واشنطن - صوت الامارات
حان الوقت الآن في الولايات المتحدة الأميركية لإجراء حسابات ما قد تجنيه أو توفره الشركات من التخفيضات الضريبية التي أقرتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، لاسيما ضريبة الأرباح التي خُفضت من 35 في المائة إلى 21 في المائة، وأعلنت بعض الشركات بيانات في هذا الصدد، مرفقة مع توقعات أرباح 2018 التي ارتفعت بنسبة 8 في المائة، قياسًا بتوقعات ما قبل إقرار التعديل الضريبي، وقد شمل رفع الأرباح الشركات المدرجة في مؤشر "إس آند بي 500"، وهذا ما اتفق عليه أيضًا محللون عاملون في بنك "مورغان ستانلي"، في ورقة بحثية توقعت نموًا إضافيًا في الأرباح لشركات ذلك المؤشر، نسبته 7.6 في المائة في المتوسط العام.
لكن السؤال المطروح الآن هو: ماذا ستفعل الشركات بالمبالغ التي ستوفرها بفعل الخفض الضريبي؟ وقد بحث عن الجواب فريق من "مورغان ستانلي"، مستطلعًا آراء 400 فريق إداري ومالي في عينّة تمثل الشركات المعنية بالإجابة، كما أجرى قراءات لتحليل محتوى بيانات الشركات التي أعلنت توقعاتها وخططها، وأتت في سياق النتائج بعض المفاجآت.
بداية، أكدت نسبة 28 في المائة فقط من الشركات أن الأرباح ستعود أولًا إلى المساهمين عبر زيادة أنصبتهم السنوية منها، كما ستستخدم بعض الأموال في حق الشركات شراء أسهمها، علمًا بأن هذا المنوال معتمد منذ عدة سنوات، وكان أساسًا لصعود أسعار الأسهم في "وول ستريت" في سنة 2017 وما قبلها، أما المفاجأة الثانية التي كشف عنها البحث تكمن في أن 41 في المائة من الشركات ستستثمر المبالغ المتوقع تحقيقها من الوفر الضريبي، أي أنها ستوزع أرباحًا أقل لتنفق على التوسع أكثر. وهذه النسبة أتت أعلى من التوقعات الأولى بشأنها، وهذا يعني أن أثر انخفاض الضرائب سيكون أقل ظهورًا في النتائج الصافية مع نهاية العام.
إلى ذلك، أقرت 21 في المائة من الشركات أنها ستزيد رواتب موظفيها ومكافآتهم. وترتفع نسبة الشركات التي ستزيد إنفاقها بزيادة الأجور وضخ الاستثمارات معًا لتبلغ 44 في المائة من الإجمالي، أما الأقل ذكرًا، فكانت عمليات الدمج والاستحواذ بنسبة 14 في المائة، وأخيرًا سداد الديون بنسبة 6 في المائة فقط.
والنتائج آنفة الذكر اختلفت عما ذهب إليه المحللون الذين توقعوا أن نسبة الشركات التي ستستخدم الوفر الضريبي لمكافأة المساهمين قد تبلغ 43 في المائة، مقابل 30 في المائة فقط من الشركات ستزيد الإنفاق بالاستثمار وعلاوات الرواتب.
ومع ارتفاع الإنفاق، تختلف الحسابات عن التوقعات كثيرًا، ولذلك أثر في أسعار الأسهم وأداء الأسواق المالية، لأن توزيعات الأرباح ستكون أقل من المتوقع. وقال محللو "مورغان ستانلي" إن تلك الأرقام والنسب خيبت آمال شرائح من المستثمرين بالأسهم، وأضافوا: "استبق المستثمرون الأحداث في عام 2017، عندما راهنوا على إجراءات ترامب الاقتصادية، وأقبلوا على شراء المزيد من أسهم الشركات المدرجة.
أما في 2018، فالوضع أكثر دقة لتحديد القطاعات التي ستستفيد أكثر من غيرها من الخفض الضريبي، والقطاعات التي لن تستفيد من ذلك. وبالتالي، تحديد أسهم الشركات التي ستخيب آمال حامليها لأنها ارتفعت على أمل ما، ثم تبين أنه لا أمل يرجى، أو أنه ضعيف"، كما جاء في استنتاجات البحث. وهذا يخص قطاعات السلع الاستهلاكية الأساسية والصحة، بالإضافة إلى القطاعات المالية والصناعية، لأن شركات هذه القطاعات ستكون الأكثر إقبالًا في 2018 على زيادة الإنفاق الاستثماري، كما الإنفاق على الرواتب، مع عدم التوسع في توزيعات الأرباح وإجراءات دعم الأسهم.
وفي التفاصيل، أعلنت 69 في المائة من شركات القطاعات الاستهلاكية الأساسية أنها ستزيد استثماراتها ورواتب موظفيها، كما ستتخذ إجراءات مكلفة لزيادة تنافسيتها. وكذلك الأمر بالنسبة لنحو 65 في المائة من الشركات المالية، و64 في المائة لشركات القطاع الصحي، و44 في المائة من الشركات الصناعية.
في المقابل، فإن شركات الاتصالات والخدمات العامة لن تكون مسرفة في الإنفاق الكبير، وسيبقى لديها من الخفض الضريبي وفر تكافئ به مساهميها والمستثمرين في أسهمها. وهذا الأمر ينطبق أكثر أيضًا على شركات السلع المعمرة والتكنولوجيا والتمويل الاستهلاكي والمصارف وشركات السيارات ومجموعات الصناعات الغذائية وخدمات الحوسبة وأشباه الموصلات والإعلام.
لكن محللي بنك "مورغان ستانلي" يستدركون بالإشارة إلى أن الشركات التي ستنفق أكثر من غيرها هي في أوضاع وتحديات تفرض عليها ذلك، ولا يمكن للأسواق أن تعاقبها طويلًا بنزول أسعار أسهمها، لأن الإنفاق يعد مقدمة لنمو متوقع آتٍ، وتوسع يعود بالنفع في المديين المتوسط والبعيد، خصوصًا إذا كانت الاستثمارات مركزة في زيادة التنافسية ورفع الإنتاجية.
وتجدر الإشارة إلى أن متوسط ربح السهم في مؤشر "إس آند بي 500" كان بين 120 و125 سنتًا أميركيًا في مارس (آذار) عام 2016، وارتفع إلى نحو 145 سنتًا عشية إقرار التعديل الضريبي في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ثم حقق قفزة بنسبة وصلت إلى 10 في المائة تقريبًا، ليبلغ متوسط ربح السهم حاليًا 159 سنتًا.