دبي - صوت الامارات
أكد البروفيسور كلاوس شواب، المؤسس، والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة رسخت مكانتها كنموذج عالمي يحتذى به في النظرة المستقبلية والتسامح وتفوق الفرص على التحديات، منوهًا بوتيرة التطور والتقدم المتسارعة التي تشهدها الدولة التي تحولت في غضون سنوات قليلة منصة إلهام للجميع.
واعتبر شواب في كلمته خلال الجلسة الرئيسة في الاجتماع السنوي لمجالس المستقبل العالمية، أن دولة الإمارات توسع حدود ما هو ممكن، مشيرًا إلى أن وتيرة التغير التي تشهدها الدولة، والتي واكبها من خلال زياراته المتواصلة منذ عام 1973، سريعة حيث باتت الدولة مكان تجمع عالمي للمستقبل، ومتابعة تقديم لإلهام الجميع من خلال ما تقوم به من ابتكار وإبداع في كل المجالات، مشيرًا إلى أن انعقاد مجالس المستقبل العالمية في دبي هو ترجمة واقعية للمكانة الراسخة لدولة الإمارات على خريطة استشراف المستقبل، من خلال استضافة نخبة من العقول والخبراء من كل أنحاء العالم لمناقشة وتصور المستقبل.
ونوه شواب في كلمته بالرؤية الثاقبة للقيادة الحكيمة لدولة الإمارات العربية المتحدة ورؤيتها المستقبلية وقدرتها على استشراف المستقبل وصنعه، لافتًا إلى أن هذه الرؤية الاستشرافية للقيادة والاستجابة السريعة لمواكبة متطلبات المستقبل، يشكل في دولة الإمارات أمرًا حاسمًا لضمان نهج الابتكار وتحقيق السعادة في المجتمع، وهو الأمر الذي اعتبره مثيرًا للإعجاب.
وأضاف " مشجع أن نكون في بلد يُعلم العالم كيف يمكن أن يكون له نظرة مستقبلية، وأن يرتبط دائمًا بالتنوع ويتمتع بأعلى درجات التسامح التي شكل لها وزارة خاصة، فضلًا عما يتمتع من قدرات على توليد الفرص من رحم التحديات".
وأعرب شواب عن شكر المنتدى الاقتصادي العالمي لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على الشراكة البناءة مع المنتدى خلال السنوات الماضية، والتي كان لها أثر بالغ في صياغة وبلورة الكثير من الأفكار والحلول التي تعالج التحديات العالمية، مشيرًا إلى ميلاد مفهوم الثورة الصناعية الرابعة كان في دولة الإمارات خلال أعمال مجالس الأجندة العالمية العام الماضي.
واستعرض شواب القوى التحولية العميقة التي تؤثر في صياغة مستقبل العالم في ظل حالة عدم الثقة واللايقين التي يشهدها العالم في الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن أول هذه القوى يتمثل في قوى التحويل والتغير المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة التي ولد مفهومها هنا في دبي العام الماضي وتقرر أن تكون محور اجتماعات دافوس.
وأوضح أن الثورة الصناعية الرابعة تتسبب في تغييراتٍ اقتصاديةٍ ومجتمعيةٍ هائلة لم نشهد لها نظيرًا منذ الثورة الصناعية الأولى، فعلى سبيل المثال يُغير الذكاء الصناعي، والتقنيات العصبية، وانترنت الأشياء طريقة التواصل فيما بيننا، لذا فإن تمكين هذه التقنيات من إفادة الجميع يعتبر تحديًا محوريًا للعالم.
وأشار إلى أن القوى الثانية تتمثل في تباطؤ النمو الاقتصادي الذي يتوقع أن يكون بحدود 3% مقارنة مع معدلات تزيد عن 5% خلال الفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية، لافتًا إلى أن العالم يشهد بحسب الخبراء ما يوصف بالكساد على مستوى الدورة الاقتصادية، وذلك بالتزامن مع تداعيات تزايد أعباء الدين التي تجاوزت نسبتها الـ225% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فضلًا عن تسارع وتيرة النمو السكاني التي يتوقع أن ترتفع من 7,4 إلى 9,7 مليار شخص في 2050.
وأردف شواب أن القوى الثالثة تتمثل فيما نمر به من مرحلة انتقالية من عالم أحادي القطب إلى عالم متعدد الأقطاب، لافتًا إلى أن ما كتبه فوكوياما في 1992 عن نهاية التاريخ بعد الحرب الباردة، لم يكن سوى مجرد صافرة إنذار، مشيرًا إلى أن التعاون في المستقبل سيكون بشكل أقل على القيم المشتركة ويعتمد بشكل أكبر على المصالح المشتركة.
وفيما يتعلق بالقوى الرابعة، أشار شواب إلى أنها تتمثل في وجود أزمة هوية على المستوى الفردي والوطني، مؤكدًا أن هذه القوى التحويلية الأربع والثورة الصناعية والانتقال نحو عالم متعدد القطبية والبحث عن هوية جديدة والنمو الاقتصادي هي العوامل الرئيسية التي ستحدد مستقبل العالم.
وقدم شواب في كلمته 5 مقترحات لما يجب فعله من أجل التعامل مع هذه التحديات، أبرزها ضرورة التأكيد على أن العولمة والأنظمة الاندماجية تؤسس الأساس الوحيد للتنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي، فهناك مليارات الأشخاص لديهم وضع صحي أفضل وحياة أكثر أمانًا، وأن ما حدث أن هناك جزءًا مهمًا من التحول العالمي تحقق من خلال الديناميكيات المفتوحة رغم ما فقدان الإحساس بالتضامن أكثر من أي وقت مضى، مشددًا على ضرورة أن يكون هناك ارتباط أوسع بريادة الأعمال التي تدعم الاقتصاد والتطور وتخدم المجتمع.
ودعا شواب إلى ضرورة الاعتراف بدور التكنولوجيا في صياغة المستقبل، مشيرًا إلى أن العالم بحاجة إلى أشكال جديدة لضمان الابتكار وضمان أن تكون التكنولوجيا مصدر التطور الاجتماعي الذي يفيد الجميع من دون استثناء، وقال "علينا أن نعترف أنه ما من حل بسيط أو أيديولوجيا موحدة، بل نحتاج إلى سياسات مبسطة موجهة نحو المستقبل بشكل براجماتي بجهود ومنهجية وقيادة تصوغ المستقبل والبحث عن دروس مستفادة من الماضي، مشددًا في الوقت ذاته على شمولية جهود جميع أصحاب المصلحة، وأن تبنى الجهود التكاملية على قيم مشتركة، احترام كرامة البشر وتساويهم مهما كانت أوضاعهم".