موسكو _ صوت الإمارات
قالت مؤسسة "إيميرجينغ بورتفوليو فند ريسيرتش" Emerging Portfolio Fund Research " الخاصة بالاستشارات المالية والاستثمارات، إن المستثمرين الأجانب يواصلون للشهر الرابع على التوالي تقليص استثماراتهم في أسواق الأصول المالية الروسية. واعتماداً على المعلومات الرئيسية لدى مؤسسة "رينسانس كابيتال" للاستثمارات، تقول صحيفة "كوميرسانت" الروسية إن حجم رؤوس المال التي تم سحبها من الأسواق الروسية خلال الأسبوع الذي انتهي يوم 28 يونيو/حزيران زادت على 83 مليون دولار أميركي، علماً بأن هروب رؤوس الأموال من الأسواق الروسية مستمر دون انقطاع تقريباً منذ نهاية فبراير/شباط، وخلال تلك المرحلة زاد حجم رؤوس الأموال الهاربة على 1.6 مليار دولار أميركي.
وكانت سوق الأصول والأوراق المالية الروسية شهدت ظاهرة مماثلة لكن قبل 3 سنوات ونصف السنة، وذلك نتيجة قلق المستثمرين إزاء احتمال تقليص بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي التحفيز النقدي، فضلاً عن وتيرة النمو المنخفضة في اقتصاد الدول النامية، بما في ذلك الاقتصاد الروسي. حينها، في عام 2013، بلغ حجم الاستثمارات الهاربة من السوق الروسية نحو 2.47 مليار دولار، بينما بلغت خسائر أسواق الدول النامية بشكل عام ما يزيد على 44 مليار دولار.
ويعزو الخبراء أسباب هروب المستثمرين حالياً من أسواق الأصول الروسية إلى تخوفهم من المخاطر الداخلية، التي أدت إلى تراجع المناخ الاستثماري في البلاد. ومن جانب أول، هناك خيبة أمل إزاء التوقعات بتقارب بين موسكو وواشنطن، وتحسن للعلاقات بينهما بعد فوز دونالد ترمب بالرئاسة في الولايات المتحدة. وبينما انتظر كثيرون قراراً عن البيت الأبيض بإلغاء العقوبات الأميركية ضد روسيا، التي أصابت بصورة كبيرة المؤسسات المالية الروسية، ما زالت واشنطن متمسكة بتلك العقوبات، وقرر الكونغرس أخيراً تشديدها، وتوسيع قائمة الشخصيات الطبيعية والاعتبارية الروسية التي تطالها العقوبات الأميركية.
كما قرر الاتحاد الأوروبي أخيراً تمديد العمل بعقوباته القطاعية التي فرضها ضد روسيا، كذلك بسبب الأزمة الأوكرانية، وردت موسكو على واشنطن وبروكسل بإعلان تمديد قيودها الاقتصادية على صادرات أوروبية وأميركية. وضمن هذا المشهد تلاشت الآمال بتحسن قريب على العلاقات بين روسيا والغرب، مما انعكس سلباً على مزاجية المستثمرين والمناخ الاستثماري في روسيا خلال الفترة الماضية.
من جانب آخر، يرى خبراء من السوق الروسية أن النزاعات بين شركات نفطية روسية كبرى، تركت كذلك تأثيراً سلبياً على مناخ الاستثمارات في روسيا. في هذا السياق يشير الخبراء إلى الخلافات بين شركة "روسنفت" وشركة "سيستيما" الروسيتين. ويرى فلاديمير فيدينيف، رئيس دائرة الاستثمارات في "رايفايزن كابيتال" أن الوضع حول مؤسسة "سيستيما" لا يؤدي دون شك إلى تحسين المناخ الاستثماري في السوق الروسية.
و"سيستيما" هي مجموعة مالية صناعية ضخمة، كانت تمتلك في السابق شركة النفط الروسية الكبرى "باشنفت"، غير أن الحكومة الروسية استحوذت عبر قضية اختلاس على "باشنفت"، ومن ثم عرضت أسهمهما في السوق ضمن خطة خصخصة مؤسسات حكومية لتمويل العجز في الميزانية عام 2016. وبقرار من الحكومة تم بيع "باشنفت" لشركة "روسنفت"، التي وجهت أخيراً اتهامات لمجموعة "سيستيما" بأنها تعمدت التقليل من قيمة أصول "باشنفت". وفور الإعلان عن تلك الاتهامات، تراجعت قيمة أسهم المؤسسات التابعة لمجموعة "سيستيما" نحو 30 في المائة خلال يوم واحد.
ويرى إيغور سيتشين، رئيس مجلس إدارة "روسنفت" أن قضية مجموعة "سيستيما" لن تؤثر سلباً على المناخ الاستثماري في البلاد، بل على العكس، لأنها تؤكد الشفافية في الاقتصاد الروسي. وفي تعليقه على التقرير حول هروب الاستثمارات من أسواق الأصول الروسية، كان دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، حريصاً على حصر المشهد ضمن تقلبات طبيعية تشهدها الأسواق، وقال للصحافيين إن الكرملين ما زال يعتقد أن تقلبات محددة في السوق متوقعة دوماً، ورؤوس الأموال تتدفق إلى البلاد ومنها بهدوء، وأضاف أن هذا إلى حد كبير مسألة تنافس. كما نفى المتحدث باسم الكرملين التأثير السلبي للنزاع بين "روسنفت" و"سيستيما" على المناخ الاستثماري في البلاد، وقال إن النزاع يجري ضمن المحاكم، ولا يمت بأي علاقة للمناخ الاستثماري في البلاد.