلات، إضافة لخيم الشد "الابنية الثابتة"، وكلها تصنع في مصنعه في إمارة الشارقة على مساحة 15 ألف متر في منطقة الصجعة.
وأكد فارس البداد أن قطاع الصناعة في الدولة من أكثر القطاعات الحيوية التي شهدت حركة نمو كبيرة على مر مراحل نهوض الدولة، مشيدا بالتسهيلات الجمة التي تقدمها الدولة في مجال تطوير الصناعات، وتوفير كافة الاحتياجات الضرورية واللازمة في عملية التصنيع، ومن ذلك ما توفره المناطق الحرة من امتيازات وتسهيلات لأصحاب المصانع من مختلف الجنسيات.
ويرى فارس البداد أن العام 2017 سيكون عام تحقيق الرؤى والأهداف لشركته من خلال التوسع في الأسواق الخليجية، ومن بعدها المنطقة العربية بأكملها، والدول النامية في أفريقيا، نظرا لحاجة بعض دولها للبنية التحتية، فيكون بناء المباني الجاهزة حلا سريعا لحل مشكلة الإسكان في تلك المناطق، كما أن الميزة الفائقة للبيوت الجاهزة والمتمثلة في سرعة تنفيذها وتركيبها خلال وقت وجيز، إضافة لقوتها ومتانتها وقدرتها على التعامل مع جميع ظروف الطقس، ساهمت في زيادة الطلب على هذا النوع من الخيام والابنية في الأسواق الخليجية والعربية والأسواق العالمية في الآونة الأخيرة، مع النمو المتزايد لتلك الأسواق.
ويرى البداد أن العاملين لديه هم أفراد من أسرته، ولهم حقوق كما عليهم واجبات، ولذلك فهو يسعى للجلوس معهم يستمع لهمومهم، ويشاركهم العمل، ويتقرب من تفكيرهم مشيرا إلى أن العامل لا يشعر بالأمان إلا حين يجد من حوله متفهماً له ولظروفه، واحتياجاته، ولذلك فالاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في الثروة البشرية.
ويقضي فارس البداد ساعات طويلة في مصنعه حيث يعمل ويطلع على ادق التفاصيل من خلال متابعة يومية لمسار العمل. وعلى عكس بعض رجال الأعمال الذين يسبقونهم موظفيهم للعمل، يتواجد فارس البداد في الساعة الرابعة فجرا في مكتبه منتظرا موظفيه في ساعات دوامهم اليومية، هذا الوقت الطويل في العمل يجد فيه البداد متعة وسعادة لا نظير لها، بعد أن يكون حقق في يومه العديد من الصفقات الناجحة.
وأكد البداد أن من أهم مفاتيح النجاح في أي مشروع هو التخصص وعدم التشتت في الاستثمار في أكثر من مشروع بتخصصات ومجالات مختلفة، مبينا أن التركيز على نوع محدد والنجاح فيه واستثمار هذا النجاح في التوسع وتطويره هو ما جعل شركته تعد واحدة من أكبر شركتين في العالم العربي متخصصة في مجال تصنيع وبيع الخيام ذات المواصفات العالمية والمتخصصة.
وعن ما حققته الشركة من إنجازات تحسب لها ، أشار البداد إلى أن شركته حققت نموا ملحوظا في عام 2016، موضحا أنه ليس من المهم الحكم بحجم المشروع وكبره، بقدر إرضاء العملاء بنسبة 100٪، وهي الأساس الأهم، وفي هذا الوقت اصبح من الصعب تلبيته، خاصة إذا كانت الشركة خدمية.