اسعار النفط

كشفت مصادر مطلعة، أن السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، ستقيد كميات النفط الخام إلى بعض المشترين الآسيويين في يوليو (تموز)، بينما ستعمق خفض مخصصات النفط إلى الولايات المتحدة.  

ونقلت وكالة بلومبيرغ الإثنين كذلك أن التخفيضات للولايات المتحدة، حيث المخزونات النفطية لا تزال مرتفعة، قد تصل إلى 300 ألف برميل يومياً. 

يبدو أن السعودية بدأت في أخذ خطوات أكبر من أجل التأكد من أن المخزونات النفطية العالمية ستهبط في الأشهر والأسابيع المقبلة، وذلك بعد ثلاثة أسابيع متتالية من تسجيل أسعار النفط في نيويورك هبوطاً أسبوعياً.

إلى ذلك، قال وزير النفط العراقي جبار علي اللعيبي إن على شركات الوزارة العمل كي تصبح شركات رابحة بنهاية السنة.

وشجع في بيان لوزارة النفط، شركات الوزارة على توقيع اتفاقات مشاريع مشتركة مع الشركات العالمية لتعزيز الأرباح.

وأكد شركاء حقل "طق طق" أنهم تلقوا مدفوعات إجمالية بقيمة 15.24 مليون دولار من حكومة إقليم كردستان العراق، عن مبيعات النفط خلال آذار (مارس).

وبلغت المبيعات النفطية الإجمالية من الحقل في الشهر ذاته، 20 ألفاً و417 برميلاً يومياً في المتوسط بما يشمل الصادرات وتسليم مصفاة بازيان. ووصلت حصة شركة جينل انرجي الصافية من المدفوعات إلى 8.38 مليون دولار.

وتوقعت مصادر في قطاعي النفط والشحن البحري، الإثنين، أن ترتفع تكاليف شحن الوقود والنفط الخام من قطر، بعدما حظرت الإمارات العربية المتحدة على السفن التي توقفت في المرافئ القطرية الرسو في الموانئ الإماراتية.

ويؤثر ذلك سلباً في سير العمليات اللوجيستية النمطية في قطاع النفط، إذ يستخدم المشترون ناقلات الخام العملاقة القادرة على حمل مليوني برميل من النفط ويحملونها بما يصل إلى أربع شحنات مختلفة حجم الواحدة منها 500 ألف برميل، لتحقيق وفورات في التكاليف. وأشارت المصادر إلى أن المشترين يقومون في الوقت الحالي بفصل الشحنات على سفن أصغر حجماً تحمل مليون برميل، للتحميل في شكل منفصل من قطر والإمارات.

ورجحت المصادر أن تزيد أسعار الشحن على الناقلات الأصغر إلى ما بين 75 و80 على المقياس العالمي (دابليو.إس)، بفعل ارتفاع الطلب على تلك السفن.

وتظهر بيانات شحن من تومسون رويترز ايكون أن سي إس إس إيه، ذراع الشحن التابعة لعملاق النفط الفرنسي توتال، وشركة إس كيه إنرجي لتكرير النفط الكورية الجنوبية، و بي بي حجزت موقتاً أربع ناقلات من الطراز القادر على حمل مليون برميل لتحميل نفط ومكثفات في قطر والإمارات في النصف الثاني من حزيران (يونيو) بأسعار تتراوح بين 67.5 و68.5 على المقياس العالمي وهو صيغة تستخدم لاحتساب تكاليف الشحن.

وقال تاجر يعمل من سنغافورة إن العمليات في حال ارتباك شديد.

بعض شركات التكرير يحتاج إلى إعادة ترتيب أو فصل الشحنات على ناقلات المليون برميل الأعلى كلفة.

