دبي - صوت الإمارات
توقّعت دراسة حديثة أنَّ يصل إجمالي إنفاق مستثمري المنطقة على العقارات التجارية الخارجية إلى 180مليار دولار، خلال السنوات العشر المُقبلة.
وأشارت دراسة لشركة "سي بي آر أي" المتخصّصة في الاستشارات العقارية إلى أنَّ القارة الأوروبية سيكون لها نصيب الأسد من إنفاق مستثمري المنطقة بحصة تصل إلى 80 % من إجمالي هذه الاستثمارات، أي نحو 145 مليار دولار في حين ستكون بريطانيا محطّ الاهتمام الأكبر من حيث الدولة، ويتوقع أنَّ تستقبل نحو 85 مليار دولار من الاستثمارات في عقاراتها التجارية خلال هذه الفترة.
وتقدر الشركة أنَّ نحو 18 مليار دولار من الاستثمارات العقارية سوف تتدفق إلى المنطقة خلال هذه الفترة بمعدل سنوي يصل إلى 1.8 مليار دولار، وهي قيمة أعلى من الـ1.2 مليار دولار التي استثمرت في العام 2013، التي كانت في حد ذاتها مرتفعة وفقًا للمعايير الحديثة.
وأكد العضو المنتدب لشركة "سي بي آر سي" في المنطقة، نيكولاس ماكلين، أنَّ أكثر من 60 مليار دولار يتوقّع أنَّ تتجه لأسواق أوروبية أخرى مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا خاصةً أنَّ أسعار العقار في القارة العجوز تعدّ مغرية جدًا اليوم بعد سنوات من الركود والأزمة التي أثرت في القطاع عامةً.
وصرّح ماكلين في تصريحات خلال قمة الاستثمارات العقارية، التي عقدت أمس على هامش معرض "سيتي سكيب غلوبال" إنَّ الأوضاع الاقتصادية الجيدة التي تعيشها دول مجلس التعاون وتوفر السيولة الكافية إضافة إلى جاذبية الأسواق الأوروبية ستدفع مستثمري المنطقة إلى هذه الأسواق، موضحًا أنَّ أسواق العقارات العالمية شهدت تدفقًا كبيرًا من رأس المال المُقبل من الشرق الأوسط، حيث تمّ استثمار 45 مليار دولار ما بين العام 2007 ونهاية العام 2013.
وأضاف ماكلين، إنَّ صناديق الثروة السيادية الشرق أوسطية تعدّ من بين الأكبر والأكثر تأثيرًا في العالم لرأس المال، ممثلة بـ35٪ من أصول صناديق الثروة السيادية الخاضعة للإدارة على الصعيد العالمي.
وعند المقارنة مع صناديق الثروة السيادية الغربية والآسيوية، تخصّص صناديق الشرق الأوسط حاليًا أصغر حصة (9٪ من إجمالي المحفظة) للأصول البديلة.
وأي زيادة أخرى في التخصيص ولو كانت صغيرة ستمثل تدفقًا كبيرًا من رؤوس المال التي من شأنها أنَّ يكون لها تأثير كبير في سوق العقارات التجارية العالمية.
وتشكل الاستثمارات العقارية في صناديق الثروة السيادية العالمية نحو 7.9٪ وعند تطبيق هذه النسبة على 2.2 تريليون دولار تمثل الأصول المدارة من قبل صناديق الثروة السيادية الشرق أوسطية فإنها تصل إلى 175 مليار دولار.
وخلال جلسات القمة أشار الخبراء المشاركون فيها إلى سيناريوهات متعددة ستلجأ إليها الصناديق السيادية تجاه القطاع العقاري وخاصة في ما يتعلق بحجم استثمارات هذه الصناديق التي يتوقع أنَّ تتراوح بين 130-140 مليار دولار خلال العقد المُقبل.
وأكد ماكلين: "تترك الأسواق العقارية غير الناضجة نسبيًا في منطقة الشرق الأوسط ثغرة في العرض تدفع المستثمرين المحليين المسلحين بالسيولة الكبيرة نحو الاستثمار في القطاعات البديلة وخارج منطقتهم، وهذا التغيير في استراتيجية الاستثمار هو السبب الرئيس وراء النمو المفاجئ في التدفقات نحو العقارات العالمية ولماذا ستصب المليارات في الأسواق العالمية في السنوات المُقبلة".
وأضاف: "منذ الأزمة المالية العالمية، أصبحت صناديق الثروة السيادية الشرق أوسطية واحدة من أهم مصادر رأس المال في المشهد العقاري العالمي، ووجدت هذه الأموال أنَّ أسواق الأسهم متقلبة جدًا وأنَّ أسواق السندات ذات عائد منخفض جداً، بينما تقدم العقارات فرصة هائلة، خاصة أنَّ المنافسة أصبحت أضعف بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة، فاليوم، يحدد المستثمرون السعر".
