دبي صوت الامارات
أكد مديرون ومسؤولون أن اعتماد مجلس الوزراء النسخة النهائية لمشروع قانون الإفلاس، يمثل نقطة تحوُّل مهمة في مسيرة التطوير التشريعي والاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، لاسيما أن إصدار هذا القانون من شأنه أن يقفز بترتيب الدولة على سلم التنافسية العالمية في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، وأن يرسّخ من جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية، وأن يؤسس لمرحلة جديدة من النمو المستدام.
وأوضح هؤلاء أن قوانين الإفلاس تعطي مرونة لحركة الاقتصاد، وتمكن الاستثمارات من التعامل مع مصاعب الائتمان بطريقة منظمة، تضمن الوفاء بالالتزامات بأكبر قدر ممكن، وتحد بالتالي من الخسائر الناجمة عن تعثر المدينين، بما يكفل للدائنين آلية قانونية للوصول إلى حقوقهم.
وأجمع المسؤولون والخبراء على أهمية القانون في حماية الاقتصاد الوطني، وترسيخ جاذبية الدولة للاستثمارات ومؤسسات التمويل، لافتين إلى أهمية العمل على تهيئة البنية التحتية القانونية والإدارية للتعامل مع هذه النوعية من التشريعات التي تتطلب محاكم وقضاة مختصين، إضافة إلى كفاءات متخصصة في مجال إعادة الهيكلة وإدارة التفليسة.
وأكد هؤلاء أن مشروع قانون الإفلاس يجسد وعي القيادة الحكيمة لدولة الإمارات بأهمية تحديث الإطار التنظيمي، مشددين على ضرورة أن يفضي مشروع القانون عند تطبيقه إلى تشجيع حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى داخل الدولة، علاوة على تعزيز الاستثمارات الوطنية من أجل دفع مسيرة النمو الاقتصادي في الدولة.
ولفت الخبراء إلى أن وجود هذا القانون، إضافة إلى حزمة أخرى من القوانين ذات الشأن الاقتصادي، في المستقبل، من شأنها أن تعزز تنافسية الإمارات على الصعيد العالمي، مشيرين إلى أن الاقتصاد الوطني بحاجة ماسة إلى هذا القانون نظراً لما ينطوي عليه من آليات تنظم عملية إعادة الهيكلة المالية للشركات المتعثرة، ودوره في بناء ثقافة أعمال بديلة تعمل على اتباع الممارسات المتطورة بشأن معالجة حالات الإعسار، والعمل على النهوض بإمكانات الشركات المعرضة للإفلاس من أجل دعمها وإبقائها في السوق.
المنظومة التشريعية
وأشاد عبدالرحمن صالح آل صالح، المدير العام لدائرة المالية في حكومة دبي، باعتماد مجلس الوزراء النسخة النهائية للقانون الاتحادي بشأن الإفلاس، معتبراً أنه يشكّل خطوة واسعة في الاتجاه الصحيح صوب استكمال المنظومة التشريعية الاقتصادية لدولة الإمارات.
وقال المدير العام لدائرة المالية في دبي، إن مثل هذه القوانين ترمي إلى حماية حقوق الأطراف المعنية، مثل المتعاملين والموظفين والموردين، وعدم تعرضهم للظلم والإجحاف نتيجة أية ضغوط استثنائية قد تتعرض لها الشركات والأعمال والمشاريع التجارية، وضمان إعطائها الفرصة لكي تفي بالتزاماتها المالية، وألاّ تضطرها تلك الضغوط إلى الخروج من السوق، وبالتالي الإضرار بمصالح الأطراف صاحبة العلاقة والمصلحة من الجهات المعنية.
كما شدّد على أهمية قانون الإفلاس في حماية حقوق الدائنين والمستثمرين.
النمو المستدام
وقال راشد البلوشي الرئيس التنفيذي لسوق أبوظبي للأوراق المالية، إن اعتماد مجلس الوزراء قانون الإفلاس، جاء في الوقت المناسب، وسيكون من شأنه زيادة تنافسية الاقتصاد الوطني، إلى جانب تعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية، الأمر الذي ينسجم مع توجهات قيادتنا الرشيدة في بناء اقتصاد وطني متطوِّر، قادر على النمو المستدام خلال المرحلة القادمة.
وأكد البلوشي أن اعتماد القانون من قبل مجلس الوزراء، يأتي أيضاً ليعزز من المنظومة التشريعية الاقتصادية والاستثمارية في دولة الإمارات، ما يسهم بالتالي في حصولها على المزيد من الترقية على صعيد المؤشرات العالمية ذات العلاقة بسهولة ممارسة الأعمال والتنافسية.
مواكبة التطورات العالمية
وأكد حمد بوعميم، مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي، أن قانون الإفلاس الذي اعتمده أمس مجلس الوزراء هو رسالة واضحة للمستثمرين والمعنيين في القطاع الخاص بأن الدولة مواكبة للتطورات التشريعية العالمية، وحريصة على مصلحة مستثمريها من خلال سنّ القوانين والتشريعات التي تضمن حقوقهم وتحدد واجباتهم، وتسهل عليهم ممارسة الأعمال، مؤكداً أن هذا القانون يشكل عنصر جذب إضافي للأعمال والاستثمارات بجانب المزايا الأخرى التي تتمتع بها الدولة.
الارتقاء بتنافسية الدولة
وشدّد الدكتور أحمد حسن بن الشيخ، عضو مجلس دبي الاقتصادي، رئيس مجلس إدارة شركة دوكاب، على أهمية قانون الإفلاس، إضافة إلى القوانين الاقتصادية الأخرى التي يجري العمل عليها، لافتاً إلى أن غياب مثل هذه القوانين يحد من تنافسية الإمارات، متوقعاً أن ترسخ الدولة تنافسيتها في التقارير العالمية فور صدور هذه الحزمة من القوانين.
