القاهرة - سهام أبوزينه
كثّفت روسيا في الآونة الأخيرة نشاطها الرامي إلى "فك الارتباط بالدولار" الأميركي، واعتماد عملة صعبة أخرى، والعملات الوطنية في مدفوعات التبادل التجاري، واقترحت أخيرًا اعتماد اليورو والروبل الروسي عملة لتلك المدفوعات، لا سيما في التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي، نظرًا لارتباطه بالنفط والغاز.
ورأت في إقبال من جانب المستثمرين الأوروبيين على سندات الدين العام المطروحة في السوق الروسية والمقومة بالروبل، مؤشرًا على اعتماده في التعاملات.
هذه التوجهات برزت مجددًا في تصريحات وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم أوريشكين، الذي دعا الأوروبيين، في حديث لصحيفة "فايننشيال تايمز"، إلى التخلي عن الدولار واعتماد الروبل واليورو عملة للتبادل التجاري بين روسيا والاتحاد الأوروبي، لا سيما في المدفوعات عن النفط والغاز.
وقال وزير الاقتصاد الروسي إن "العملة الروسية عملة جيدة ومستقرة"، وتساءل: "لم لا نستخدمها في التحويلات المالية الدولية؟". وأكد بعد ذلك على اهتمام كبير من جانب المستثمرين الأجانب بالسندات المقومة بالروبل، ورأى أن هذا عامل يسهم في إمكانية اعتماد الروبل عملة للمدفوعات عن صادرات النفط. وعبر عن قناعته بأن جذب الاستثمارات الخارجية عبر الحسابات بالروبل الروسي، خطوة تسمح لروسيا بالتخفيف إلى أدنى مستوى من الخسائر نتيجة العقوبات الاقتصادية الأميركية، وتقلل من ارتباط الاستثمارات بالسياسات الأميركية. ووفقًا لتقديرات "فايننشيال تايمز"، هناك اهتمام كبير من جانب المستثمرين الأوروبيين بسندات الدين العام المقومة بالروبل، وبلغت حصتهم فيها 30 في المائة.
وفي وقت سابق، كشف المركزي الروسي عن تراجع حصة الدولار وزيادة حصة اليورو في مدفوعات التبادل التجاري. وفي تقرير في يونيو (حزيران) الماضي، قال "المركزي" إن حصة اليورو في مدفوعات الصين عن الصادرات الروسية ارتفعت من 0.7 في المائة في الربع الأول من العام الماضي، حتى 37.6 في المائة في الربع الأول من العام الحالي. أما حصة الروبل فارتفعت خلال المرحلة ذاتها من 6.8 في المائة مطلع عام 2018 حتى 9.6 في المائة مطلع 2019. وزادت حصة العملات الأخرى، وبينها اليوان الصيني من 4.7 في المائة حتى 7.1 في المائة. في الوقت ذاته، تراجعت حصة الدولار في مدفوعات الصين عن صادرات السلع والخدمات الروسية إلى ما دون النصف لأول مرة، حتى 45.7 في المائة، بعد أن كانت حصة الدولار 75.1 في المائة، من إجمالي المدفوعات الصينية عن الصادرات الروسية عام 2018.
وأطلقت روسيا منذ العام الماضي خطة "فك الارتباط بالدولار"، بغية تخفيف تأثير العقوبات الأميركية على الاقتصاد الروسي. وفي خريف العام الماضي، كشف أوريشكين عن خطة في هذا المجال وضعتها وزارتا الاقتصاد والمالية، بالتعاون مع المركزي الروسي، وتم طرحها على الحكومة الروسية. إلا أن الخطوات العملية لفك الارتباط بالدولار بدأت قبل ذلك، حين شرع المركزي الروسي في ربيع 2018، في التخلي عن حصته من سندات الخزانة الأميركية. وخلال 18 شهرًا، تقلصت حصة موسكو من 96 حتى 8 مليارات دولار فقط.
في موازاة ذلك، نشطت روسيا محادثاتها مع الشركاء الاقتصاديين، لبحث إمكانية التخلي عن الدولار واعتماد العملات الوطنية في مدفوعات التبادل التجاري. وتفاهمت في يونيو الماضي حول مذكرة مع الصين لاعتماد الروبل واليوان في مدفوعات التبادل التجاري بين البلدين، إلا أن الاتفاقية لم تُوقع بعد، وحسب وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، فإن الصين لا تريد العجلة في هذا الشأن. إلى ذلك اتفقت روسيا مع قرغيزيا على اعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري، بينما تخطط لزيادة حصة العملات الوطنية في التبادل التجاري مع كل من الهند واليابان ومنغوليا وفيتنام وإندونيسيا والإمارات ومصر وإيران. وأخيرًا وقعت روسيا مع تركيا مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، اتفاقية لتوسيع حصة العملات الوطنية؛ الروبل والليرة التركية، في مدفوعات التبادل التجاري.
وانضمت شركات حكومية كبرى إلى هذه الجهود، وفي مقدمتها شركة "روسنفت" التي تهمين على الجزء الأكبر من الإنتاج النفطي الروسي. وقالت "رويترز" إن الشركة تحولت لليورو في مبيعاتها من منتجات النفط، وقال متعامل من شركة تشتري النفط بشكل منتظم من "روسنفت"، إن الشركة الروسية عدلت جميع العقود الجديدة إلى اليورو، بما في ذلك عقود النفط الخام ومنتجات النفط والبتركيماويات وغاز البترول المسال.
قد يهمك أيضًا :
أسواق الذهب تترقب انخفاضات سعرية جديدة بنسب أكبر بعدما بلغت 50 فلسًا للغرام