وأكمل ماكلين إنه وخلال العام الماضي توجّهت قرابة 90٪ من جميع الاستثمارات العقارية التجارية من الشرق الأوسط الخارجية إلى أوروبا، وهو ما يعد تناقضًا حادًا مع رأس المال الآسيوي الذي أصبح وعلى نحو متزايد متنوعًا جغرافيًا خلال الأشهر الـ18 الماضية، وفي حين ستكون هناك زيادة في مخصّصات الأميركتين ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإنَّ غالبية 80٪ الاستثمار المباشر من الشرق الأوسط ستستهدف أوروبا، حيث إنها توفّر التنويع، والقبول الثقافي، والسيولة العالية، والشفافية في السوق.
وخلال القمة أكد رئيس أسواق رأس المال لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في "سي بي آر إ"، جوناثان هول: "إنَّ الغالبية العظمى من مستثمري الشرق الأوسط هم لاعبون على المدى الطويل ممن يبحثون عن الحفاظ على الثروة والأصول القوية المدرة للدخل العالي، على خلاف المستثمرين المنتهزين للفرص السريعة الذين يسعون لتحقيق مكاسب دورية على المدى القصير، وهذه الاستراتيجية تفضل المباني الرئيسة في الأسواق المركزية وبأحجام كبيرة جدًا في كثير من الأحيان، وللمكاتب مكانة رئيسة في عمليات الاستحواذ، بينما في العامين الماضيين كان هناك قدر أكبر من الاهتمام في مجال تجارة التجزئة كما توضح من سلسلة من عمليات الاستحواذ الرفيعة المستوى في لندن وباريس، فضلاً عن مدن المحافظات في المملكة المتحدة وفرنسا، إضافة إلى ذلك هناك اهتمام ملحوظ بالفنادق وهو امتداد لعلاقاتهم مع قطاع الضيافة في أسواقهم الأم".
وأوضحت أيرينا بيليبشاك، من قسم أبحاث التجزئة لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في "سي بي آر إي" أنَّ الثقافة والانفتاح وقوانين الضرائب المواتية تشكل عوامل دافعة للمشترين في الشرق الأوسط نحو أوروبا والمملكة المتحدة على وجه الخصوص.
وتعد العلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية الوثيقة، فضلاً عن القرار الأخير في بريطانيا بأنَّ تصبح أول دولة غير مسلمة لإصدار السندات الإسلامية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، عوامل ترسخ مكانتها الوجهة المفضلة لرأس المال من الشرق الأوسط في أوروبا.
وأوضحت دراسة "سي بي ار أي" أنَّ مستثمري الشرق الأوسط بحاجة للتنويع بعيدًا عن الاستثمارات التي يهيمن عليها الدولار الأميركي؛ حيث تعدّ أسواق العقارات الأوروبية الجذابة هي خيار مثالي للأصول.
من جهة أخرى، فإنّ مزايا التنويع التي توفرها منطقة آسيا المحيط الهادئ قد تؤدي إلى تغيير في استراتيجية بعض مستثمري الشرق الأوسط، فأعداد الصفقات المنجزة في هذه المنطقة في ازدياد، ولكن يظل أنَّ نرى ما مدى سرعة تبلور هذا الاهتمام إلى عمليات استحواذ قوية، بدلاً من عدد قليل من الصفقات الكبيرة للأصول.
وتتوقع "سي بي آر إي" أنَّ الـ10٪ المتبقية من الـ180 مليار دولار سيتمّ تخصيصها للاستثمار في آسيا المحيط الهادئ.
واستبعد نيكولاس ماكلين حدوث فقاعة عقارية في المنطقة، حيث تتحرك الأسعار حالياً وفق قاعدة العرض والطلب بالنسبة لدبي والإمارات عامةً، وأكد ماكلين: "إنَّ أسعار العقارات في دبي تأخذ حاليًا اتجاهًا صعوديًا وهو واقع تحكمه عوامل السوق التي شهدت تدفقات استثمارية فعّلية من دول عدّة تأثرت بالأحداث السياسية"، موضحًا أنَّ الإجراءات التي اتخذتها حكومة الدولة كفيلة بمنع المضاربات التي تؤثر في السوق.
وأضاف أنه ومع تحرك السوق في هذا المناخ الإيجابي فإنَّ عوائق وتحديات التمويل ستشهد المزيد من المرونة خاصةً أنَّ المصارف ومؤسسات التمويل تمتلك اليوم قاعدة كبيرة من الودائع تتيح لها توفير تمويلات ملائمة للمشاريع والاستثمارات العقارية.