الخرطوم ـ جمال إمام
أعلن الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير أن الحكومة ستُفعل خلال الأيام المقبلة قانون "الثراء الحرام"، حيث تمت مخاطبة البنوك بهذه الخطوة وعلاقتها بالأمن القومي. وكشف الرئيس عن سحب عميل واحد مبلغ 90 مليون جنيه سوداني (نحو 5 ملايين دولار) من أحد المصارف دون تحديد مصدر المال وأوجه صرفه، فضلاً عن وجود كثيرين الذين يملكون ملايين الجنيهات، ولا توجد لديهم رخص تجارية أو مستندات رسمية تبرر هذه الثروات الطائلة.
واعتبر البشير أن ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني يعود إلى تداوله خارج القطاع المصرفي، مما يؤكد وجوده في البلاد بكميات كافية، والدليل على ذلك، توفر جميع السلع المستوردة بالأسواق دون ندرة. ووجه الرئيس السوداني جهاز الأمن والمخابرات بحسم المضاربين بالعملات الأجنبية، وذلك خلال زيارته لرئاسة جهاز الأمن القومي ولقائه بالمدير العام الفريق أول محمد عطا المولى وقيادة الجهاز، وطالبهم بضرورة التعامل بحسم ودون أي تساهل مع المضاربات بالعملات الأجنبية وعائد الصادرات السودانية.
وقالت الرئاسة إن الحكومة ستتعامل بصرامة مع مخالفات بعض المصارف والشركات في حصيلة الصادرات، وسيتم اتخاذ إجراءات لملاحقة تجار العملة بالخارج بتهم الإرهاب وتخريب الاقتصاد. وكان البنك المركزي السوداني قام خلال اليومين الماضين بحظر 130 شركة تعمل في مجال الاستيراد والتصدير من أشكال التعاملات المالية والمصرفية كافة في البلاد.
وأرجع بيان صادر عن البنك أسباب الحظر إلى عدم التزام الشركات بسداد مداخيلها من الصادرات طوال فترات سابقة، كذلك فِي إطار الرقابة المستمرة على المصارف التجارية بغرض الالتزام بضوابط وموجهات سياسات البنك المركزي ولضمان انسياب موارد البلاد من حصيلة الصادرات بالنقد الأجنبي.
ووافق المركزي خلال الفترة الأخيرة على فك حظر خمسة شركات كبري، ضمن 150 شركة محظورة تتعامل في الاستيراد والتصدير، أهمها الشركة السودانية للاتصالات والمجموعة التجارية الوسطي (سي تي سي). وأنذر أيضا ستة مصارف أخرى لمخالفتها الضوابط، كما أعلن عن فصل نائب مدير عام وثلاثة مديري أفرع يعملون بأحد المصارف، وحرمانهم من العمل بالجهاز المصرفي.
بينما تنازل البنك المركزي في منتصف الشهر الماضي عن نسبة الـ25 في المائة من حصيلة الصادرات التي كان يتم بيعها له من قبل المصدرين، موجها باستغلال هذه النسبة وفقا لأوجه استخدامات النقد الأجنبي التي حددها سابقا. كما سمح لكل المصارف بالدخول في عمليات استيراد سلعة القمح بطرق الدفع كافة وبتسهيلات في السداد، وسمح للمصارف أيضاً بتمويل عمليات استيراد القمح بالعملة الأجنبية.
وتوقع البشير أن تؤدي إجراءات بنك السودان الأخيرة بشأن حصيلة الصادرات ومنع تهريب الذهب وتنظيم تحويلات المغتربين، إلى تراجع في أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه. وكان السودان سمح لعملته المحلية مؤخرا بالتراجع في الأسواق الرسمية ليصل سعر الدولار إلى 18 جنيها مقابل 6.9 جنيه سابقا.
وأصدر بنك السودان قرارا الأربعاء، ألزم بموجبه البنوك بتسليم تحويلات المغتربين بنفس العملات التي تم التحويل بها. وقال البنك في تعميم بهذا الصدد إن الإجراء يأتي في إطار جهود بنك السودان المركزي لاستقرار سعر الصرف وتسهيل انسياب موارد السودانيين العاملين بالخارج، مقابل تقديم خدمات مصرفية مميزة لهم، مشيرا إلى أنه عقد لقاءات تشاورية مع جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج، وتم خلاله الاتفاق على تقديم بعض الحوافز المصرفية للمغتربين.
وأشار "المركزي السوداني" إلى أنه مستمر في إفساح المجال للقطاع الخاص وتعظيم دوره في استيراد السلع الأساسية والتشديد على المصارف لاستغلال الموارد المتاحة من النقد الأجنبي وفقاً لأوجه استخدامات النقد الأجنبي التي حددتها الضوابط. وقال البنك إنه مستمر كذلك في سياسات شراء كل الذهب المنتج بالأسعار العالمية والتي تعتبر مجزية للمنتجين، وذلك للحد من عملية تهريبه للخارج.
فيما أعلن القاضي عمر أحمد محمد، النائب العام السوداني، في تصريحات صحافية، عن تحويل البلاغات المتعلقة بتهريب الذهب والعملة إلى نيابة أمن الدولة، وإجراء حكومته لاتصالات مع بعض الدول لاسترداد عدد من المتهمين لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأنهم. وأضاف النائب العام أن هناك تعاونا كبيرا بينهم وعدد من السلطات المختصة من الدول العربية لاسترداد المتهمين خلال الأيام المقبلة.