أبو ظبي ـ سعيد المهيري
طرحت مؤخرا، ومن جديد، إمكانية فرض ضريبة قيمة مضافة تتراوح بين 3 إلى 5% على القطاعات الإنتاجية في الدولة وذلك بالتنسيق مع دول مجلس التعاون . وقال يونس خوري وكيل وزارة المالية إن دول المجلس تعمل على توحيد الآلية والسقف للضرائب غير المباشرة التي يمكن فرضها خلال المرحلة .
وتباينت آراء خبراء مال ورجال أعمال حول الطرح المحتمل لضريبة القيمة المضافة في الدولة ضمن إطار دول مجلس التعاون .
وأكد بعض الخبراء ورجال الأعمال إن لفرض الضريبة انعكاسات إيجابية مهمة أبرزها الحد من الممارسات الاستهلاكية السلبية في السوق المحلي، إضافة إلى إعادة تدوير حصيلة الضرائب في مشاريع تنموية تصب في صالح الاقتصاد والمجتمع وتعود بالنفع على الجميع .
وفي الوقت الذي رأى فيه بعضهم أن فرض ضريبة القيمة المضافة يمكن أن تكون له انعكاساته السلبية على التنافسية . لفت آخرون إن هذا الاحتمال مستبعد، خاصة أن التطبيق سيكون ضمن إطار موحد بين دول المجلس، كما أن نسبة الضريبة المتوقع طرحها محدودة، وبالتالي فإن تأثيرها في التنافسية سيبقى ضمن حدود مقبولة .
يؤكد الرئيس التنفيذي لشركة "الشعالي مارين"، الدكتور سلطان عبدالله الشعالي أن فرض ضريبة قيمة مضافة لا يتم بعيداً عن مؤثرات أخرى يجب أن يتم أخذها في الحسبان عند فرض هذه الضريبة، مشيراً إلى أنه من الضروري أخذ أبعاد أخرى كالأرباح والخسائر والتكاليف التشغيلية في عين الاعتبار إضافة للقيمة المضافة الفعلية للمنتجات والخدمات .
ولفت الشعالي، إلى أنه لابد قبل فرض هذه الضريبة أن تتم دراسة أبعادها وتأثيراتها بشكل مستفيض، حيث لابد من استقصاء آراء أصحاب المصلحة بشكل نضم معه تطبيق جيد للضريبة من دون تأثيرات سلبية في مجتمع الاقتصاد والأعمال للحفاظ على الميزات التنافسية للإمارات كدولة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، وهو ما يظهر في كل التشريعات التي تصدرها الحكومة الاتحادية والتي تهدف إلى تعزيز قدرات الدولة التنافسية وتحقيق التنمية الشاملة وفقاً لرؤية الإمارات 2021 .
أكد عضو مجلس دبي الاقتصادي، رئيس مجلس إدارة شركة "دوكاب"،الدكتور أحمد بن حسن الشيخ، أن الإمارات قد بنت سمعتها وجاذبيتها الاستثمارية على مدار عشرات السنوات الماضية على أنها دولة خالية من أية ضرائب سواء على الشركات أم فيما يتعلق بإقرار ضريبة القيمة المضافة، وبالتالي فإن إقرار ضرائب من أي نوع سيساهم في الإضرار بهذه السمعة والميزات التي تتمتع بها الإمارات .
وأضاف، من ناحية أخرى فإنه وفي حال تطبيق ضريبة القيمة المضافة فإن التوقعات المتفائلة تشير إلى زيادة في نسبة التضخم تتراوح بين 1 إلى 5 .1% ستضاف إلى معدلات التضخم الأخرى المترتبة على زيادة نفقات التشغيل أو غيرها من عوامل زيادة التضخم المعروفة . وبين الشيخ "يدور الحديث عن ضريبة قيمة مضافة تتراوح بين 3 إلى 5% وهذه الضريبة سيكون لها مردود سيئ على قطاع السياحة الذي يمثل القوة الشرائية الأكبر في الإمارات والذين من حقهم استراد هذه الضريبة فيما بعد .
وأوضح أن إقرار ضريبة ما يكون بدافع زيادة الدخل الحكومي وأرى أن حكومة الإمارات ليست في حاجة لذلك، لكن يمكن طرح فكرة زيادة الدخل الحكومي من خلال بدائل أخرى يمكن التشاور بها .
وأعلن الدكتور أحمد بن حسن الشيخ إذا راجعنا قائمة الدولة التي تطبق ضريبة القيمة المضافة نرى أن نسبة كبيرة منها بدأت في تخفيض قيمة هذه الضريبة، لذا فإن الإمارات ليس من مصلحتها وليس من المناسب إقرار ضريبة، خاصة مع وجود بدائل أخرى يمكن طرحها للنقاش من بينها الرسوم على سبيل المثال لا الحصر .
