أبو ظبي - سعيد المهيري
أنجزت حكومة دولة الإمارات نظامًا قانونيًا لصندوق رأس المال المخاطر، ضمن أعمال ومشاريع الدفعة الأولى من المسرعات الحكومية التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لتسريع العمل على تحقيق مستهدفات الأجندة الوطنية. وشهد توقيع نظام رأس المال المخاطر عهود بنت خلفان الرومي وزيرة الدولة للسعادة مدير عام مكتب رئاسة مجلس الوزراء، ووقعه الدكتور عبيد الزعابي، الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع بالإنابة، بحضور عبدالله سلطان الفن الشامسي، الوكيل المساعد لقطاع الصناعة بوزارة الاقتصاد، وهدى الهاشمي، مساعد المدير العام للاستراتيجية والابتكار في مكتب رئاسة مجلس الوزراء بوزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل.
ويتضمّن النظام القانوني لصندوق رأس المال المخاطر الذي أنجزه فريق المسرعات الحكومية المشترك المكون من وزارة الاقتصاد وهيئة الأوراق المالية والسلع، الضوابط والالتزامات الخاصة بصندوق رأس المال المُخاطر. ويهدف النظام إلى تسهيل عمل المبتكرين، وتحفيز جذب رؤوس الأموال المخاطرة إلى الدولة، ويشكل إحدى الأدوات الرئيسة المشجعة للاستثمار في المشاريع القائمة على الأفكار الجديدة والمبتكرة، بما يعزز من ممكنات الابتكار بالدولة ويسهم في تعزيز مكانتها على مؤشر الابتكار العالمي.
أفضل دول مبتكرة
وأكد المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد، أن إقرار الضوابط والالتزامات المتعلقة برأس المال المخاطر جاء نتيجة للتعاون الوثيق والشراكة الوطيدة بين القطاعين الحكومي والخاص لتوسيع آفاق وفرص تمويل المشاريع القائمة على الابتكار في دولة الإمارات، في إطار المساعي الرامية إلى تحقيق رؤية الدولة بإرساء دعائم اقتصاد تنافسي متنوع مبنيّ على المعرفة والابتكار بقيادات كفاءات وطنية متمكنة. وأضاف أن القرار يمثل خطوة بالغة الأهمية للدفع قدمًا بالجهود الرامية إلى تعزيز تنافسية المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال الوطنية، خصوصًا في المجالات المرتبطة بالمعرفة والابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، وتزويدها بعوامل الاستدامة ومعزّزات النمو، نظرًا إلى ما يمثله رأس المال المخاطر من وسيلة بارزة ومبتكرة في عالم الاستثمار المعاصر لتمويل المشروعات الريادية والأعمال المبنية على أفكار لامعة وإبداعية، وتوفير عوامل النجاح لها لا سيما في مراحل تأسيسها وانطلاقها، الأمر الذي ينعكس إيجابًا بلا شك على دعم المسيرة نحو تعزيز مفاهيم الابتكار والمعرفة في البيئة الاقتصادية للدولة، ويسهم في تحقيق المستهدف الحكومي الذي تضمنته مؤشرات الأجندة الوطنية، والمتمثل برفع مكانة الدولة لتكون ضمن أفضل 10 دول في العالم في مجال الابتكار بحلول عام 2021.
حاضنات للمشاريع
من جهته، قال الدكتور عبيد الزعابي الرئيس التنفيذي للهيئة بالإنابة، إن القرار يسهم في استكمال حزمة الأنظمة والقرارات التي تسهم في تعزيز المناخ الاستثماري في أسواق المال المحلية من جهة، فضلًا عن تطوير المنظومة التشريعية للهيئة وفق أفضل الممارسات العالمية مما يؤهل أسواق راس المال في الدولة للترقية للأسواق المتقدمة.
وأوضح أن أهمية القرار تعود لكونه يسهم في توفير آليات واضحة وشفافة تدعم أنظمة أخرى أصدرتها الهيئة خلال العام الحالي، وفي مقدمتها نظام صناديق الاستثمار وإدارة الاستثمار، وهي أنظمة من شأنها رفع حجم الاستثمار المؤسسي والفردي في الأسواق بما يزيد من مستوى كفاءتها وجاذبيتها للاستثمار المحلي والأجنبي خصوصًا أنها تتوافق مع معايير الأياسكو ومعايير الهيئة الأوروبية المنظمة لأسواق المال (أزما).
الاستثمار في المشاريع الناشئة
وأوضح عبدالله سلطان الفن الشامسي، الوكيل المساعد لقطاع الصناعة بوزارة الاقتصاد، أن القرار يأتي استكمالًا للجهود الرامية لتطوير وتنظيم عمل الأسواق المالية في الدولة، ويتوافق مع أفضل الممارسات العالمية. وقال إن الصندوق يمثل أحد أشكال التمويل للمشاريع الريادية والمبتكرة والمشاريع الصناعية القائمة على التكنولوجيا الحديثة، بما يفتح آفاقًا أوسع لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والاستثمار في مجالات اقتصاد المعرفة، مشيرًا إلى أن صياغة الضوابط المحددة لتأسيس صناديق رأس المال المخاطر ووضع مؤشرات الأداء التي تقيس مدى التحسن في تعاملاته بالدولة يشكلان ركيزة أساسية من ركائز التحول نحو اقتصاد معرفي قائم على الإبداع والابتكار، إذ يعد تطبيق مفهوم رأس المال المخاطر خطوة رئيسية نحو تطوير بيئة أعمال داعمة للمبدعين ومحفزة للاستثمار في المشاريع الناشئة المعتمدة على الابتكار وتعظيم فرصها في النمو، بما يسهم في تعزيز القدرة التنافسية وتحقيق القيمة المضافة لاقتصاد الدولة.
