أسواق النفط

استقبل رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، السبت، وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية خالد عبد العزيز الفالح، والوفد المرافق له، وتقول مصادر سياسية في بغداد إن الزيارة مخصصة للتباحث في العلاقات الثنائية وشؤون الطاقة بين البلدين، فيما ترجّح بعض المصادر الاقتصادية أن تركّز زيارة الوزير السعودي على قضية إنتاج النفط في المرحلة المقبلة بعد دخول العقوبات الأميركية ضد إيران حيز التنفيذ , وهذا ما لمحت إليه وزارة النفط العراقية التي قالت السبت، إن "العراق والسعودية اتفقا على العمل معًا لتحقيق الاستقرار في الأسواق العالمية".

وكان الوزير السعودي وصل إلى بغداد صباح السبت، على رأس وفد رفيع، وكان في استقباله نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط ثامر عباس الغضبان , وسبق للوزير خالد الفالح أن زار العراق في شهر مايو / أيار 2017، في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي , وتزامنت الزيارة مع افتتاح أعمال معرض بغداد الدولي في دورته الـ45 ,  وقال وزير التجارة العراقي محمد هاشم العاني على هامش افتتاح المعرض، إن "أكثر من 17 دولة و20 جهة محلية شاركت في معرض بغداد في دورته الحالية".

و قال رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، خلال كلمة ألقاها في افتتاح معرض بغداد، إن "العمل على تطوير الاقتصاد العراقي، وتوفير بيئة استثمارية مناسبة لإطلاق المشاريع، من أولويات برنامج حكومته المقبل" , وأضاف أن "العقبات لا تزال قائمة للقيام بمشاريع استثمارية، وأدعو للمساهمة في إعادة الإعمار لتحقيق الفائدة للجميع، معركتنا اليوم هي فرض النظام وتطبيق القانون، ولا نريد اقتصاد السلعة الواحدة"، معتبرًا أن "الحروب دمرت البنى التحتية والعراق لا يتحمل مسؤولية البناء وحده".

وانتقد عبد المهدي، في أوقات سابقة وقبل تسنمه منصب رئاسة الوزراء، الاتجاه الأحادي المتمثل في الواردات النفطية الذي يعتمد الاقتصاد العراقي عليه، والتزم في برنامجه الحكومي الذي طرحه أمام مجلس النواب الشهر الماضي، بمسألة التنويع في المداخيل المالية للبلاد وليس الاعتماد على موارد النفط فقط.

واعتبر أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية عبد الرحمن المشهداني، أن زيارة وزير الطاقة السعودي خالد الفالح "على مستوى عالٍ من الأهمية، ليس لتزامنها مع افتتاح معرض بغداد، وإنما لتزامنها مع وصول إدارة جديدة إلى ملف النفط في العراق، ممثلة في الوزير ثامر الغضبان وبدء العقوبات ضد إيران" , ويرى المشهداني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن " ثمة اهتمامًا من الدول المنتجة للنفط، ومنها السعودية والعراق، بتنظيم سوق النفط العالمية خلال مدة الـ180 يومًا الممنوحة من قبل الولايات المتحدة الأميركية للدول المستوردة للنفط الإيراني".

ويعتقد أن " العراق دولة واعدة في مجال النفط، وقد قامت بإنتاج أكثر من 300 ألف برميل خلال الشهرين الأخيرين، كما أن إجمالي صادراتها وليس إنتاجها يتوقع أن يصل إلى 4 ملايين برميل من الحقول الجنوبية فقط " , واستنادًا إلى هذه المعطيات، يعتقد المشهداني أن "العراق اليوم يشكل أحد أهم عناصر التوازن العالمية في السوق النفطية، وبإمكانه تعويض الحصة الإيرانية إذا دخلت العقوبات الأميركية ضد إيران حيز التنفيذ الكامل في الأشهر المقبلة".

وأكد عاصم جهاد الناطق الرسمي باسم وزارة النفط العراقية في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، أن "وزير الطاقة السعودي خالد الفالح حمل رسالة دعم للحكومة العراقية من الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مختلف المجالات والميادين والقطاعات، بما فيها القطاعان النفطي والكهربائي" .

 وأضاف جهاد أن "الفالح أكد خلال المحادثات التي أجراها مع وزير النفط ثامر الغضبان، أن هناك نقلة جديدة في العلاقة بين البلدين الشقيقين من خلال استعداد الشركات السعودية الرسمية والقطاع الخاص والمستثمرين إلى دخول مجالات الاستثمار في العراق، مع توفير البيئة الآمنة لذلك، بالإضافة إلى الربط الكهربائي بين البلدين" .

 وأوضح أن "من بين ما تم بحثه هو إشراك أرامكو وسابك السعوديتين في مشاريع الصناعات النفطية، بالإضافة إلى الغاز والصناعات المعدنية " , وبشأن استقرار السوق النفطية، أكد جهاد أن الوزيرين بحثا التنسيق المشترك بين البلدين على صعيد الحفاظ على استقرار السوق النفطية , وبشأن الفوائد المترتبة على انطلاق فعاليات معرض بغداد الدولي في دورته الجديدة، يرى المشهداني أن المعرض " يوفر فرصة جديدة للعراق لجلب الاستثمارات وإقناع الدول بالعمل في العراق، كما أنه يمكن أن يوفر فرصة للتبادل التجاري وجلب الوكالات التجارية للشركات الكبرى التي يخلو العراق منها اليوم ".

ويشير إلى أن "العراق كان من أكبر الدول التي فيها وكالات تجارية لأكبر الشركات العالمية، لكن الحروب وظروف عدم الاستقرار المتواصلة حرمته من ذلك، وأدت عمليًا إلى تحويل تلك الوكالات وجهتها إلى الدول الإقليمية والمجاورة للعراق".

وقال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد، إن العراق والسعودية اتفقا السبت، على العمل معًا من أجل تحقيق الاستقرار في أسواق النفط، دون ذكر مزيد من التفاصيل , وأضاف أن وزير النفط العراقي ناقش مع وزير الطاقة السعودي، خلال اجتماع في بغداد، ربط شبكة كهرباء بين البلدين لتلبية احتياجات العراق من الكهرباء.

والتقى وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أيضًا مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي. ويضخ العراق حاليًا نحو 4.6 مليون برميل نفط يوميًا، وهو ثاني أكبر منتج بعد السعودية في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).

ويصدر العراق معظم نفطه عبر الموانئ الجنوبية، وهو ما يمثل أكثر من 95 في المائة من إيرادات الدولة , وقال وزير النفط العراقي ثامر الغضبان الأسبوع الماضي، إن العراق يخطط لزيادة إنتاج النفط وطاقة التصدير في العام المقبل مع التركيز على الحقول الجنوبية، مضيفًا أنه يقترب من إبرام اتفاق مع شركات عالمية.

ويستهدف العراق الوصول إلى طاقة إنتاج 5 ملايين برميل يوميًا في 2019، في حين من المتوقع أن يسجل متوسط الصادرات نحو 3.8 مليون برميل يوميًا , ويوم الخميس، منحت الولايات المتحدة، العراق، إعفاء من العقوبات المفروضة على إيران لمدة 45 يومًا , ويتيح هذا الإعفاء للعراق مواصلة شراء الغاز الطبيعي والكهرباء من إيران.

وقالت السفارة الأميركية في بغداد على صفحتها بموقع "فيسبوك" " يقدم هذا الإعفاء الوقت للعراق للبدء في أخذ خطوات نحو الاستقلالية في مجال الطاقة "