وأفادت المصادر بأن الشركات ترتب أيضاً لتنفيذ عمليات نقل الشحنات الصغيرة من سفنها إلى ناقلات عملاقة في المياه قبالة صحار في سلطنة عمان. وإضافة إلى النفط الخام، تصدر قطر أيضاً ما يتراوح بين 600 ألف و700 ألف طن شهرياً من النفتا، وهي منتج نفطي يتم تكريره لإنتاج البتروكيماويات.

وأكدت المصادر أن مالكي السفن يضيفون في الوقت الحالي علاوة سعرية على السفن التي تحمل وقوداً قطرياً إلى آسيا. وقال سمسار شحن يعمل في سنغافورة، إن ملّاك السفن يضيفون 2.5 نقطة مئوية أو نحو 700 دولار يومياً على الناقلات التي تسلك هذا المسار.

وحتى على مستوى التصريحات، فإن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قد أكد هو ونظيره الروسي إلكساندر نوفاك يومي السبت والأحد للصحافيين في كازاخستان أن المخزونات النفطية متجهة للانخفاض خلال الأشهر المقبلة، مما يعني تحقيق اتفاق تخفيض الإنتاج بين 24 دولة من كبار المنتجين في العالم لأهدافه. إلا أن واقع السوق لا يزال مختلفاً.

ففي الأسبوع المنتهي في 2 يونيو (حزيران) الحالي، وبعد خمسة أسابيع من انخفاض المخزونات الأميركية، صعدت المخزونات بصورة مفاجئة بنحو 3.3 مليون برميل لتتسبب في هبوط أسعار النفط بنحو 4 في المائة.

إلا أن الفالح قال للصحافيين في العاصمة الكازاخستانية آستانة إن ما حدث الأسبوع الماضي ليس بالأمر المقلق، حيث إن هذه مجرد طفرة مؤقتة وستعود المخزونات للانخفاض في الأسابيع المقبلة. لكن كيف يمكن للمخزونات النفطية أن تهبط وتعود إلى مستواها الطبيعي والمقبول والذي تحدده الصناعة النفطية بمستوى متوسط الخمس سنوات؟ الأمر في غاية السهولة والصعوبة كذلك، فحتى تهبط المخزونات فإن على كل الدول الداخلة في اتفاق تخفيض الإنتاج الالتزام بالكمية التي أعلنوا عنها، والبالغة 1.8 مليون برميل يومياً، والمقسمة إلى 1.2 مليون برميل يومياً بالنسبة لدول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) و558 ألف برميل يومياً للدول خارجها والتي من بينها روسيا.

إلا أن ما يحدث حتى الآن هو أن بعض الدول تقوم بتخفيض إنتاجها فيما تزيد من صادراتها، ولهذا تظهر معدلات الالتزام بصورة جيدة فيما تظل المخزونات عالمياً مرتفعة.

والأمر الأخر الذي أضعف من فاعلية الاتفاق هو طريقة قياس الالتزام حيث تقوم ستة جهات خارجية تعرف باسم المصادر الثانوية بقياس الإنتاج لدول أوبك بناء على مسوح شهرية قد لا تكون دقيقة في الغالب.

فيما لا تزال طريقة قياس الدول خارج أوبك لا تخضع لأي رقابة خارجية.

وفي ظل هذا الوضع كان من الطبيعي أن تزيد الواردات النفطية للولايات المتحدة والتي انعكست على مستوى المخزونات. ففي الأسبوع المنتهي في 2 يونيو أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن واردات أميركا من أوبك ارتفعت إلى 3.51 مليون برميل يومياً خلال الأسبوع من 2.98 مليون برميل يومياً في الأسبوع الذي سبقه.

وليست المفاجأة هنا، بل كانت في أن السعودية خفضت صادراتها إلى الولايات المتحدة بأكثر من النصف لتصل إلى 612 ألف برميل يومياً، فيما ضاعفت العراق صادراتها بما يقترب من خمسة أضعاف لتقفز إلى 1.14 مليون برميل يومياً من 293 ألف برميل يومياً.