نتائج إيجابية
ويتوقع أن يكون للقرار نتائج إيجابية على المحافظ والصناديق الاستثمارية والمستثمرين وكذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وذلك نظرًا إلى ما يتضمنه القرار من آليات من شأنها دعم عمل هذه الأطراف، التي تشكل جانبًا مهمًا من المكونات التنظيمية لأسواق المال المحلية، والتي تعد من أهم القنوات الاستثمارية الداعمة للاقتصاد الوطني.
وجاء في نص القرار تعريف بصندوق رأس المال المخاطر وضوابط الاستثمار به، إذ عرَّف القرار صندوق رأس المال المُخاطر على أنه صندوق استثمار خاص يستثمر في استثمارات ذات مخاطر مرتفعة كالمشروعات الجديدة، أو التقنيات الحديثة أو المشروعات المتعثرة، أو الشركات ذات الأفكار الجديدة أو المبتكرة في التكنولوجيا أو في مجال عمل الشركة. كما اشترط القرار -في حال كانت قيمة الأصول المدارة (180) مليون درهم أو أكثر- يتعين الالتزام بإعداد تقرير سنوي وفقًا لمعايير «IFRS» وتعيين مسؤول لإدارة المخاطر، واستيفاء متطلبات معايير الكفاءة والملاءمة وأن لا يتعدى التعرض لمخاطر الصندوق صافي قيمة أصوله.
أما في حال كانت قيمة الأصول المدارة للصندوق أقل من (180) مليون درهم، فإنه يتعين الالتزام بإعداد ملخص للتقرير السنوي، وأن لا يتعدى التعرض لمخاطر الصندوق صافي قيمة أصوله. وفيما يتعلق باستثمارات صندوق رأس المال المخاطر فقد حددت المادة (3) من القرار ثلاثة التزامات على الصندوق تتمثل في استثمار ما لا يقل عن نسبة 70% من أصول الصندوق في واحد أو أكثر من الاستثمارات الآتية: إقراض المشروعات الجديدة أو المتعثرة بنسبة لا تتجاوز 30% من أصول الصندوق، أو المشاركة فيها. وثانيًا أدوات الملكية الصادرة عن الشركات غير المدرجة في السوق الرئيسية المنظمة أو الأدوات الأخرى الصادرة عن تلك الشركات أو شركاتها التابعة والتي تنتهي بالملكية في أيٍّ منها.
فيما يأتي الاستثمار الرابع في وحدات صناديق رأسمال مخاطر أخرى، على أن لا تتجاوز استثمارات تلك الصناديق نسبة 10% من أصولها في صناديق رأسمال مخاطر أخرى، وإقراض الشركات المشار إليها في البند 2 أعلاه، بما لا يتجاوز نسبة 30% من أصول الصندوق، وعلى أن يكون الصندوق مستثمرًا في الشركة مصدرة تلك الأدوات. أما ثاني التزامات الصندوق، فيتمثل في أن لا تتجاوز استثمارات الصندوق نسبة 30% من أصول الصندوق في الاستثمارات التي يجوز لصندوق الاستثمار العام المفتوح (Emirates UCITS) الاستثمار فيها.
وفي حال استثمار الصندوق خارج الدولة، يلتزم الصندوق كذلك بأن يكون الاستثمار بذات الالتزامين السابقين المذكورين أعلاه في المادة (3) بصرف النظر عن مسمى تلك الأداة بمقر إصدارها خارج الدولة. كذلك حددت المادة 4 ثلاثة التزامات أخرى للصندوق تضمنت إجراء التقييم الدوري لأصول الصندوق ووحداته، مرة واحدة سنويًا على الأقل، وإصدار تقرير سنوي يتضمن مكونات استثمارات الصندوق، والأنشطة التي تمت والأرباح أو الخسائر المحققة خلال العام، وأن لا تتجاوز نسب اقتراض الصندوق أو الضمانات أصول الصندوق.
المسرعات الحكومية.. آلية عمل تحاكي المستقبل
تعد المسرعات الحكومية آلية عمل مستقبلية، تضم فرق عمل مشتركة من موظفي الحكومة والقطاعين الخاص والأكاديمي، ويتركز عملها في القطاعات والمجالات الرئيسة، وتعمل على رفع وتيرة تحقيق الأجندة الوطنية وتسريع تنفيذ مشاريع الحكومة الاستراتيجية من خلال مساحات عمل مخصصة ومبتكرة تعمل فيها فرق عمل مشتركة تحت إشراف نخبة من المدربين والمشرفين والكفاءات العالمية، لتقديم برامج مكثفة في مدد قصيرة.
وتقدّم المسرعات الحكومية خدمات لدعم مختلف الجهات الحكومية المشاركة هدفها الأساسي تسريع تحقيق أهداف الأجندة الوطنية في أربعة مجالات أساسية وهي المؤشرات الوطنية، والسياسات، والبرامج والمبادرات، والخدمات الحكومية من خلال تشكيل فرق عمل مشتركة من مختلف الجهات في الدولة لمعالجة التحديات وإنجاز الأهداف، بالاستفادة من التجارب والابتكارات العالمية، وتحقيق الريادة والتميز في العمل الحكومي عبر تنفيذ مشاريع وتجارب بأساليب عمل ريادية ومبتكرة تفضي إلى تحقيق نتائج سريعة وضمان استدامتها.