الاقتصاد الروسي

 استعاد الاقتصاد الروسي عافيته وذلك بفضل عوامل عدة، أهمها ارتفاع أسعار النفط، إلا أن الوضع في مجال العمل المصرفي، وفيما يخص الرفاهية العامة، ما زالا يعانيان من نقاط ضعف، هذا ما خلص إليه تقرير خاص صادر عن البنك الدولي بشأن الوضع في روسيا، وتقول المؤسسة المالية العالمية إن النمو الاقتصادي الذي بدأ في روسيا في النصف الثاني من العام الماضي 2016، استمر خلال العام الجاري، الذي تميز النصف الثاني منه بتسارع وتيرة النمو، على خلفية تعافي الطلب المحلي، وذلك على الرغم من تراجع طفيف على وتيرة النمو الاقتصادي في الربع الثالث من العام بسبب ضعف النشاط الاستثماري.
 
وعلى الرغم من تأكيدات المسؤولين الروس أخيرًا، أن الاقتصاد الوطني تخلص من الاعتماد على «الدولار النفطي»، فإن البنك الدولي يؤكد في تقريره أن إنتاج المواد الخام، والقطاع غير التجاري من الاقتصاد، أي إدارة الدولة وضمان الأمن العسكري "الإنفاق الأمني – العسكري"، وقطاع النقل العام، ما زالت المساهم الرئيسي في الناتج المحلي الإجمالي.

وبينما لم يسجل قطاع الصناعات التحويلية نموًا يُذكَر، سجل القطاع الزراعي وقطاع التقنيات الرقمية نموًا ملحوظًا، ويعود الفضل في النمو في القطاع الزراعي إلى الحجم الكبير غير المسبوق للإنتاج الزراعي هذا العام، لا سيما في مجال الحبوب، بينما أسهم التقدم السريع الذي تشهده روسيا في مجال تطوير التقنيات الرقمية، بما في ذلك توجه الحكومة نحو الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي، في تسريع النمو الذي حققه قطاع التقنيات الرقمية.

ويتوقع البنك الدولي أن يصل نمو الاقتصاد الروسي نهاية عام 2017 إلى مستوى 1.7 في المئة، ولم تتغير توقعات البنك للنمو عامي 2018 و2019 وما زالت عند مستوى 1.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي المجالات التي تمس بصورة مباشرة حياة المواطن العادي، يشير التقرير إلى أنه، وعلى الرغم من ارتفاع المعاشات الشهرية، وتراجع نسبة البطالة، والمستوى المتدني للتضخم، فإن نمو الدخل الفعلي للمواطنين ما زال في المنطقة السلبية، وفي الوقت ذاته تراجعت نسبة المواطنين الموفقين اقتصاديًا من 48.2 في المئة عام 2015 حتى 46.3 في المئة عام 2016.

وكان رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، عبر عن قناعته بأن الاقتصاد الوطني دخل مرحلة النمو، وقال في تصريحات أخيرًا: «يمكننا اليوم القول إن الاقتصاد دخل مرحلة النمو، وتلك التغيرات التي تجري في الاقتصاد إيجابية بشكل عام"، مشيرًا إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي نحو 2 في المئة حصيلة العام الجاري، وتضخم أقل من 3 في المئة، وأكد أن استثمارات قطاع الأعمال الروسي في رأس المالي الأساس نمت أكثر من 4 في المئة.
 
وبعد أن أعاد للأذهان أن الاقتصاد تراجع عام 2016 نحو 0.2 في المئة، نوه بارتياح واضح إلى أن «الوضع تغير اليوم ويؤكد المحللون والخبراء الروس والأجانب أننا سنحقق حصيلة العام الحالي نحو 2 في المئة نموًا"، وعبّر عن قناعته بأن الاقتصاد الروسي لم يستنفد كل إمكانياته للنمو، وأقر بأن بنية الاقتصاد الروسي ما زالت تعتمد حتى الآن على ارتفاع أسعار النفط، واصفًا هذا الأمر بأنه «مشكلة غاية في الأهمية»، لافتًا في الوقت ذاته وبلهجة لا تخلو من الأمل إلى أن البنى الاقتصادية بكل الأحوال تشهد تغيرات.

وأكد رئيس الوزراء الروسي تراجع اعتماد الاقتصاد الروسي على الدولار النفطي، وقال: «نحصل الآن على أكثر من نصف دخلنا، أي ما يقارب 60 في المئة من دخلنا، ليس من تجارة النفط والغاز، بل من مصادر أخرى»، داعيًا إلى أن تصبح «حصة الدخل من مصادر أخرى أكبر من ذلك وتصل حتى 80 إلى 85 في المئة كي لا نبقى رهينة التحولات في سوق النفط».