هذا الأمر يعني أن ما تقوم به السعودية بمفردها من أجل توازن السوق قد لا يؤدي إلى نتيجة سليمة وواضحة طالما أن هناك دولاً أخرى لا تقوم بالتنسيق معها والالتزام بمستوى عالي من التخفيضات في التصدير وليس فقط في الإنتاج. وترتفع مخزونات النفط الأميركية حالياً بنحو 123 مليون برميل عن متوسط الخمس سنوات.

ويرى محللو شركة بيرنستين أن على المخزونات الأميركية أن تظهر سحوبات بمقدار 4 ملايين برميل أسبوعياً من الآن وحتى أواخر العام الحالي، حتى تعود لمستوى الخمس سنوات.

وبناء على تقرير صادر بالأمس من بيرنستين، فإن صادرات دول أوبك الأحد عشر الموقعين على اتفاق خفض الإنتاج انخفضت بنحو 500 ألف برميل يومياً منذ مطلع العام وحتى مايو (أيار).

وإذا ما تم احتساب كمية الصادرات التي زادت من ليبيا ونيجيريا التي تم استثنائهما من الاتفاق بسبب ظروفهم السياسية والتشغيلية فإن صادرات أوبك لم تنخفض سوى بنحو 300 ألف برميل يومياً خلال الخمس الأشهر الأولى من العام، وهي كمية ليست كافية لإعادة التوازن للسوق.ويقول محللو بيرنستين إن أحد الأسباب التي تؤدي للتساؤل حول مدى التزام دول أوبك بالاتفاق هو الزيادة الملحوظة في المخزونات عالمياً.

ويقدر التقرير حجم الزيادة في المخزونات النفطية في الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والتي من بينها الولايات المتحدة وكوريا واليابان، ارتفع بنحو 40 مليون برميل خلال الربع الأول من العام الحالي.

ومن المحتمل أنها زادت بنحو 15 مليون إضافية في شهر أبريل (نيسان). ورغم احتمالية هبوطها في مايو، فإنها تظل مرتفعة بنحو 30 مليون برميل يومياً عن بداية العام.

وأصبحت مسألة زيادة صادرات أوبك واضحة للجميع، حيث أظهر تقرير من مصرف مورغان ستانلي الأسبوع الماضي أن صادرات الدول بحسب ما تظهر بيانات تتبع الناقلات قد زادت في مايو بنحو 2.2 مليون برميل يومياً عن مستوى أبريل/نيسان. وأمام كل هذه المعطيات لا تزال السعودية تعمل بمفردها من أجل دعم الأسعار التي لا ترضي أحداً.

وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هوياتها لـرويترز إن شركة النفط الحكومية السعودية أرامكو ستورد أيضاً جميع كميات النفط المتفق عليها لخمسة مشترين آسيويين على الأقل، وبشكل أساسي في شمال آسيا، وإنها ستخفض الإمدادات لبعض العملاء في الهند والصين وكوريا الجنوبية. وأشارت المصادر إلى أن خفض مخصصات الخام إلى آسيا في يوليو سيكون أكبر بقليل من شهر يونيو.

وأخطرت أرامكو مصافي آسيوية الشهر الماضي بأنها ستخفض إمدادات النفط إلى آسيا بنحو سبعة ملايين برميل في يونيو، وهو أول خفض لتلك المنطقة منذ بدء سريان اتفاق خفض الإنتاج الذي تقوده أوبك في يناير (كانون الثاني) الماضي. وقال مصدران إن مخصصات النفط إلى الولايات المتحدة جرى تخفيضها بدرجة كبيرة بيد أن أرامكو أبقت كميات أوروبا دون تغيير يذكر.

وبحسب خطط يوليو، ستخفض أرامكو إمداداتها للهند والصين، بينما ستورد الكميات المتعاقد عليها بالكامل للمشترين في اليابان وتايوان حسبما قال مصدر مطلع. كما جرى خفض الإمدادات لمصفاة في كوريا الجنوبية.