وأعلن رئيس شركة بروج للتطوير العقاري إسماعيل أحمد إنه عند التفكير بفرض أي ضريبة يجب دراسة كافة الجوانب التي تتعلق بجميع الأطراف سواء المستهلك او المنتج وانعكاس مجمل ذلك على الاقتصاد الوطني بشكل عام .
وأضاف إن فرض الضريبة سيكون له انعكاس على أسعار العقارات الذي سينتج عن ارتفاع أسعار المواد الأولية مشيرا إلى أنه على الرغم من حق الجهات المختصة بفرض هذه الضرائب إلا أن ذلك من شأنه أن يشكل عائقا أمام تدفق رؤوس الأمول إلى الدولة . وأوضح أحمد أن فرض هذه الضريبة قد يساهم في الحد من الممارسات الاستهلاكية الخاطئة لبعض الأفراد ويوفر المزيد من السيولة لتمويل مشروعات التنمية المستدامة إلا أن السلبيات المتمثلة في ارتفاع الأسعار وزيادة الأعباء على المستثمرين قد يكون لها انعكاسات سلبية على مجمل الاقتصاد الوطني .
أكد الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لمكتب التجارة السويسري في الإمارات وفا حجاوي، إن فرض ضريبة مضافة من الممكن أن يعمل على ترشيد وتوجيه استهلاك السلع، ولاسيما الضرورية، ولكن يجب أن يكون ذلك داخل إطار الحفاظ على الميزة التنافسية للإمارات، فهذا النوع من الضرائب يكون بمثابة أداء ترشيد وتوجيه للاستهلاك في بعض الدول .
وأشار إلى أن لا تخوفا من ارتفاع معدلات التضخم في الدولة في حال فرض هذه الضريبة، وذلك لأن الفرض سوف يكون في أضيق الحدود، وأن الكثير من الدول التي تفرض مثل هذه الضريبة لم يحدث بها معدلات تضخم عالية، متوقعا أن يتم دراسة الموضوع بشكل دقيق من قبل المسؤولين للتأثيرات السلبية قبل الإيجابية وذلك للحفاظ على الميزة التنافسية للسوق الإماراتي .
وأضاف رئيس قسم استشارات الضرائب لدى "إرنست ويونغ العالمية" شريف الكيلاني إن الحديث عن ضريبة القيمة المضافة بدأ قبل فترة طويلة، وما ينتظر في المرحلة الحالية هو إتمام التنسيق بين دول مجلس التعاون لطرح ضريبة القيمة المضافة في دول المنطقة ولفت إلى أن التخوف في السابق كان من تأثير تطبيقها في دولة دون أخرى على تنافسية الدولة التي تطبقها خاصة في ظل الاتفاقيات الجمركية وحرية حركة السلع بين دول المجلس .
ويرى الكيلاني أن تطبيق القيمة المضافة سينعكس إيجابا على اقتصاد الإمارات، خاصة أن الحديث عن نسب مقبولة، وأكد أن فلسفة فرض الضريبة ليست "جباية"، وإنما هي سوف تنعكس على سكان الدولة في نهاية المطاف، فما سيتم جمعه من الضريبة سوف ينفق على خدمات تعود بالنفع على سكان الدولة .
ولفت إلى أن عددا من السلع سوف يعفى بطبيعة الحال من ضريبة القيمة المضافة، أو سيكون عليه ضريبة صفرية، خاصة السلع والخدمات الأساسية، والمنتجات المدعمة التي لا يجوز فرض الضريبة عليها .
وأوضح رئيس مجلس الأعمال الأردني في دبي إحسان القطاونة إن إمكانية فرض ضريبة القيمة المضافة على بعض المنتجات والبضائع يحتاج إلى دراسة بحثية عميقة لمعرفة الأبعاد والآثار المستقبلية في جميع المستهلكين سواء من المواطنين أم الوافدين .
وأضاف القطاونة أن المعرفة الاستباقية للآثار السلبية والإيجابية لهذه الضريبة المفروضة على المنتجات والبضائع والخدمات يمكن أن تساعد في تجنب التأثيرات السلبية، حيث يمكن أن تتم من خلال دراسة مستفيضة .
وأشار إلى أنه يمكن أن يأثر الطرح المحتمل لضريبة القيمة المضافة سلبا في التدفقات النقدية والاستثمارية والتجارية إلى الدولة، ولاسيما أن الأفراد من المستثمرين و المستهلكين يبحثون عن بيئة تنافسية في حين قد يأثر فرض هذه الضريبة في اختيار الأفراد . وأكد أنه لطالما كانت الإمارات من أولى الدول في تبني الأنظمة والبرامج التي تعزز البيئة الاستثمارية وتطور الاقتصاد العام بقطاعاته المختلفة ولهذا لن يتم فرض أي قوانين غير متناسبة مع الوضع الاقتصادي العام .