وأكد أن مشروع القانون يعد مكملاً لسلسلة التشريعات التجارية الجديدة والمعدلّة التي تسعى الحكومة الاتحادية لإطلاقها لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، منوهاً بجهود الحكومة في العمل على تطوير وتحديث القوانين المعمول بها منذ أكثر من أربعة عقود، بالتزامن مع قيامها بإصدار قوانين جديدة للمرة الأولى، ومنها مشروع قانون الإفلاس بهدف إكمال المنظومة التشريعية المتعلقة بالجانب الاقتصادي، وبما يتواكب مع التحديات الاقتصادية العالمية، خاصة في ظل الانفتاح الكبير للاقتصاد الوطني على الاقتصاد العالمي.
أكد هاني الهاملي الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي، أن مسودة قانون الإفلاس تعد نقلة نوعية في الإطار التشريعي والتنظيمي المعزز للاقتصاد الوطني، وسيرفع القانون مراتب الإمارات على سلم التنافسية العالمية، وأن القانون حال تطبيقه سيحفز جميع المشاركين في العملية الاقتصادية في الدولة على العمل وزيادة الإنتاجية، وترسيخ روح الابتكار، لأنه يوفر بيئة أعمال محفزة، ومناخاً استثمارياً يتسم بالشفافية والحوكمة والعدالة، وبالتالي ما يمكن أن يسهم هذا الحِراك في تعزيز عملية النمو الاقتصادي، نظراً لأن تجارب الاقتصادات المتقدمة في هذا المجال قد كشفت الأهمية الاستراتيجية لقانون الإفلاس من جهة إثراء البنية التحتية القانونية والتنظيمية ذات العلاقة بالمجال الاقتصادي وحماية حقوق جميع الأطراف، دائنين ومدينين.
وأشار الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي إلى أن أحد أهم الدروس المستوحاة من المتغيرات الاقتصادية التي ما انفك يشهدها العالم، هو أهمية مراجعة الإطار التنظيمي والتشريعي والعمل على تعديله وتعزيزه، إلى جانب توفير نظم تحوطية تتفادى حدوث اختلالات كبيرة في النشاط الاقتصادي العام. وأضاف أن في بعض الأوقات قد تبرز المخاطر التجارية وحالات تعثر الشركات واضطرار البعض منها لإشهار إفلاسها، وبالتالي البصمات السلبية التي تتركها هذه الظاهرة على مسيرة الأعمال، خاصة من جهة حقوق الدائنين، بما فيهم المؤسسات المالية، وبالتالي فإن وجود قانون واضح ينظم عملية الإفلاس وإعادة هيكلة الشركات التي تتعرض إلى اهتزازات كبيرة وإعسار مالي، إلى جانب تطبيق لوائح شفافة بشأن خروج مثل هذه الشركات من السوق، وفي إطار مؤسسات قانونية وقضائية فاعلة لحل المنازعات التي قد تحصل فيما بين هذه الأطراف، من شأنه أن يضمن حقوق جميع المتعاملين في السوق.
التشريع يعزز البيئة الاستثمارية للاقتصاد الوطني
وقال الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي وزير المال: "بناء على توجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ومتابعة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، اعتمد مجلس الوزراء في اجتماعه الذي عقد أمس القانون الاتحادي بشأن الإفلاس في دولة الإمارات العربية المتحدة بصيغته النهائية". وأضاف: "كان الهدف من إعداد قانون الإفلاس المساهمة في تعزيز المنظومة التشريعية المالية والاقتصادية في الدولة، وذلك من خلال إفراد قانون مستقل حديث يوفر إجراءات عديدة وخيارات تساعد على تفادي حالات إشهار إفلاس المدين، منها إجراءات إعادة التنظيم المالي، والصلح الواقي من الإفلاس، وإعادة هيكلة أموال المدين والإفلاس والتصفية، حيث سيمكن هذا القانون التجار، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات أو شركات، من إعادة تنظيم ديونهم وهيكلتها، مع تفادي الوصول إلى حالة تصفية أموال المدين وبيعها".
وأضاف: "يعد قانون الإفلاس أحد أسس المنظومة التشريعية الحديثة في الدولة، وذلك نظراً لدوره في تعزيز البيئة الاستثمارية للاقتصاد الإماراتي، ورفع مستوى الضمان للدائنين من خلال قواعد شفافة وإجراءات سريعة ومرنة، ما سيحقق دعم التنمية المستدامة للأعمال في الدولة، وسيشجع على استقطاب المزيد من الاستثمارات الخارجية، وذلك لزيادة ثقتها بالمناخ الاقتصادي الجاذب والبنية التشريعية المرنة التي تسمح بحماية أصول المستثمرين، وتسهل أعمال الشركات التجارية بالاعتماد على أفضل الممارسات الدولية التشريعية والاقتصادية، الأمر الذي يرفع بدوره من تنافسية دولة الإمارات في المحافل العالمية، ويعزز من مكانتها".
وأكد: "تأتي الموافقة على هذا القانون ثمرة للجهود المتواصلة التي بذلتها وزارة المالية في مجال تطوير التشريعات المنظمة للإفلاس على مدى الأعوام السابقة، والتي ساهمت في إعداد مشروع قانون جديد مبني على مبادئ قانونية واقتصادية حديثة ومتطورة بشكل يميزه عن غيره من القوانين المرادفة له على مستوى الدول العربية، وحتى على مستوى العديد من الدول المتقدمة في هذا المجال.