الرئيس الأميركي دونالد ترامب

تشهد العلاقات التجارية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، نموًا يتزايد بشكل ملحوظ منذ أكثر من 84 عاماً، على الرغم من التقلبات السياسية والاقتصادية التي شهدها العالم. ويعود ذلك لأن العلاقات بينهما بنيت على أساس متين من الاحترام والمنفعة المتبادلين.

ويُعتبر بدء الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولته العالمية الأولى منذ تسلمه مقاليد الحكم بزيارة المملكة، خطوة تؤكد أهمية هذه العلاقة، وكون المملكة واحة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والمحرك الأساسي لعجلة النمو الاقتصادي في المنطقة على الرغم من الاضطرابات التي تمر بها المنطقة حالياً. كما أن هذه الزيارة استكمال لزيارة الأمير محمد بن سلمان الأخيرة لواشنطن قبل أسابيع قليلة، والتي بحثت بصورة مستفيضة ملفات مهمة على المستويين الإقليمي والعالمي، ووصول العلاقات السعودية الأميركية إلى مستوى من النُّضج، حيث يحرص البلدان على المحافظة عليها وتطويرها دائمًا في مختلف الظروف، لتصبح أكثر قوة ومتانة في المستقبل.

وأكد وزير الخارجية السعودي عادل بن أحمد الجبير أن افتتاح الرئيس الأميركي لجولاته الخارجية بزيارة المملكة يعكس الدور المحوري للمملكة في العالمين العربي والإسلامي. وقال الجبير في لقاء مع الصحفيين في مقر سفارة المملكة في واشنطن أمس "إن الزيارة تعكس احترام الولايات المتحدة الأميركية للقيادة الحكيمة في المملكة العربية السعودية التي تسعى دائما إلى تعزيز الأمن والاستقرار والسلم في المنطقة والعالم".

وأكد الجبير أن الإدارة الأميركية تدرك أهمية المملكة، ولا سيما في إيجاد حل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني والقضاء على داعش والإرهاب والتطرف والتصدي لإيران وتعزيز الاستثمارات والتجارة بين البلدين وإيجاد فرص عمل في البلدين. وأضاف "إن الرئيس ترامب يرغب في صد أنشطة إيران غير المشروعة في المنطقة وهو نفس الأمر الذي يرغب فيه حلفاء أميركا في المنطقة، لذلك فنحن حلفاء مع الإدارة الأمريكية في هذه القضايا.

وتُعد الولايات المتحدة حاليًا ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة، كما أن الولايات المتحدة حائزة أيضاً على أكبر حصة من الأسهم للاستثمار الأجنبي المباشر من المملكة. وتشكل العلاقات التجارية بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية ركناً أساسياً في العلاقات بين الدولتين بشكل عام، وتعود جذور هذه العلاقات إلى اكتشاف الشركة الأميركية Standard Oil Company of California النفط في المملكة عام 1933.

وأرسى مؤسس المملكة المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود أسس العلاقات السعودية – الأميركية من خلال اللقاء التاريخي له بالرئيس الأميركي فرانكلن دي روزفلت عام 1945، وكان لاستمرار حسن هذه العلاقات دور رئيسي في تأمين البيئة الملائمة لازدهار التجارة والأعمال والمشروعات المشتركة بينهما. وكان للزيارات المتواصلة لقيادة البلدين الأثر الكبير في دفع العلاقات بين البلدين إلى آفاق أرحب، ومنها الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الملك سلمان -يحفظه الله- إلى الولايات المتحدة الأميركية في 20/11/1436هـ الموافق 4 سبتمبر 2015.
وصدر في ختامها بيان مشترك تضمن إطلاق شراكة إستراتيجية جديدة للقرن الحادي والعشرين، وكيفية تطوير العلاقة بشكل كبير بين البلدين، وقدم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، إيجازًا، اشتمل على رؤى المملكة حيال العلاقة الإستراتيجية.

وأصدر خادم الحرمين توجيهاته لوزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار بدراسة كل الأنظمة التجارية والاستثمارية بغرض تسهيل عمل الشركات العالمية وتقديم الحوافز بما فيها العمل المباشر في الأسواق السعودية لمن يرغب منها الاستثمار في المملكة وتتضمن عروضها خطط تصنيع أو استثمارا ببرامج زمنية محددة ونقلا للتقنية والتوظيف والتدريب للمواطنين، وبما يحقق المصالح المشتركة للجانبين.

وبلغ عدد المشروعات السعودية الأميركية والمختلطة العاملة في المملكة 609 شركات، منها 155 شركة صناعية، و454 شركة خدمية غير صناعية بلغ إجمالي رؤوس الأموال المستثمرة في هذه الشركات 73615 مليون ريال، بلغت حصة الشريك السعودي 32136 مليون ريال، وحصة الشريك الأميركي 39099 مليون ريال، والمتبقي لشركاء آخرين.
ويعتبر التعاون الفني أحد مجالات التعاون المهمة مع الولايات المتحدة، وذلك لكون الولايات المتحدة أحد أهم مصادر تدفق المعرفة والتقنية للمملكة وقد تم في إطار اتفاقية التعاون الفني الموقعة عام 1975م، الاتفاق على 38 برنامجاً، تتضمن هذه البرامج توفير الخبراء الفنيين وتدريب الكوادر السعودية وتتولى حكومة المملكة تمويل كافة البرامج المتفق عليها.

وتضمنت اتفاقية تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية بين المملكة والولايات المتحدة، إنشاء مجلس سعودي أميركي للتجارة والاستثمار TIFA يتكون من ممثلين عن الجانبين، وترأس الجانب السعودي فيه وزارة التجارة والصناعة، ويرأس الجانب الأميركي مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة الأميركية USTR وبمشاركة مسؤولين في وحدات حكومية أخرى حسبما تتطلبه الظروف، والجهات الممثلة للجانب السعودي في هذا المجلس على النحو التالي: وزارة الخارجية، وزارة التجارة والصناعة، وزارة المالية، الهيئة العامة للاستثمار، مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية، وبحسب الحاجة تشارك جهات حكومية أخرى.

ويهدف المجلس إلى تنمية التجارة والاستثمار بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية، وذلك لخدمة مصالح البلدين في مجالي التجارة والاستثمار، ويعتبر مظلة لخدمة رجال الأعمال من التجار والصناعيين، وإزالة كافة العوائق التي تعترض انسياب التجارة والاستثمار بين البلدين.